«قصر الاتحادية».. من فندق بنته شركة فرنسية إلى مقر لمكتب الرئيس المصري

يفصله عن منزل مبارك شارع واحد.. ويجري به أغلب مقابلاته الرسمية

TT

اختلط الأمر على كثير من المصريين الذين توجهوا إلى مقر قصر الاتحادية بمصر الجديدة ليحاصروه، ظنا منهم أنه أحد أجزاء قصر العروبة القريب منه، إلا أن قليلين فقط هم من يعرفون أن قصر الاتحادية هو المقر الرسمي للرئاسة الذي يقع به مكتب الرئيس حسني مبارك، الذي يستقبل به ضيوفه من الرؤساء والمسؤولين إذا كانت زيارتهم رسمية.

أنشئ قصر الاتحادية عام 1910 وكانت تملكه شركة فرنسية افتتحته كفندق كان يحمل اسم «غراند أوتيل» كباكورة فنادقها الفاخرة في القارة الأفريقية، والقصر صممه المعماري البلجيكي إرنست جاسبار، وهو يضم 400 غرفة و55 شقة خاصة بالإضافة إلى عدد من القاعات الفخمة، وأشرفت على إنشاء القصر شركتان للإنشاءات كانتا الأكبر في مصر في ذلك الوقت هما: شركة «ليو رولين وشركاه» وشركة «بادوفا دينتامارو وفيرو»، بينما قامت شركة «ميسس سيمنز آند شوبيرت» الألمانية بمد الوصلات الكهربائية له. وحظيت غرف القصر بأثاث فاخر من طرازي لويس الـ14 ولويس الـ15، أما القاعة المركزية الكبرى فقد وُضعت بها ثريات ضخمة من الكريستال كانت الأضخم في عصرها وكانت تحاكي الطراز الشرقي.

وللقصر قبة يبلغ ارتفاعها 55 مترا من الأرض وحتى السقف، وتبلغ مساحة القاعة الرئيسية 589 مترا مربعا، وتم فرشها بسجاد شرقي فاخر ووضعت بها مرايا من الأرض إلى السقف أيضا مدفأة ضخمة من الرخام، كما وضع 22 عمودا إيطاليا ضخما من الرخام.

وإلى جانب القاعة الكبرى بالقصر، توجد قاعة طعام فاخرة تكفي 150 مقعدا وقاعة أخرى ضمت 3 طاولات بلياردو منها اثنتان كبيرتا الحجم من طراز ثرستون. أما الأثاث الذي كان من خشب الموهاجني فقد جيء به من لندن، بينما ضمت الحجرات العلوية مكاتب وأثاثا من خشب البلوط جيء بها من محلات «كريجير» في باريس.

أما الطابق السفلي بالفندق فكان يضم مكاتب الإدارة والمطابخ والثلاجات والمخازن ومخازن الطعام وغرف العاملين، وتم تركيب خط للسكك الحديدية بطول الفندق لتعبر تلك المناطق كلها.

ونظرا لفخامة الفندق وشهرته العالمية، فقد نزل به عدد من مشاهير العالم في ذلك الوقت ومنهم ميلتون هيرشي، مؤسس ومالك شركة «هيرشي» للشوكولاته الأميركية الشهيرة، وجون بيربونت مورغان، الاقتصادي والمصرفي الأميركي الشهير ومؤسس مجموعة «J. P. Morgan» الأميركية، والملك ألبير الأول، ملك بلجيكا، وزوجته الملكة إليزابيث دو بافاريا.

عاصر فندق قصر هليوبوليس الحربين العالميتين، مما عزز نشاطات القصر من الشخصيات الوافدة، كما تحول في بعض الفترات من الحربين إلى مستشفى عسكري ومكان لتجمع الضباط من قبل سلطة الاحتلال البريطاني في مصر.

وعقب ثورة يوليو (تموز) 1952، تم تأميم الفندق والقصر ليصبح مهجورا لفترة قبل أن يتحول في الستينات من القرن الماضي إلى مقر لعدة إدارات ووزارات حكومية.

وفي عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات تحول القصر في عام 1972 إلى «مقر اتحاد الجمهوريات العربية» الذي ضم آنذاك كلا من مصر وسورية وليبيا ليعرف من ذلك الوقت باسم «قصر الاتحادية».

في الثمانينات، بعد تولي مبارك رئاسة مصر عقب اغتيال السادات عام 1981، وضعت خطة صيانة شاملة للقصر، وتم تجديده، ليحتوي على مكتب رئيس الجمهورية الذي يجري به كل مقابلاته مع الرؤساء والمسؤولين الزائرين لمصر بشكل رسمي، ولعل السبب الذي جعل مبارك يفضل ذلك القصر هو قربه الشديد من منزله الذي يفصله عن «الاتحادية» شارع واحد فقط. وقد حاصرت قوات من الحرس الجمهوري المدعومة ببعض الوحدات من الجيش المصري قصر الاتحادية منذ بدء الأحداث الأخيرة ومنعت آلاف المتظاهرين من الوصول له للتظاهر عنده أو عند قصر العروبة الملاصق له.