خبز الباغيت الفرنسي يفلت من أشد الأزمات الاقتصادية وطأة

العشرينات من القرن الماضي تعتبر العصر الذهبي لهذا الرغيف

TT

فشل الخبز الذي ينتج بكميات كبيرة في الهيمنة على السوق الفرنسية، حيث لا تزال مبيعات الخبز من المخابز الصغيرة بالشوارع تمثل النسبة الأكبر.

ويعد مخبز جرينيه دي فيلكس في باريس الذي يتولى إدارته فرانك تومباريل، أوضح مثال على أن خبز الباغيت الفرنسي الهش يحتفظ الآن بجاذبيته في فرنسا.

ويقول تومباريل، وهو أصلا من مدينة كان لكنه أنشأ مشروعه التجاري في الحي رقم 15 بالتعاون مع زوجته قبل خمسة أعوام، «نبيع 1200 رغيف باغيت يوميا». وفي عام 2009، تم اختياره كصاحب أفضل مخبز وهو ما زاد نسبة الإقبال على مخبزه. وهو يقول: «زبائني باتوا يأتون الآن من كل حدب وصوب». غير أن بعض المنافسين لتومباريل شعروا بمدى التحدي الذي تمثله المخابز كبيرة الحجم، حيث يسعى المواطنون لشراء الخبز من محال السوبر ماركت خفضا للتكاليف.

ومع ذلك، لا يزال هناك نحو 33 ألف مخبز مؤهل يقوم بدوره التجاري، ويبلغ حجم المبيعات السنوية لهذه المخابز نحو 7 ملايين يورو (9.5 مليون دولار)، وتمثل المخابز التقليدية الصغيرة نحو ثلثي إجمالي التجارة في هذه الصناعة. والطريف في الأمر أن عدد المخابز الباريسية التي ترفض الآن قبول الدفع نقدا آخذ في التزايد. وبدلا من ذلك، يكون على الزبون الذي يريد شراء خبز الباغيت أن يدفع مقدما في ماكينات الدفع الآلي. بعد ذلك، تقوم الماكينات بإعادة الباقي المطلوب، وهناك أكثر من 70 ماكينة من هذا النوع تعمل بالمدينة. وتعتبر العشرينات من القرن الماضي هي العصر الذهبي للباغيت، لكن مع قيام الحكومة الفرنسية بتحديد أسعار الخبز بدأت جودة هذا النوع من الخبز تتراجع، حيث لا يوجد ثمة حافز لإنتاج خبز عالي الجودة.

هذا الوضع استمر حتى تسعينات القرن الماضي إلى أن عدلت الحكومة الفرنسية عن تفكيرها وألغت سياسة تثبيت الأسعار، في محاولة لإنعاش صناعة الباغيت، وهو الأمر الذي أعاد النشاط لهذا القطاع. والأمر المدهش أن الباغيت ليس اختراعا فرنسيا، لكنه جرى استيراده من إقليم الدانوب في النمسا، حيث كان هو خبز طبقة النبلاء. وسرعان ما نقل النمساويون المغامرون هذه الصناعة إلى فرنسا وصار الباغيت الفرنسي من معالم البلاد تماما مثل برج إيفل. ويقول تومباريل والابتسامة تعلو وجهه: «غالبية زبائني الدائمين هم من الأجانب وهم يفاجئون عندما أخبرهم عن منشأ الباغيت».