آلاف الشباب على «الفيس بوك» يخططون لـ«ثورة إسقاط النظام الطائفي في لبنان»

دعوا لعقد اجتماع مطلع الشهر المقبل لتنظيم التحركات.. والمطالب تجاوزت اتفاق الطائف

TT

تستقطب صفحة تحمل عنوان «الشعب اللبناني يريد إسقاط النظام الطائفي» على موقع «فيس بوك»، تأسست منذ ما يقارب 6 أيام، أي بالتزامن مع سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، نحو ألف صديق يوميا، 95 في المائة منهم من اللبنانيين المقيمين في بلادهم) بحسب أصحاب الصفحة. ويشرح هؤلاء على صفحتهم أنه «فور وصول عددنا إلى بضعة آلاف سنقوم بعقد لقاء موسع لتشكيل لجان تنسيق في كل المناطق وبدء التحركات لإسقاط النظام سلميا، لأن الشعب اللبناني يستحق أيضا أن يعيش بكرامة. ويحق لنا ألا يحكمنا اللصوص والإقطاع السياسي أو الطائفي. نحن شعب تعلم وتثقف وناضل وضحى ونستحق نظاما منزها من آفات الطائفية والعنصرية وكل أشكال القهر والقمع».

يؤكد أبو الريم، المسؤول عن الصفحة الذي يتحفظ على اسمه الصريح في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» معه: «إذا بقيت وتيرة المؤيدين تتصاعد على هذا النحو، فمعنى ذلك أننا في غضون خمسة أيام سيتجاوز عددنا العشرة آلاف، وعندها سنخرج من (الفيس بوك) لنعقد اجتماعنا الأول على الأرض، ويختار الناس لجنة تمثلهم، وتقرر كيف سيكون التحرك». وينفي أبو الريم أن يكون مخرج أشهر فيديو كليبات الفنانة نانسي عجرم، سعيد الماروق هو مؤسس الصفحة، كما كتب في الكثير من الصحف، «لكنه انضم إليها، وبالتالي فكل من هو معنا مؤسس أيضا. فمعنا إعلاميون ونجوم، لكن ليس هذا هو المهم. ما يهمنا أن المواطنين وصلوا إلى قناعة بأن النظام اللبناني بات أمام طريق مسدود ولا بد من تغييره. لكنني أستطيع أن أؤكد أن بيننا من هم 14 و8 آذار وفي الوسط، هؤلاء اتفقوا على فكرة محددة وهي إسقاط النظام الطائفي».

ويصر أبو الريم على عدم الكشف عن هويته، معتبرا أن شخصنة الموضوع تثير حساسية الناس. ويضيف: «تعودنا في لبنان أن كل من يقوم بعمل يسعى للاستفادة منه، وهو ما لا أريده لنفسي. كل ما أسعى إليه هو تجميع الموافقين على الفكرة، لينطلقوا هم بأنفسهم بعد ذلك». وينفي أبو الريم أن يكون خائفا من أحد، ويقول: «في لبنان متسع من الحرية، ونحن على وعي بأننا لا نسعى لإسقاط ديكتاتور كما هو الحال في دول عربية أخرى. جل ما نطالب به هو احترام بنود الدستور وتطبيقها».

من جهته، أكد المخرج سعيد الماروق لـ«الشرق الأوسط» أنه «مستعد لبذل كل ما بوسعه لتغيير النظام في لبنان»، وقال: «سأكون أول المتظاهرين، فنحن بعد حرب طويلة لم نعد لأساس المشكلة لنحلها وها نحن على شفير حرب ثانية. وبدل الطائفية دخلنا في المذهبية، وصرنا نتقوقع داخل بيوتنا ولا يتحدث واحدنا مع الآخر. حتى إعلامنا بات مقسما تبعا للأديان والطوائف». ويشرح الماروق «أن الناس تسعى للتغيير منذ سنوات لكن ما حدث في مصر وتونس نبه اللبنانيين إلى إمكانية التجمع على (الفيس بوك) والتنسيق عبر هذه الأداة».

ميادة عبد الله، أحد المنتمين إلى المجموعة، أطلقت صفحة باسم «يوم الغضب ضد الطائفية والفساد والفقر». وتقول عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «الصفحة موجودة منذ ما يقارب الشهر. في البداية قوبلنا بالسخرية والاستهزاء، لكننا مؤمنون أن يوم الغضب آت، فنحن الأكثرية الصامتة، ويمكننا لو تجمعنا كما حدث للمجموعات الصغيرة في مصر التي كانت متناثرة أن نتحول إلى قوة كبيرة. وسنلبي أي دعوة تطلقها أي مجموعة نشاطرها الرأي للاحتجاج في الشارع». وتشرح ميادة بأن مجموعتها تتشكل من شباب تتراوح أعمارهم بين الـ20 و35 سنة، غالبيتهم من الخريجين الذين يعانون البطالة أو أنهم سافروا وعادوا لأنهم يريدون العمل في بلادهم دون وجود فرص. «أما الذين يعملون مثل حالتي»، تقول ميادة، «فمعاشي بالكاد يكفي لبنزين السيارة».

جدير بالذكر أن صفحات كثيرة، ومجموعات بالعشرات تشكلت على «فيس بوك» تدعو لإسقاط النظام الطائفي في لبنان منها ما هو قديم، وكثير منها تأسس بدفع من تأثير الثورة المصرية. فصفحة «لا للطائفية» يوجد عليها 13 ألف صديق، وهناك أيضا «الثورة الشبابية لحل القضية اللبنانية»، ومجموعة «الثورة اللبنانية لإسقاط النظام الطائفي» التي وجدت منذ أربعة أيام فقط وباتت تجمع 5 آلاف صديق.

ونشط اللبنانيون المؤيدون لنظام علماني للترويج لأفكارهم ضمن مجموعات وعلى صفحات خاصة بهم على «فيس بوك» منذ عدة سنوات لكن لفظة «علمانية» تثير مخاوف اللبنانيين الذين غالبا ما يجدون فيها تناقضا مع الدين مما يفسر ارتياحهم للعناوين المستجدة التي تركز على «إلغاء الطائفية» أو تطالب بـ«الدولة المدنية». وتفنن اللبنانيون في التعبير عن غضبهم في الأيام القليلة الماضية، خاصة أن أخبار الثورات العربية تتزامن مع خلافات قوية بين فريقي 8 و14 آذار، مما يعطل تشكيل حكومة جديدة، في ما بلد يعيش ظروفا اقتصادية صعبة. ورسم شباب «فيس بوك» شعارات تعبر عن أحاسيسهم فرفع أحدهم شعار «يا حكام لبنان دوركم آت لا محالة.. الشعب يريد إسقاط النظام»، وأخرى كتبت «فوّلت معنا» أي بلغ الغضب مبلغه، في ما كتب آخر «لا للبنان السفارات والـ(س - س)». كناية عن رفضه للتدخل الخارجي.

لكن الملاحظ أنه خلال الساعات القليلة التي فصلت بين مقابلتنا الهاتفية مع أبو الريم الذي يدير صفحة «الشعب اللبناني يريد إسقاط النظام الطائفي» وكتابة هذا الموضوع، كان سقف المطالب قد ارتفع. فقد نشرت على الصفحة مسودة بالمقترحات التي وصلت وتمت جوجلتها ليتبين أن الأمر بات يتجاوز تطبيق اتفاق الطائف وبنوده التي تدعو إلى إلغاء الطائفية السياسية تدريجيا لتصبح: «إلغاء كاملا وفوريا لكل مفاعيل الطائفية السياسية والوظيفية التي بمعظمها عرفية، واعتبار كل منصب سياسي أو وظيفي حق لكل لبنانية أو لبناني بغض النظر عن دينه ومذهبه. كما يعاد النظر بالصيغة الميثاقية التي أنتجها اتفاق الطائف التي تخطاها الزمن». إضافة إلى اقتراحات أخرى منها «تبديل كامل للطاقم الإداري للدولة لضمان عدم استمرارية النظام الطائفي الفاسد وللتخلص من الطغمة الطائفية الحاكمة». وكتب أبو الريم لأصدقاء الصفحة أن اجتماعا موسعا سيعقد في مطلع الشهر المقبل للتصويت على المسودة.