الباعة الجائلون ينتصرون للمحتجين بتقديم الوجبات بأسعار رمزية

احتجوا على زحزحتهم خارج الميدان.. ويتمنون أن يطول أمد المظاهرات

TT

عكس ما أشيع عن تناول المتظاهرين لوجبات غذائية مرتفعة الثمن من محلات عالمية شهيرة مثل «كنتاكي» أو «هارديز».. فإن ميدان التحرير (معقل المظاهرات) أصبح الآن يعج بالباعة الجائلين الذين يفترشون الأرض بالمأكولات الشعبية زهيدة الثمن، وتشكل الزاد الأساسي للمتظاهرين الذي يعينهم على البقاء على الاعتصام، الذي دخل أسبوعه الثالث على التوالي.

فعلى الأرصفة وفي زوايا الميدان انتشرت عربات الكشري، وكراتين عليها أطباق تكتظ بساندويتشات الفول والطعمية، وبرادات الشاي السريع، كما انتشرت عربات الترمس والفيشار وحمص الشام والبطاطا الساخنة.. أحد أهم المأكولات التي تنتشر في جميع جنبات الميدان والشوارع المحيطة به. بالإضافة إلى بائعي كروت الشحن، ولم يخل الأمر من وجود بعض المتسولين يمرون بين المتظاهرين لطلب المساعدة والعون.

البائعون الذين استفادوا من هذا التجمع وروجوا لسلعهم محققين أرباحا كبيرة في هذه الفترة الوجيزة، مجسدين عبارة «مصائب قوم عند قوم فوائد» بالحرف الواحد، قالوا إنهم يقومون بدور لا يقل عما يفعله المتظاهرون في الميدان، فهم يقدمون لهم المساعدة والعون، كما أنهم بالتأكيد يسعون لتحقيق الأرباح، في منطقة كان قبل ذلك محظورا عليهم البقاء فيها ولو لدقيقة بسبب الأمن.

أحمد إبراهيم، يبيع مقرمشات وبسكويتا، يقول «قيمة كل كيس من هذه تقدر بجنيهين، أبيعها بجنيه واحد للمتظاهرين، دعما لهم وتضامنا معهم». وأكد «أن 90 في المائة من الباعة الجائلين ليس هدفهم التربح وإنما تقديم العون للمتظاهرين ومساعدتهم على الاستمرار في المطالبة بحقوقهم التي هي حقوق كل المصريين، والتي بالطبع ستعود بالنفع على الجميع ونحن منهم». وبعفوية لفت إبراهيم إلى إحدى المشكلات التي يعاني منها الشباب، فبحسب قوله «هناك الكثير من الباعة الجائلين بالميدان حاصلون على مؤهلات عليا ومتعلمون أتوا بالغذاء والمشروبات ويبيعونها بنفس التكلفة دعما لهؤلاء الشباب حتى يستمروا في صمودهم وكيلا يغادروا المكان، وهذا أفضل من أن يستسلموا للبطالة التي تفشت في المجتمع».

أما جلال محمد، بائع الكشري، فقال «بالتأكيد حققت أرباحا ومبيعات كبيرة من وراء هذا العمل فأنا مقيم في الميدان منذ بداية الاحتجاجات في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي منطقة كان من المستحيل أن أتخيل أن أتواجد فيها، لكني لا أستغل الموقف والظروف الحالية، بل أبيع بنفس الأسعار العادية، فهؤلاء الشباب يكفيهم معاناتهم في المبيت يوميا والهتاف من أجل تحقيق النهضة لمصر». «هؤلاء الشباب أقنعوني بأن ما يفعلونه هو من أجلنا وأن هذه المظاهرات ستتيح لنا الحصول على فرص عمل أفضل»، بهذه الكلمات برر أحمد مصطفى سبب وجوده ليل نهار في الميدان، وقال «آمل مع انتهاء هذه المظاهرات أن يكونوا عند حسن ظنهم ويوفوا بوعودهم، وأن تحسن المظاهرات بالفعل من أوضاع البلد».

في المقابل، تشكك ياسر، بائع الشاي، في الأمر، قائلا «أنا لا أفهم توجهات هؤلاء الشباب، لكني أحييهم، وبصراحة أنا قلق خاصة أن بينهم أجانب كثيرين، واستمرارهم على هذا الشكل يوميا قد يعرض البلاد للخطر»، على حد قوله.

كما ينتشر في وسط الميدان بائعو الأعلام، وتتراوح أسعار العلم الصغير ما بين خمسة جنيهات والكبير بعشرة جنيهات، وهي بالفعل أرخص من أسعار الأعلام في أيام المباريات.

لكن مع انتشار هذا العدد الرهيب من البائعين وتحول الميدان إلى ما يشبه ساحة ملاه أو حديقة عامة، كما وصفه أحد المتظاهرين، خاصة أمس (الثلاثاء).