لقاء سني موسع في دار الفتوى بمشاركة الحريري وميقاتي.. رفض التخلي عن المحكمة الدولية

نائب سني من حزب الله لـ«الشرق الأوسط»: هدف التجمع حشر ميقاتي وعقد في دار محسوبة على فريق سياسي معين

المفتي قباني يتوسط الحريري وميقاتي، مترئسا اللقاء السني الموسع في دار الإفتاء في بيروت أمس (رويترز)
TT

عقد في دار الفتوى في بيروت أمس لقاء إسلامي سني موسع، دعا إليه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، شارك فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وغابت عنه شخصيات سنية بارزة في صفوف «8 آذار»، كان من بينهم رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي.

وانتهى اللقاء إلى التأكيد على عدة ثوابت للحفاظ على الاستقرار في البلاد، وتحذير من «التخلي السافر أو المضمر» عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ودعوة الرئيس ميقاتي إلى «التبصر» في مواقفه بالثوابت التي قدمها المجتمعون. وعلى الرغم من مشاركة بعض النواب السنة من تكتل «8 آذار»، مثل وليد سكرية (حزب الله) وقاسم هاشم (حزب البعث)، وموافقتهما على البيان الختامي، فإن النائب في كتلة حزب الله النيابية كامل الرفاعي (سني)، شن هجوما على دار الفتوى ومفتي الجمهورية، معتبرا أن «اللقاء بشكله ومضمونه مرفوض ولا يعبر عن رأي الطائفة السنية ككل».

وقال الرفاعي لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نأمل أن ينعقد هكذا لقاء في دار محسوبة على الجميع وليست تابعة لفريق سياسي معين. الاجتماع الذي تم اجتماع شيخوخة والبيان الصادر عنه بيان خشبي لا يعبر عن مرحلة ما بعد حسني مبارك». ورأى الرفاعي أن «الهدف الأساسي من الدعوة لهذا اللقاء حشر الرئيس ميقاتي ومحاولة دفع جهوده إلى الوراء في عملية تشكيل الحكومة والعودة إلى أول الطريق لمحادثات جديدة تنتهي بإشراك قوى 14 آذار في الحكم».

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع في دار الفتوى أن «المناقشات كانت حامية جدا بين المجتمعين على خلفية مسودة البيان الواجب صدوره بعد اللقاء»، لافتة إلى أن «الرئيس ميقاتي لم يشترط شيئا معينا، بل جرى تداول في إدخال بعض التعديلات التي تؤمن رضا كل الفرقاء». وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «خلوة سبقت الاجتماع في دار الفتوى جمعت ميقاتي - الحريري - السنيورة والمفتي قباني دامت نصف ساعة، وكان هدفها الأول ترطيب الأجواء بين الرؤساء الثلاثة». واستغربت المصادر نفسها «خروج نواب حزب الله وقوى 8 آذار للتحفظ عن البيان أمام وسائل الإعلام بينما لم يعربوا عن أي استياء في الداخل».

وإذ لفت تغيب كرامي، أوضحت مصادره أنه «يقاطع دار الفتوى والمفتي منذ زمن وأن الأمر ليس مرتبطا بالاجتماع الحالي». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما دام أن دار الفتوى ليس لكل اللبنانيين، بل لفريق سياسي معين فلا جدوى من المشاركة في أي لقاء تدعو إليه».

وفي خطوة متقدمة، زار ميقاتي دارة الحريري علما أن الرجلين كانا على خلاف كبير جراء قبول الأول منافسة الحريري على منصب رئاسة الحكومة. ووصف عضو كتلة «المستقبل» سمير الجسر هذه الخطوة وقبلها مشاركة ميقاتي بلقاء دار الفتوى بـ«التجاوز الواضح للمرحلة الماضية»، رافضا كل ما يحكي عن أن الاجتماع الإسلامي كان هدفه الضغط على الرئيس المكلف. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الهدف أبعد من ذلك بكثير، فالبيان الذي اتفق عليه وضع إطار للأداء السياسي ورؤية واضحة يمكن للرئيس ميقاتي الاتكاء عليها للخروج من الأزمة الحالية»، مشددا على أن «الرئيس ميقاتي تبنى وبصراحة البيان الصادر عن دار الفتوى». وقد حضر اللقاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، أعضاء مجلس المفتين، رؤساء الحكومات والنواب السنة. وركز المشاركون على أنه «لا يجوز الخروج عما صدر عن وثيقة الوفاق الوطني حرصا على الاستقرار...». وشدد البيان الذي لاقى الكثير من الأخذ والرد قبل التوافق على نصه الرسمي، على أن «نزاعات كثيرة ولدت في لبنان ناجمة في الغالب عن خروج جماعة أو أكثر عن النظام، مما أدى إلى فتح الباب أمام اعتبار الاغتيال وسيلة متاحة للتخلص من الخصوم»، وأشار إلى أن كل ما تقدم «دفع اللبنانيين إلى التمسك بالمحكمة الدولية حماية وضمانا للعدالة والاستقرار». وتطرق البيان إلى «تجاوزات السنوات الست الماضية، والتي تتضمن خروجا متكررا على قواعد النظام السياسي بدءا من أسلوب التعامل مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والشهداء الآخرين، مرورا بالتراجع عن إجماعات الحوار الوطني، واجتياح بيروت بعد حصار للحكومة وإقفال للمجلس النيابي، وما حدث مؤخرا من تعطيل مبرمج لعمل حكومة الوحدة الوطنية ثم إسقاطها، والتمادي في تكرار الأسلوب ذاته»، لافتا إلى أن «كل ذلك التجاوز والخروج على الدستور والقانون، يخل بعدة قضايا هي في أساس النظام اللبناني، والعلاقات بين اللبنانيين». ورأى البيان «في أسلوب الإسقاط لحكومة الوحدة الوطنية بعد التعهد بعدم الاستقالة، وفي ملابسات التكليف، خروجا على مسائل مبدئية، يستحيل التسليم بهما عرفا أو ميثاقا، بغض النظر عن أسماء الشخصيات المعنية ومزاياها الخاصة والعامة، وشدد على أن «أي تخل سافر أو مضمر في برنامج عمل الحكومة المنوي تشكيلها عن التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، يشعر أهالي الشهداء والغالبية من اللبنانيين، بالغلبة والقهر والتشفي والاستفزاز والتخلي عن حقهم بالعدالة، بما يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، وحقوق المواطنة»، مبديا «القلق من الإصرار على زج لبنان في سياسات المحاور، والإصرار على الترهيب بالسلاح واستخدامه فعلا في العمل السياسي للتعطيل أو للسيطرة، وعلى تجاهل نتائج الانتخابات الوطنية الديمقراطية في العامين 2005 و2009 وتعطيل مفاعيلها التمثيلية، وعلى تجاهل إجماعات الحوار الوطني، وتعطيل العدالة، وعلى التنكر لدماء الشهداء».