المظاهرات الجماهيرية تجبر المالكي على توزيع 3 حصص غذائية

برلمانيو كردستان ينزلون إلى الأسواق لتفقد أحوال المواطنين

TT

مع استمرار المظاهرات في بغداد والكثير من المدن والمحافظات العراقية للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والبطاقة التموينية، اضطرت الحكومة العراقية إلى المسارعة باتخاذ إجراءات أخرى للحد من تصاعد وتيرة الغضب الجماهيري.

وجاء في بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء، نوري المالكي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه من منطلق «حرص الحكومة على تأمين وصول مفردات البطاقة التموينية من المواد الغذائية إلى جميع المواطنين من أفضل المناشئ العالمية، وبذل أقصى جهد لسد النقص الحاصل في الحصة التموينية، فقد وجه المالكي الطاقم التجاري في حكومته، الذي ضم نائب رئيس الوزراء ووزير التجارة وكالة روز نوري شاويس، ووكيلي وزير التجارة ومدير عام الشركة العامة لتجارة الحبوب، ومدير عام الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية، ومحافظ بغداد، وعددا من رؤساء الشركات العراقية المجهزة لوزارة التجارة، تقرر توزيع ثلاث حصص غذائية على العوائل الفقيرة وحصتين لبقية العوائل».

وأضاف البيان أنه تقرر «التعاقد على استيراد (190) ألف طن من مادة السكر لتوزيعها على المواطنين خلال الأسبوعين المقبلين ضمن مفردات البطاقة التموينية».

في الوقت ذاته، تواصلت المظاهرات الجماهيرية في الكثير من المدن، خاصة في العاصمة بغداد. فعلى الرغم من إقدام السلطات الأمنية على إغلاق جسر الجمهورية الرابط بين ساحة التحرير شرق بغداد والمنطقة الخضراء غربها، فإن مظاهرة كبيرة انطلقت من شارع المتنبي وسط بغداد باتجاه المنطقة الخضراء التي تضم مكاتب الحكومة والبرلمان ومقر السفارتين الأميركية والبريطانية.

وفي الوقت الذي حاولت فيه الأجهزة الأمنية منع دخول المتظاهرين المنطقة الخضراء المحصنة، فإن ذلك يعد تطورا نوعيا في مسار المظاهرات التي لم تتوقف على الرغم من مسارعة الحكومة إلى اتخاذ الكثير من الإجراءات الهادفة إلى امتصاص الغضب الجماهيري.

وكان المئات قد تظاهروا في بغداد مطالبين بتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات ومفردات البطاقة التموينية والحد من انتهاك الحريات. ولا تزال الشعارات التي يرفعها المتظاهرون ذات طابع خدمي بحت في كل محافظات ومدن العراق، مثل بغداد وكربلاء والنجف وواسط وميسان والبصرة ونينوى والديوانية وكركوك وبابل والأنبار.

من جهة أخرى، انتقد المرجع الشيعي الأعلى، آية الله السيستاني، ما سماه فشل الحكومة في توفير مفردات البطاقة التموينية على الرغم من مرور سنوات طوال على سقوط النظام، وقال أحمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة في الصحن الحسيني في كربلاء، إن «الحكومة فشلت ولثماني سنوات مرت عقب سقوط النظام في توفير مفردات البطاقة التموينية التي تعتبر من الأساسيات التي يحتاجها الشعب العراقي، ولا سيما الطبقات الفقيرة». وأضاف أن «مشكلة توفير مفردات البطاقة التموينية أصبحت معضلة كالكهرباء في العراق»، متسائلا: «أيهما أصعب؟ توفير مفردات البطاقة التموينية أم خلق صناعات متطورة كما يحدث في دول العالم الآن؟ ولماذا يعجز المسؤولون عن إيجاد الحلول الحقيقية لمشكلة البطاقة التموينية، على الرغم من إلغائها عن كثير من الطبقات التي تتقاضى رواتب مرتفعة؟». وتابع قائلا: «مشكلة البطاقة التموينية ليست مشكلة مادية أو مكانية، وإنما مشكلتها فساد مالي وإداري استشرى في عملية توفير مواد غذائية أساسية للشعب العراقي». إلى ذلك، وفي إطار التوجه الجديد لقيادة إقليم كردستان لحل المشكلات المعيشية للمواطنين ومراقبة غلاء الأسعار في أسواق الإقليم والاستماع إلى مطالب الشعب، تفقد عدد من برلمانيي القائمة الكردستانية الحاكمة، التي تضم الحزبين الرئيسيين (الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني) أسواق مدينة أربيل للقاء عدد من الكسبة والحرفيين، للوقوف على مطالبهم وآرائهم حول موجة الغلاء التي تعصف بكردستان في السنوات الأخيرة وسبل احتوائها ومعالجتها. وكانت محافظة السليمانية قد أصدرت قبل يومين بيانا إلى مواطني المدينة دعت فيه إلى إبلاغ السلطات عن رفع الأسعار في الأسواق أو التلاعب بالمواد وإخبار السلطات عن المواد الغذائية منتهية الصلاحية التي تباع في المحلات، وخصصت رقمين هاتفيين للإبلاغ عن تلك الحالات. وتأتي هذه الإجراءات ضمن إطار مساعي قيادة الإقليم لإصلاح الوضع المعيشي للمواطنين في الإقليم وتحسين ظروف الحياة المعيشية في إطار توجيهات رئيس الإقليم بهذا الصدد.

ويبدو أن التحركات الأخيرة لقيادة الإقليم في اتجاه إصلاح الوضع الداخلي وتلبية المطالب الشعبية من خلال حل الأزمات المعيشية وغيرها من الأزمات التي تعصف بالإقليم منذ فترة طويلة، في مقدمتها أزمة الكهرباء والغلاء والسكن قد جاءت تأثرا بما جرى في تونس، وما يجري حاليا في مصر من هبة شعبية ضد السلطات. وكانت حركة التغيير الكردية المعارضة قد استغلت تداعيات ما حدث في الدولتين العربيتين للتقدم بمطلب حل البرلمان وإسقاط حكومة الإقليم، مما أثار الشارع الكردي منذ صدور ذلك البيان.