بعض شركات الوساطة المصرية ستتعرض للإفلاس إذا استمر إغلاق البورصة

رأس مال أغلبها أقل من مليون دولار وتتكبد مصاريف دون دخل

TT

تلقت شركات السمسرة العاملة في مصر ضربة موجعة من إغلاق البورصة المصرية لثلاثة أسابيع على الأقل بفعل موجة من الاحتجاجات العارمة التي أسفرت عن تنحي الرئيس المصري حتى إن رؤساء عدد من هذه الشركات يحذرون من تعرضها لخسائر فادحة قد تزج ببعضها في هاوية الإفلاس. لكن بعض رؤساء الشركات يرون في الصورة جانبا مشرقا في المدى الطويل.

والبورصة مغلقة منذ 30 يناير (كانون الثاني) الماضي عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة وذلك بعد أن هوت نحو 16 في المائة في آخر جلستي تداول. وستظل البورصة مغلقة إلى أن تعمل البنوك المصرية بشكل منتظم. وقرر البنك المركزي إغلاق البنوك حتى الأسبوع القادم بعدما نظم الموظفون في عدد من البنوك المملوكة للدولة إضرابات في وقت سابق هذا الأسبوع. وحذر هشام توفيق رئيس مجلس إدارة شركة «عربية أون لاين» للوساطة في الأوراق المالية من أن شركات السمسرة التي يعمل بها آلاف الموظفين مهددة بالإفلاس. وقال إن المصروفات مستمرة حتى الآن بشركات تداول الأوراق المالية وحصيلة الإيرادات صفر. وتابع أن المشكلة الكبيرة الآن هي أن عدد شركات السمسرة بمصر نحو 143 شركة أغلبها رأسمالها أقل من مليون دولار وشغلها غير محدد ويتوقف على عدد العمليات التي تنفذها بالسوق.

ووفقا للموقع الرسمي للبورصة المصرية يبلغ عدد شركات الوساطة بالسوق 149 شركة. ونوه توفيق إلى أن الكثير من هذه الشركات أعطت تسهيلات مالية للعملاء في الأيام الأخيرة وستدفعهم هذه التسهيلات للتصفية عند بدء التداولات وبالتالي ستسجل هذه الشركات خسائر كبيرة قد تتعدى رأسمالها وهو ما يهدد الكثير منها بالإفلاس.

وبلغت خسائر البورصة المصرية في آخر جلستي تداول يومي 26 و27 يناير نحو 70 مليار جنيه (12 مليار دولار) وسط موجة بيع هائلة من المستثمرين الذين أثارت الاحتجاجات مخاوفهم. وناشد هاني هنداوي رئيس مجلس إدارة «شركة العروبة للسمسرة في الأوراق المالية» السلطات مد يد العون لشركات السمسرة حتى لا تختفي كليا من السوق بسبب خسائرها الهائلة. وقال لـ«رويترز»: «لا بد أن تنظر الرقابة المالية إلى شركات السمسرة التي يقل رأسمالها عن ثلاثة ملايين جنيه لأنها إذا لم يتم مساعدتها في الفترة المقبلة ستختفي من السوق تماما». ويؤكد ياسر سعد رئيس مجلس إدارة «شركة الأقصر لتداول الأوراق المالية» أن شركات السمسرة تعرضت لخسائر كبيرة بسبب الاحتجاجات بعد ما تكبدته من خسائر في 2010. وقال إن شركات السمسرة تخسر منذ بداية الأزمة. وأضاف: «هذا هو الأسبوع الثالث الذي لم نعمل به بعد. 80 في المائة من شركات السمسرة تكبدت خسائر في 2010 ونسبة الـ20 في المائة الباقية ستجدهم حققوا تراجعا في أرباحهم». ويرى باسم رضا رئيس مجلس إدارة «شركة أمان لتداول الأوراق المالية» أن شركات السمسرة هي الخاسر الأكبر من ثورة يناير. ويقول إن «قطاع السمسرة هو المتضرر الأكبر من الأحداث الأخيرة. فالبورصة تأثرت بعد مظاهرات 25 يناير ومن قبلها أحداث تونس. القيمة السوقية للأسهم المصرية خسرت نحو 100 مليار جنيه منذ أزمة تونس». وكانت الاحتجاجات الشعبية بتونس التي تفجرت نهاية العام الماضي واستمرت حتى 14 يناير 2011 دفعت رئيسها زين العابدين بن على للفرار إلى السعودية وأدت لخسائر بالسوق المصرية خوفا حينها من انتقال الاضطرابات إلى مصر وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك. وقال رضا: «نحن القطاع الوحيد الذي لم يعمل بعد بالدولة حتى الآن». وقال مسؤول في البورصة المصرية يوم الأربعاء إنه تقرر استمرار إغلاق البورصة المصرية لحين استقرار الأوضاع بالبنوك المصرية وسيتم الإعلان عن موعد استئناف العمل قبل 48 ساعة من بدء التداول. وبعد تنحي مبارك انتقل الهتاف «ارحل.. ارحل.. ارحل» من ميدان التحرير مركز الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس السابق إلى الشوارع المحيطة في حي البنوك والمال بالقاهرة حيث طالب العاملون بالإطاحة برؤسائهم أيضا. وقال توفيق من شركة «عربية أون لاين» إن الهدف من قرار التأجيل هو الانتظار حتى الانتهاء من مظاهرات البنوك القائمة حتى الآن. وتابع: «لا يمكن عمل البورصة دون انتظام العمل بالبنوك ليومين على الأقل».

وردا على مخاوف من اضطرار شركات السمسرة لتسريح عمال بسبب الخسائر التي تتكبدها قال رضا: «لن نفكر في شركتنا بتسريح العمالة ولكن سنرشد الإنفاق بالتأكيد من خلال الاتفاق على سرعات أقل لخطوط الربط مع البورصة أو تقليل عدد شاشات التداول». ويتفق معه هنداوي في أنه لن يستغني عن أي من العمالة بفروع شركته لأنها هي رأسماله ولكن قد يكون هناك تعديل لمرتبات كبار العاملين بالشركة. وأبدى نبرة تفاؤل قائلا: «بعد كل ثورة يكون هناك رواج اقتصادي. أمامنا ستة أشهر ونتحول بعدها لدولة مدنية. الاستثمارات الأجنبية لدينا في مصر لن تخرج بل ستتزايد في الفترة المقبلة». ولا تقتصر مشاعر التفاؤل على هنداوي إذ يقول توفيق: «يجب ألا تنظر شركات السمسرة إلى تأثير الأحداث الحالية على المدى القصير. لا بد من النظر بتفاؤل على المدى الطويل والعائد على الشركات حينها».

ويتوقع سعد من «الأقصر لتداول الأوراق المالية» التخلص من بعض العمالة ببعض شركات السمسرة ولكنه يقول: «في شركتنا سنعتمد على ضغط المصروفات بدلا من تسريح العمالة. جميع العاملين بالشركات جالسون بمنازلهم. نحن أكبر قطاع تأثر بالأحداث. أقل وأضعف شركة سمسرة بالسوق تدفع في الشهر نحو 250 ألف جنيه. وكلما كان اسم الشركة كبيرا وزاد عدد الفروع وأنشطتها تزيد التكلفة».

وتابع سعد: «لن نصرف المرتبات كاملة سيتم اقتطاع جزء منها. أعلم أن الموظف ليس له ذنب ولكن أيضا رئيس الشركة ليس له ذنب في الأحداث الجارية».

وعلى أمل تقليص الضرر وتحريك عجلة الدخل مرة أخرى عند العودة للعمل يقول رضا من شركة «أمان»: «نفكر الآن في تخفيض العمولات في محاولة لجذب عدد أكبر من المستثمرين للتداول من خلال شركتنا ولا بد أن تفكر جميع الشركات بهذه العقلية والعمل على تخفيض هامش الربح في هذه الظروف».

ويؤكد رضا أن قرار فتح البورصة من عدمه قرار صعب جدا، «لكن كلما تأخر فتح السوق كان أفضل من أجل مزيد من الاستقرار».