مصادر ميقاتي لـ «الشرق الأوسط»: لا تشكيلة حكومية إلا بعد التشاور والتوافق مع رئيس الجمهورية

«صمت رئاسي» يقابل تصعيد عون ضد سليمان واعتراضه على تمثيله وزاريا

TT

تعيد المشاورات الجارية لتشكيل حكومة الرئيس المكلف، نجيب ميقاتي، وضع الصراع الخفي القائم بين رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال سليمان، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، تحت دائرة الضوء مجددا، خصوصا بعد أن وصف الأخير، بشكل علني ومباشر، الرئيس سليمان بـ«خصمه» السياسي. وبلغ عون، أول من أمس، ذروته في هجومه على رئيس الجمهورية، خلال مقابلة أجرتها معه القناة التلفزيونية الناطقة باسم تياره في بيروت، فشدد على أنه «لن يعطي رئيس الجمهورية أي وزير من حصته في الحكومة»، وقال: «هو أخل بشروط انتخابه، ونزل إلى الميدان، وأصبح يؤلف لوائح ضدنا ويشكل إدارة، فلا يمكن أن نعطيه وزارة من حصتي لتشتغل هذه الحصة ضدنا».

وسأل عون: «لماذا يريد رئيس الجمهورية وزارة سيادية؟ هل نجح بها في المرة الماضية؟»، واتهمه بأنه «لم يكن على الحياد في الحكومة السابقة، وكان مع الأكثرية»، موضحا أن «المعادلة تصبح اليوم إذا شاركوا في الحكومة عشرة (مقاعد وزارية) مع رئيس الجمهورية ونحن عشرين». وأشار إلى أن «رئيس الجمهورية كان يؤلف اللوائح (في الانتخابات النيابية) ضدنا، ويستدعي المرشحين، والناس تعلم ذلك، والكتلة الوسطية كانت ستشكل لرئيس الجمهورية، والإدارة كانت ضدنا، خصوصا في منطقتي جبيل (مسقط رأس سليمان) وكسروان».

ولا يعبّر الصراع القديم الجديد عن نفسه للمرة الأولى بهذا الشكل بين الرجلين، إذ إن عون اعتاد وعند كل استحقاق توجيه سهام نقده إلى الرئيس سليمان، الذي درج دائما على اتباع سياسة عدم الرد، منذ أن تولى منصب رئاسة الجمهورية بتوافق جميع الفرقاء السياسيين بعد اتفاق الدوحة، ومن بينهم عون، وإن على مضض يعرفه كل اللبنانيين، انطلاقا من رغبة الأخير الدائمة بالوصول إلى سدة الرئاسة اللبنانية. وفي حين امتنعت مصادر الرئيس سليمان، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، عن التعليق على كلام عون، مشيرة إلى أن «امتناعها هذا هو خير جواب»، اكتفت مصادر ميقاتي بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط»، على أن «أي تشكيلة حكومية لن تقدم إلا بالتشاور والتوافق مع رئيس الجمهورية». وتشكل مطالبة عون بعدم إعطاء أي حصة وزارية لرئيس الجمهورية واحدة من أبرز المعوقات التي تحول دون إحراز أي تقدم فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، التي بات من المؤكد أنها لن تبصر النور في الأيام المقبلة. وفي هذا السياق، نقلت وكالة «فرانس برس» عن «مسؤول» في فريق عمل الرئيس ميقاتي قوله إن «الحكومة اللبنانية لن تبصر النور هذا الأسبوع»، موضحا أن «الأمور ليست متعثرة، لكن هناك مطالب كبيرة تقدمت بها بعض الأطراف، والعمل جار لضبط الإيقاع بهدف إرضاء كل الأفرقاء». وأكد أن «الاتصالات لا تتوقف، والرئيس ميقاتي يعطي فرصة لقوى 14 آذار للمشاركة في الحكومة، لكنه يجري في موازاة ذلك محادثات متواصلة مع الأطراف الأخرى».

في موازاة ذلك، انتقدت مصادر نيابية في تيار المستقبل المواقف التي أطلقها عون بحق رئيس الجمهورية، وسألت في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «من هو ميشال عون حتى لا يعطي حصة وزارية لرئيس الجمهورية؟ وما هي صلاحياته؟». وطالبت ميقاتي «بموقف واضح لوضع حد للتعدي القائم على صلاحيات الحكومة»، داعية الرئيس سليمان «للرد على المتطاولين على موقع رئاسة الجمهورية». وذكرت أنه «لرئيس الجمهورية وحده الحق بالتوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة أو عدمه»، مشددة على «أنه لا يجب السكوت بعد اليوم على عقلية عون المتحجرة والمتعطشة دائما وأبدا للسلطة». وفي رد على مواقف عون، أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، زياد بارود، المحسوب على الرئيس سليمان، أن «موقع رئيس الجمهورية يجب أن يكون بعيدا عن التجاذبات، والمطلوب هو تعزيز السلطات الدستورية، ورئاسة الجمهورية هي على رأس المؤسسات الدستورية، ولا بد من تعزيز الموقع». وشدد على ضرورة مقاربة الموضوع «في إطاره المؤسساتي»، مذكرا بأن «القوى السياسية لها مشروعها، وتتمثل بما تراه مناسبا، ولكن هذا يحصل من دون أن يصار إلى التصعيد».

وحول قبول تسميته وزيرا للداخلية من غير رئيس الجمهورية، أجاب: «كنت على أفضل العلاقات مع كل القوى تأمينا لما كان مطلوبا مني من مهمات، وخصوصا في ظل الانتخابات النيابية والبلدية وما بينهما من استحقاقات»، موضحا أن «انفتاحي لا يعني ألا أكون وفيا لمن اختارني لأكون وزيرا قبل سنتين». وأكد أنه «سيعطي وفاءه للرئيس سليمان الذي أعطاه ثقته بمعزل عن المناصب».