السعودية: ثقافة «الإحباط» بين الوسط النسائي تدفع بهن إلى تنظيم ملتقى «نجاحكم إلهامنا»

انتشرت بينهن نتيجة الوضع الذي عاصرنه على مدى 30 عاما

معظم مداخلات حضور الملتقى دارت حول إحباط التجارب الناجحة (تصوير: سلمان المرزوقي)
TT

دفعت ثقافة «الإحباط» التي يعيشها الوسط النسائي السعودي بمجموعة من سيدات المجتمع في جدة إلى تنظيم ملتقى جمع نحو 50 سيدة على اختلاف شرائحهن العمرية والاجتماعية بهدف عرض تجارب ناجحة لنساء سعوديات استطعن شق حياتهن وسط تحديات كبيرة كانت تواجههن، في محاولة منهن للقضاء على تلك الثقافة، تحت عنوان «نجاحكم إلهامنا».

الملتقى الذي شهدته مدينة جدة أول من أمس، كان سببا في اجتماع هؤلاء السيدات على طاولات مستديرة أتاحت لهن مجال التعرف ببعضهن ومناقشة الكثير من القضايا ضمن حفلة «شاي» بسيطة تبنتها شركة بن زقر يونيليفر «ليبتون» ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية لديها، غير أنها تركت أثرا كبيرا في نفوسهن.

وتضمن الملتقى عرض ثلاث تجارب لكل من الدكتورة عائشة نتّو عضو الغرفة التجارية الصناعية بجدة، والإعلامية سمر فطاني رئيسة القسم التحريري للغة الإنجليزية في الإذاعة السعودية، إلى جانب لينا المعينا مؤسسة أول فريق رياضي نسائي بالسعودية.

وشمل العرض تجاربهن الحياتية والعوائق والعقبات التي واجهتهن في بداية مسيرتهن الحياتية والعملية، إلى جانب تقديم الكثير من النصائح والتوجيهات للحضور من الفتيات والسيدات، رغم أن معظم مداخلاتهن لم تخل من محاولات «إحباط» تلك التجارب نتيجة وجودهن في مجتمع ذي خصوصية.

الدكتورة عائشة نتّو، أكدت خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» على غياب دور الإعلام عن إبراز نجاحات المرأة السعودية تحديدا بالشكل المطلوب، الأمر الذي دفع إلى تفاقم إشكالية «الإحباط» الذي تعيشه النساء في المجتمع السعودي.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد أن تحدث مثل تلك الملتقيات في جميع الأوساط والمنشآت النسائية، وعدم اقتصارها على سيدات الأعمال فقط، حيث إنه من المفترض زيارة المدارس والجامعات واستهداف الفتيات على وجه الخصوص، ولا سيما أن الموجودات لم يكن يتوقعن وجود مثل هذه التجارب الناجحة».

وطالبت بوجود منظمات نسائية للفتيات لكونهن في حاجة إلى أن يسمعن ويشعرن بمدى التغيير الإيجابي الذي بدأت تشهده المرأة السعودية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة، لافتة إلى أن هذه المنظمات من شأنها أن تؤدي النتيجة المطلوبة.

وأرجعت عضو الغرفة التجارية الصناعية بجدة سبب انتشار الإحباط بين النساء السعوديات إلى الوضع الذي كانت تعيشه النساء على مدار 30 عاما مضت، مما كان سببا في تنامي هذه الثقافة لديهن، مستشهدة على ذلك بأنه خلال تلك الحقبة الزمنية لم تكن المثقفات والكاتبات يظهرن عبر وسائل الإعلام بصورتهن الحقيقية.

وأضافت: «ثمة فجوة كبيرة بين عناصر المجتمع النسائي لا يغطيها سوى الإعلام، وخصوصا أن المرأة السعودية في حاجة إلى المعرفة والقوة، وذلك من خلال التركيز على المعوقات التي تواجه النساء البارزات وكيفية تعاطيهن لحلولها وعدم الاكتفاء بعرض الإنجازات فقط».

ولفتت إلى أن الكثير من مداخلات حضور «نجاحكم إلهامنا» كانت تدور حول محاولات لإحباط التجارب الناجحة، إلا أن المتحدثات في العرض حاولن إقناعهن بوجود أمل كبير أمام المرأة السعودية لإثبات نجاحها، مؤكدة وجود تغيير خلال السنوات الخمس الأخيرة حتى وإن كان بطيئا ولكنه مثمر.

وفيما يتعلق بتكرار مثل هذه الملتقيات، أبانت الدكتورة عائشة نتّو أنه سيتم استهداف المرأة السعودية بجميع مستوياتها العمرية والاجتماعية من كاتبات ومعلمات وإعلاميات وطالبات، وذلك بهدف القضاء بشكل فعلي على ثقافة الإحباط التي تولدت لديهن.

بينما أكدت سمر فطاني على أن ظهور سيدات متعلمات ذوات كفاءات كغيرهن من سيدات العالم يعد من أهم التحديات التي واجهت المرأة السعودية، باعتبارها كانت نقطة البداية في دخولها إلى المجتمع الدولي والاعتراف بوجودها بين الدول الإسلامية وسيدات العالم.

وزادت: «إن مشاركة المرأة في الإعلام كانت سببا في فتح مجال للنظر في الكثير من القضايا والوقوف إلى جانب المتضررات من النساء بالمجتمع وتسليط الضوء على إنجازات المرأة السعودية».

وذكرت أن المرأة في الإعلام لم تحبط جراء الصعوبات التي واجهتها لحث المسؤولين ومطالبتهم بضرورة القرار السياسي لتصحيح وضع المرأة السعودية وتهيئة الفرص أمامها في شتى المجالات أو تأمين أقسام نسائية بجميع الدوائر الحكومية لضمان خدمة المرأة وتفعيل دورها بالمجتمع.

وبينت أن هناك عدة محاولات لإحياء الصالونات الأدبية في السعودية، إلا أنها تعتبر محدودة لكونها تواجه تحديات عدة على الرغم من أن أهدافها أدبية واجتماعية وليست سياسية، مشيرة إلى أن الدور المأمول من هذه الصالونات هو نشر الوعي والثقافة وتطوير الفكر وتبادل الآراء بين النساء لتنمية المجتمع.

في حين اعتبرت لينا المعينا المعارضين لرياضة المرأة في السعودية أنهم يستندون إلى العادات والتقاليد وسوء فهمهم للدين الإسلامي، وخصوصا أن تجربة تأسيس أول فريق رياضي نسائي بالسعودية (جدة يونايتد) تعد أكبر مثال لعطاء المرأة السعودية ومقدرتها على التميز في الكثير من المجالات وتخطي الصعوبات.

وزادت: «واجه نادي (جدة يونايتد) الكثير من الانتقادات التي كانت تدور في مجملها حول تصنيف النادي ضمن الأعمال الشيطانية وترسيخ العادات والتقاليد الغربية والانحراف عن العادات والأخلاق والدين الإسلامي»، لافتة إلى أن النادي يتعاون رسميا مع اتحادات رياضية عالمية في ظل وجود رعاة عالميين له.