وزير خارجية اليمن: ما جرى في تونس ومصر لن يحصل لنا

قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن جولته في إطار التحضير لمؤتمر أصدقاء اليمن بالسعودية

أبو بكر القربي
TT

استبعد وزير خارجية اليمن ألدكتور أبو بكر القربي أن يحصل في اليمن ما حصل في تونس أو ما يحصل في مصر. وشدد على أن الرئيس علي عبد الله صالح «لا يعتمد على الدعم الخارجي» وعلى أن ما يقوم به «ينطلق من مصلحة» اليمن ما يعني ضمنا أنه ليس مرتبطا بمطالب خارجية تصدر من هنا أو هناك.

وفي حوار مع «الشرق الأوسط» تم في أحد صالونات مطار رواسي - شارل ديغول، لدى مغادرة الوزير باريس بعد انتهاء محادثاته مع المسؤولين الفرنسيين وآخرهم نظيرته ميشيل أليو ماري عرض أولويات بلاده وتوقعاتها من اجتماع «مجموعة أصدقاء اليمن» الذي سيعقد الشهر القادم في الرياض وبدعوة من المملكة العربية السعودية وتركيزها على قضايا ثلاث: التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر والبطالة ومحاربة الإرهاب. وجاءت زيارته لفرنسا في إطار جولة أوروبية أنهاها أمس في إيطاليا. وشدد الوزير اليمني على أهمية الاستقرار في بلاده الذي هو حاجة محلية وإقليمية ودولية.

* ما أهداف الجولة التي تقوم بها في أوروبا حاليا؟

- هذه الجولة تقع أولا في إطار تبادل وجهات النظر في مختلف القضايا الإقليمية والدولية وفي إطار التحضير لاجتماع الرياض لأصدقاء اليمن في شهر مارس (آذار) المقبل. كما تعلم، ثمة مجموعة من البلدان الأوروبية من بين مجموعة «أصدقاء اليمن» ومنها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.. جئنا لنوضح الموقف اليمني من اجتماع الرياض والذي ستدعو إليه المملكة العربية السعودية لضمان المشاركة، أولا، على أعلى مستوى، وثانيا البحث في تلبية الاحتياجات اليمنية في إطار التنمية والإصلاحات ومكافحة الإرهاب.

* هل يمكن أن تكون أكثر تفصيلا لجهة ما يطلبه اليمن من الاجتماع؟

- الطلب الرئيسي هو مساعدتنا في قضايا النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر والبطالة. هذه هي التحديات الرئيسية التي أدت إلى ما نشهده في اليمن اليوم من ظاهرة الإرهاب والتطرف والأزمات السياسية التي تعكس حقيقة طموحات الشعب اليمني في العيش الكريم وتحسن أوضاعه المعيشية.

* هل هناك رقم معين لما يطلبه اليمن من مساعدات؟

- نحن بالتأكيد نحتاج للمساعدات في القضايا الرئيسية الثلاث وأولها مرتبطة بالاقتصاد والنمو الاقتصادي ولدينا تصور للتوصل إلى تحقيق هذا الهدف عبر خطة تتضمن 25 مشروعا لكل منها تكلفة مالية. والثاني مرتبط بمكافحة الفقر وإيجاد فرص العمل ما يحتاج إلى توفير خدمات وبنى تحتية في العديد من المناطق اليمنية. أما الجانب الثالث فهو المرتبط بالموضوع الأمني ومكافحة الإرهاب والقرصنة وحماية الحدود وما يتصل بكل ذلك. وهناك دول مهتمة بمجموع هذه الجوانب وأخرى راغبة في المساعدة في جانب محدد. ولذا، فإن جميع هذه المعطيات ستطرح على الطاولة بمناسبة اجتماع أصدقاء اليمن الشهر القادم ونحن نأمل التزام الدول والهيئات المشاركة في دعم المشاريع المقترحة.

* اسمح لي أن أعود إلى السؤال السابق. هل لديكم تصور لرقم معين للمساعدات يطمح إليه اليمن في اجتماع الرياض؟

- لا أستطيع الآن أن أعطي رقما معينا ومسؤوليته تعود لوزارة التخطيط والتعاون الدولي.

* العالم العربي تجتازه أزمات في مشرقه ومغربه. ما نظرة اليمن لما هو جار حاليا فيه؟ وهل هناك تخوف في اليمن أن يحصل فيه ما حصل في تونس أو ما هو حاصل في مصر؟

- ما نشهده في العالم العربي هو، من وجهة نظرنا، نتيجة لثلاثة عوامل متصلة. والعامل الأول منها نسبة الشباب في هذه المجتمعات التي هي في تزايد مستمر. فنحن في اليمن مثلا لدينا نسبة شباب دون الـ25 من العمر تصل إلى 65 إلى 70 في المائة من السكان. وهذه النسبة المرتفعة لشريحة الشباب لا تقارن نفسها كما نحن نقارن أنفسنا بآبائنا الذين كانوا يعانون من ظروف أسوأ من ظروفنا. وشريحة الشباب تنظر إلى العالم وإلى تغيراته بفضل ثورة الاتصالات التي جعلت كل شيء في متناول أيديهم ومقارنة أوضاعهم بأوضاع من حولهم أسهل وبالتالي أوجدت لديهم نوعا من الإحباط. وهذا الإحباط لم تتنبه إليه الحكومات ولم تعالجه مما أفضى إلى الوضع الذي نشاهده الآن.

هل ما جرى في تونس ومصر سيحدث في اليمن؟ نعتقد أن الصورة في اليمن والتركيبة الاجتماعية مختلفة وذلك لسببين: أولا، أن المعارضة في اليمن مستمرة في حوار دائم مع الحكومة حول التحديات والأوضاع الاقتصادية وكيفية معالجتها. وثانيا، أن المظاهرات الاحتجاجية التي خرجت عندنا، وكما شاهدت ربما، قامت مقابلها مظاهرات معاكسة ومؤيدة للحكومة. فضلا عن ذلك، المظاهرات عندنا سلمية وفتحت الباب للحوار وللرئيس لكي يؤكد لليمنيين أن المخاوف التي قد تكون ظهرت بعد الأحداث في تونس ومصر تختلف عما هو في اليمن وأنه لا ينوي ترشيح نفسه ولا توريث عهده.

* هل لديك الشعور أن الرئيس اليمني ومعه الحكومة يحظى بالدعم الدولي الذي ترغبون فيه لتجاوز هذه الأوضاع المرتبكة وعلى ضوء المقولة التي تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية تتخلى عن أصدقائها في الملمات؟

- أنا لا أعتقد أن الأخ الرئيس يعتمد على الدعم الخارجي. أعتقد أنه في المقام الأول وكما شاهدنا في الأسبوعين الماضيين هو الذي بادر واتخذ القرارات التي يعتقد أنها تصب في مصلحة اليمن ووضع هذه المصلحة قبل أي اعتبار آخر أو أي تطمينات من الخارج. وما جاء من الخارج هو فقط تأكيد وترحيب بما اتخذه الرئيس من إجراءات.

* اليمن بلد استراتيجي لأكثر من سبب منها الإرهاب والموقع الجغرافي والقرصنة والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر.. واستقراره بالتالي ليس فقط موضوعا داخليا.

- بالتأكيد. أنا أعتقد أن هذا المعطى هو الذي أدى إلى وضع اليمن على خارطة الاهتمامات الدولية مما دفع رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون إلى الدعوة اجتماع لندن لمجموعة «أصدقاء اليمن» في يناير (كانون الثاني) قبل الماضي. عقب ذلك، حصل اجتماع نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي ثم جاءت الدعوة إلى اجتماع الرياض القادم. الجميع إذن يشعر بأهمية اليمن من حيث موقعه الاستراتيجي وقربه من دول مجلس التعاون ومن القرن الأفريقي وتحكمه بأحد أهم الممرات التجارية البحرية (البحر الأحمر). هذا كله وضع اليمن على الخارطة الدولية وجعل من الدول الكبرى، في نظرتها إلى اليمن تعي أن أي إخلال للاستقرار في اليمن ستكون له آثار ليس فقط على اليمن والمنطقة وإنما على العالم كله.

* هل لديكم شعور في اليمن أنكم في طريقكم للتغلب على تنظيم القاعدة في بلادكم؟

- أعتقد أن السؤال ينطوي على نوع من الظلم لنا. المفروض أن يوجه إلى قوى التحالف التي تحارب منذ سنوات الإرهاب ولم تستطع أن تقضي عليه.

الإشكالية، كما نراها نحن، ليست في قدرة اليمن ولكن في قدرة المجتمع الدولي على مواجهة هذه الظاهرة (الإرهاب) التي هي ظاهرة دولية التي ليس لها بعد وطني أو إقليمي وهو ما تظهره الأحداث المتعاقبة. ولذا، برأينا، يتعين أن تكون معالجة ظاهرة الإرهاب مختلفة بمعنى ألا تكون فقط في البعد الأمني وإنما أن تنطوي أيضا على البعد الاقتصادي والتنمية وعلى الجانبين الثقافي والديني والنفسي. وما لم ننظر إلى ظاهرة الإرهاب بأبعادها المختلفة ومن ضمنها تحقيق العدالة الدولية والتوزيع العادل للثروة في الداخل والخارج «ستبقى المعالجة ناقصة». وإذا نظرنا إلى المليارات التي صرفت على مكافحة الإرهاب، فلو وجه جزء بسيط منها لما تحدثت عنه، ربما كنا حققنا نجاحات أكبر.

* المرشد الأعلى للثورة الإسلامية دعا، في عظة دينية له قبل أيام، إلى قيام «شرق أوسط إسلامي» وإلى «نظام إسلامي» في تعليق له على ما تشهده مصر. كيف ينظر اليمن إلى هذا التطور علما أن هواجس اليمن معروفة نظرا لما حصل في شمال البلاد مع التمرد الحوثي؟

- إذا كان المرشد الأعلى يتحدث عن ثورة إسلامية بمفهوم الثورات المعتمدة على التخريب والعنف، فهذه ستكون مدمرة على العالم الإسلامي. وإذا كان يتكلم عن ثورة إسلامية تنطلق من العلم والمعرفة والحريات الديمقراطية وبناء المجتمعات التي تتحقق فيها العدالة والتكافل الاجتماعي فنحن في حاجة إلى ذلك. ولكن لسنا بحاجة إلى ثورات تعتمد العنف وتغيير الأنظمة باللجوء إليه... هذه ستكون نتائجها بعكس ما يريده الداعي لها أو المخطط لحصولها.

* هل لديكم معلومات أو دلائل أو مؤشرات على أن الحراك الجنوبي يستند أو يحظى بدعم خارجي؟

- نعم. هناك دعم خارجي يأتي من العناصر التي خرجت من اليمن بعد حرب عام 1994 الانفصالية. هي عناصر يمنية. ولا توجد لدينا معلومات عن دول هذا الدعم. ولكن هناك يمنيون مستقرون في عدد من الدول ويوفرون الدعم الذي أشرت إليه. وبرأينا أن مسؤولية الدول المعنية أن توقف وصول هذا الدعم. وبرأينا أنه لا تستطيع أي من هذه الدول أن تغض النظر عن تمويل للعنف.

* هل طلبتم ذلك من الدول المشار إليها؟

- نحن أوصلنا ووضحنا وجهة نظرنا لديها. ولا داعي لتسميتها.

* ثمة مقولة شهيرة للرئيس علي عبد الله صالح توجه فيها للقادة العرب وفحواها أن «احلقوا رؤوسكم قبل أن يحلقوا لكم». هل هو بصدد تطبيق هذا القول؟

- أعتقد أن الرئيس علي عبد الله صالح يقرأ الأحداث قراءة صحيحة ويعالج من منطلق الحكمة ومنطلق الحرص على اليمن ووحدته.

* هل يمكن استنتاج أنه ليست للقيادة قلق على مستقبل واستقرار اليمن؟

- لا أعتقد أن أي شخص مسؤول واع للمتغيرات الدولية يستطيع أن يقول إنه لا يوجد قلق. التغيرات التي تحصل تفرض على المرء أن يكون دائم الحرص على مراقبة الأحداث وتقويمها واتخاذ الإجراءات التي تمنع الساعين للاستفادة من وضع أي بلد لأجندات خاصة بهم. نحن في اليمن نتعامل من منطلق الحرص على علاقاتنا بكل الدول وعلى الاستقرار عند الأصدقاء والأشقاء. ولكننا في الوقت نفسه، نتعامل بالحرص على أن تنطلق قرارات اليمن من مصلحة اليمن ومن الإرادة اليمنية وأن تتجنب إتاحة الفرصة لأي طرف للتدخل في الشأن الداخلي اليمني.