مبارك.. الرئيس الطائر

اخترق حاجز الـ500 زيارة لعواصم العالم * من مطار ألماظة العسكري إلى منتجع شرم الشيخ آخر رحلة رئاسية

TT

ربما كانت الطائرة الرئاسية التي أقلت الرئيس المصري حسني مبارك وأسرته من مطار ألماظة العسكري إلى منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر، هي آخر رحلة رئاسية له بعد تخليه عن منصبه كرئيس للبلاد، إثر الثورة الشعبية التي لم تقبل بديلا عن خروجه من المشهد السياسي وللأبد.

وعلى مدى سنوات حكمه الماضية، سجل الرئيس مبارك رقما قياسيا يصعب على أي رئيس دولة أخرى الاقتراب منه أو محاولة تجاوزه في عدد رحلاته الخارجية التي تجاوزت حاجز الـ500 زيارة.

واحتلت باريس قائمة صدارة الزيارات في قائمة رحلات الرئيس الخارجية.. وربما لن يتمكن أي رئيس في المنطقة العربية أو قارتي آسيا وأفريقيا أو حتى في أميركا اللاتينية من تحطيم هذا الرقم الضخم.

ويعتقد معارضو الرئيس مبارك أنه يستحق عن جدارة لقب الرئيس الطائر، باعتباره الرئيس الأكثر سفرا وترحلا بين جميع أقرانه في سائر أنحاء المعمورة.

ولأسباب غير مفهومة تفوق الرئيس مبارك على كل رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في اعتماد فرنسا كمحطة ثابتة لرحلاته الخارجية، ذلك أنه لم يسبق لرئيس غربي أو لرئيس حكومة غربية أن تمكن من البقاء في السلطة كل هذه المدة كي تتاح له فرصة محاولة تكرار رقم الرئيس أو الاقتراب منه. على أن الاحتياطات الأمنية المشددة التي غالبا ما رافقت زيارته الخارجية جعلته، على المستوى الشخصي، غير مستفيد منها، حيث قال في أحد حواراته «حتى عند سفري للخارج، فمن أجل الأمن الذي يحاط به الرؤساء لا أستطيع أن أخرج من الفندق الذي أكون موجودا فيه.. أقضي المهمة وأرجع. لذلك دائما فبمجرد أن تنتهي المهمة أستقل الطائرة وأعود مباشرة، لكن الحرية تكون مفقودة، يعني رئيس مصر بيبقى معتقل». وتكشف الإحصائيات التي يقدمها الكتاب الذي أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بعنوان «مبارك وبناء الدولة العصرية»، عن قيام الرئيس منذ توليه السلطة عام 1981 وحتى عام 2006 فقط، بـ451 زيارة، منها 243 زيارة للدول العربية، و148 زيارة لدول أوروبية منها 46 زيارة لفرنسا وحدها، و24 زيارة إلى ألمانيا، و18 إلى إيطاليا، و13 إلى إنجلترا، كما قام بزيارة أميركا 21 مرة.

وتكشف الأرقام أن عام 1992 كان أقل سنوات حكم مبارك سفرا للخارج، حيث قام الرئيس بأربع زيارات خارجية فقط في هذا العام، وهو أمر لم يتكرر في أي من سنوات حكمه الأربع والعشرين الأخرى.

وبينما تأتي السعودية وسورية على قائمة الدول العربية التي زارها مبارك بمعدل 37 مرة على مدى ربع القرن المنصرم، فإن فرنسا تحتل قائمة أكثر دول العام التي زارها مبارك، بما فيها تلك الزيارة الجديدة. وزار مبارك ليبيا 38 مرة، فيما جاءت الأردن في المرتبة الرابعة برصيد 29 زيارة، بينما حلت الإمارات في المرتبة الخامسة برصيد 22 زيارة، ثم سلطنة عمان 15 زيارة متساوية مع الكويت ومتقدمة على البحرين التي زارها مبارك عشر مرات فقط لتتساوى هي الأخرى أيضا مع السودان.. بينما زار مبارك المغرب تسع مرات والجزائر ثماني مرات والعراق سبعا وتونس وقطر خمس مرات فقط.. بينما زار مبارك اليمن مرتين واكتفى بزيارة واحدة إلى كل من الصومال وموريتانيا.

وبلغ عدد الزيارات التي قام بها مبارك إلى ألمانيا 27 زيارة، ثم إيطاليا 22، وبريطانيا 15، ورومانيا 7، فيما زار يوغسلافيا (قبل تفكيكها) ست مرات، وإسبانيا خمس مرات فقط متساوية في ذلك مع روسيا وسويسرا.. بينما حل مبارك ضيفا على النمسا والفاتيكان أربع مرات، تليهما اليونان 3، ثم بلجيكا والبرتغال مرتين فقط، وأخيرا التشيك وسلوفاكيا ولوكمسبورغ وهولندا بمعدل زيارة واحدة فقط.

ويمكن القول إن الرئيس مبارك قد لف الكرة الأرضية عشرات المرات ولم يترك موضعا فيها إلا وقد وطأه بقدميه، ربما باستثناء إسرائيل وجزر القمر وجيبوتي وبعض دول أميركا اللاتينية. وحلقت طائرة الرئاسة في معظم مطارات العالم، قبل أن تتوقف تحت هدير الثائرين والمتظاهرين في ميدان التحرير عن هذا التحليق.