تونس: الفرحة تعم وسط العاصمة بعد الإعلان عن تنحي الرئيس مبارك

وفاة 9 وجرح 1027 من كوادر وأعوان الأمن والحرس خلال أحداث يناير

زعيم حركة النهضة الاسلامية التونسية راشد الغنوشي لدى استقباله حسين تريكي أحد قيادات الحركة في مطار قرطاج في تونس أمس (إ.ب.أ)
TT

عمت فرحة عارمة وسط العاصمة التونسية بعد دقائق قليلة من إعلان نائب الرئيس المصري عمر سليمان، تنحي الرئيس حسني مبارك، حسب ما ذكره شهود عيان أمس.

وتعالت صيحات الفرح لدى التونسيين في شارع الحبيب بورقيبة، الذي شكل معقلا للتظاهرات والاحتجاجات، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي. ورقص المواطنون من شدة الفرح مع إعلان خبر تنحي مبارك، كما علت أبواق السيارات تعبيرا عن الابتهاج بما حدث في مصر.

وفي سياق ذلك، أعربت الحكومة المؤقتة «باسم الشعب التونسي الذي أنجز ثورة الحرية والكرامة، عن إكبارها لنضال الشعب المصري الشقيق وتضحيات شهدائه من شباب مصر»، مثمنة «الروح الوطنية العالية التي أبداها الجيش المصري، والدور الكبير الذي قام به في حماية مصر وأبنائها خلال الفترة العصيبة التي مرت بها».

وأكدت وزارة الشؤون الخارجية في بيان أصدرته مساء أمس أن الحكومة التونسية تلقت «ببالغ الارتياح الإعلان عن تخلي الرئيس مبارك عن منصب رئاسة الجمهورية وانتقال صلاحيات السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية».

وأعرب البيان عن ثقة الحكومة التونسية «في قدرة مصر، بفضل كفاءات أبنائها ووعيهم الوطني، على تخطي هذه المرحلة البارزة من تاريخها بكل أمان واقتدار واستعادة قوتها وعافيتها ومكانتها المتميزة على الساحتين الإقليمية والدولية». كما عبرت الحكومة التونسية «عن ثقتها في أن هذا الإنجاز الكبير سيكون من شأنه مزيدا من تعزيز علاقات الأخوة والتعاون العريقة بين الشعبين التونسي والمصري، وسيسهم بقوة في نصرة ودعم القضايا العربية».

وعلى صعيد آخر، أفادت وزارة الداخلية التونسية أمس أن الأحداث التي شهدتها البلاد منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، أسفرت عن وفاة تسعة كوادر وأعوان أثناء أداء الواجب، خمسة منهم من الأمن الوطني، وثلاثة من الحرس الوطني، وواحد من الحماية المدنية.

وذكر بيان صادر عن الوزارة أنه خلال هذه الأحداث جرح 1027 عنصرا من أسلاك الأمن والحرس الوطنيين والحماية المدنية من بينهم 854 جريحا من الأمن الوطني، و118 من الحرس الوطني، و55 من الحماية المدنية، وكانوا محل عناية صحية ونفسية واجتماعية مستمرة.

وذكر البيان ذاته، أن 51 مقرا لوحدات المرور والأمن العمومي للحرس الوطني تعرضت إلى أضرار جسيمة خلال الأحداث الأخيرة بسبب الحرق الكلي أو الجزئي والهدم، مشيرا إلى أنه تجري حاليا أشغال حثيثة لإعادة تهيئتها وتجهيزها.

وذكر البيان أنه رغم هذه الأضرار، واصلت وحدات المرور والأمن العمومي للحرس الوطني نشاطها بنسق منتظم سواء في المقرات التي أعيدت تهيئتها أو في مقرات أخرى تم وضعها على ذمتها إلى جانب انتظام العمل بالدوريات حفاظا على الأمن العام وسلامة المواطنين على الطرقات.

من ناحية أخرى، استقبل عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع التونسي أمس غوردن غراي، سفير الولايات المتحدة بتونس، تم خلاله استعراض «العلاقات العريقة والممتازة التي تجمع البلدين وسبل تعزيز التعاون الثنائي خلال المرحلة القادمة».

وأكد السفير الأميركي تعهد بلاده بمساندة تونس في سعيها إلى إرساء ديمقراطية حقيقية بما يستجيب لمضامين الثورة النبيلة وطموحات الشعب التونسي.

وأشاد غراي بالدور المشرف الذي يقوم به الجيش التونسي في هذه الفترة الدقيقة من خلال حمايته للثورة، والمساهمة في استتباب الأمن، والمحافظة على سلامة المواطن وحماية الممتلكات العامة والخاصة. ونوه الزبيدي، من جهته، بموقف الرئيس باراك أوباما والكونغرس الأميركي تجاه الثورة التي قادها شباب تونس.

ولاحظ الزبيدي أن الشعب الأميركي «كان دائما صديقا لشعبنا، وأن هذه الصداقة ستتعزز لا سيما أن تونس أصبحت تنعم بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية». وفي غضون ذلك، يصل وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيلي، اليوم إلى تونس لإجراء محادثات سياسية، ولتأكيد دعم بلاده لعملية بسط الديمقراطية، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وسيلتقي فيسترفيلي، الذي يرافقه وزير الدولة المسؤول عن الاقتصاد والتكنولوجيا إرنست بورغباشر، ووزير الدولة المسؤول عن المساعدة للتنمية، هانز-يورغن بيرفيلتز، رئيس الوزراء التونسي الجديد محمد الغنوشي. وسيلتقي أيضا مندوبين عن تشكيلات المعارضة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ورئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومع «أعضاء من أوساط أصحاب المدونات» التونسيين. وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان إن «الهدف من زيارة الوزير هو إعطاء إشارة واضحة عن استعداد ألمانيا وأوروبا لمساعدة تونس في هذه الفترة من التحول السياسي».

وتأتي زيارة الوزير الألماني إلى تونس بعد أيام من زيارة نظيره البريطاني ويليام هيغ، وقبيل زيارة وزيرة الخارجية الأوروبية، كاثرين أشتون الاثنين.

إلى ذلك، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية، ميشيل إليو ماري أمس، إن فرنسا تأمل في أن ترفع «قريبا جدا» القيود على السفر إلى المدن الساحلية التونسية، معربة مجددا عن الأسف لتمضيتها عطلة نهاية العام الماضي في تونس حين كانت تشهد اضطرابات، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت إليو ماري للقناة الثانية للتلفزيون العام (فرانس2) «حتى وإن ظل هناك بعض التوتر في بعض مناطق البلاد، فإننا نشهد اليوم هدوءا وبعض التقدم» في تونس. وأضافت «نحن نأمل في مواكبة تونس في عملية الانتقال الديمقراطي والتنمية الاقتصادية»، و«نأمل أن نتمكن قريبا جدا من رفع القيود على الرحلات السياحية باتجاه عدد من المدن الساحلية السياحية».

وردا على سؤال بشأن إجازتها في نهاية 2010 في تونس التي أدت إلى مطالبة الكثيرين إياها بالاستقالة، أقرت إليو ماري «الآن من البديهي أنه كان أمرا غير صائب». وكررت «أنا آسفة لذلك»، مؤكدة مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مساء الخميس، أن ذلك «لم يؤثر في شيء على موقف فرنسا» و«لم يسئ لصورة فرنسا في تونس»، على حد قولها.