استقالة أول نائب في البرلمان العراقي احتجاجا على الأداء السياسي

جعفر الصدر عضو ائتلاف المالكي لـ «الشرق الأوسط»: في «دولة القانون» أفراد يحتكرون القرار

جعفر الصدر («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن جعفر الصدر، عضو مجلس النواب العراقي عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، استقالته أمس من البرلمان، ليكون بذلك أول نائب يستقيل بمحض إرادته، و«لأسباب خاصة»، حسبما عنون في أسباب الاستقالة.

وكشف الصدر لـ«الشرق الأوسط» أمس، عبر الهاتف من بيروت عن أسباب استقالته، قائلا إنها «تتعلق بعدم قناعتي بآليات العمل البرلماني والسياسي في العراق ولا بالعملية السياسية»، مضيفا «إني شاركت في العملية السياسية ورشحت للانتخابات البرلمانية في محاولة لخدمة شعبنا وبلدنا، إذ كنت أراقب العمل السياسي من الخارج وقررت أن أعمل من داخل العملية السياسية، وكنت آمل أن أقدم أي شيء لشعبنا، لكنني لم أستطع». وأضاف: «أنا لم ألمس أي دليل على أن هناك عملا منظما أو برنامجا للعمل من أجل بناء مؤسسات دولة مدنية، وليست هناك أي استراتيجية لخدمة الناس، بل لا توجد رؤية استراتيجية للعراق وتوجهاته، وغياب الهاجس لحل المشكلات». وتابع: «لم أجد نفسي في المكان الذي يمكنني من تقديم خدمتي للعراقيين».

وتابع الصدر: «لقد وجدت تعميقا للمحاصصات، والتكتلات حتى داخل الكتلة الواحدة والمزايدات، وهناك تهميش وإقصاء داخل الكتلة الواحدة يقابله بروز وسيطرة أعضاء آخرين (في إشارة إلى كتلة دولة القانون)، وهناك مشكلات كثيرة في ظل وجود تحديات داخلية وإقليمية لم يتم التصدي لها»، مشيرا إلى أن «هناك الكثير من القطاعات داخل البرلمان وفي الحكومة غير واعية لهذه التحديات ولم ألمس جدية في التصدي لها».

وقال الصدر: «أنا لم أسع للوصول إلى مجلس النواب من أجل الحصول على امتيازات مادية أو معنوية، بل كان جل اهتمامي هو خدمة الناس، وأن أسهم في بناء دولة مدنية، لكنني وجدت أن بقائي لا يتناسب مع تاريخ عائلتي واسمنا».

يذكر أن جعفر الصدر الحاصل على بكالوريوس في علم الاجتماع ويدرس الآن للحصول على الشهادة العليا من الجامعة اللبنانية، هو نجل آية الله محمد باقر الصدر، واحد من أبرز مراجع الشيعة والذي يعد من أبرز المفكرين الإسلاميين، ومؤسس حزب الدعوة الإسلامي، وكان قد أعدمه نظام الرئيس الأسبق صدام حسين في أبريل (نيسان) 1980 مع شقيقته نور الهدى. ودعا نجله في مناسبات كثيرة إلى عدم استغلال اسم والده في العملية السياسية أو الانتخابات، وأن يتخلى البعض عن المناداة بالانتقام لدم والده والاتجاه إلى التسامح من أجل بناء عراق حضاري متمدن. وأوضح الصدر قائلا: «أنا لم أسع إلى استخدام اسم والدي الشهيد محمد باقر الصدر، سواء خلال الحملة الانتخابية أو بعد الانتخابات، لأنني أدرك أن اسم والدي هو أكبر من ذلك بكثير، مع أني أدرك أن الناس تكن له كبير الاحترام والتقدير، وبالتالي فأنا نجله، وهو (محمد باقر الصدر) أكبر من أن يتم استغلال اسمه، سواء من قبل أشخاص أو حزب معين أو حتى من قبل مذهب أو طائفة، لأن أفكاره إنسانية وتضحيته كانت من أجل كل العراقيين». وكشف الصدر عن نيته تأسيس حزب أو جمعية أو تجمع «نخدم من خلاله أبناء شعبنا الوفي بعيدا عن المحاصصات والمصالح الذاتية، تقديرا لثقة العراقيين بنا، وهذا مرهون بالأوضاع السياسية وبحاجة الناس لنا».

وفيما إذا كانت لاستقالته علاقة بخلافات مع المالكي، قال الصدر: «ليست هناك خلافات شخصية، وإنما هناك اختلافات تتعلق بالأداء السياسي ووجهات النظر منذ ما قبل الانتخابات وخلالها وبعدها وأداء قائمة (دولة القانون) وسير العملية السياسية برمتها»، كاشفا عن أن «هناك مجموعة من الأفراد في (دولة القانون) يحتكرون إصدار القرارات وتسيير القائمة على حساب الآخرين وتجاهلهم من دون الأخذ بعين الاعتبار بقية الأعضاء». وأضاف قائلا: «إن قرار استقالتي ظل يتفاعل في ذهني منذ ظهور نتائج الانتخابات والإعلان عن الجلسة المفتوحة، حيث شعرت بأننا معطلون عن العمل وأن البرلمان معطل ولم يحقق أي شيء على مدى عام تقريبا، وعندما بدأت جلساته التي حضرت أغلبها، تأكدت من أن هذا ليس هو المكان الذي أستطيع العمل فيه، وتبلور عندي هذا القرار وقدمت استقالتي التي لا رجعة فيها لأنني اتخذت القرار عن قناعة تامة»، مشيرا إلى أن «هناك أعضاء البرلمان ويمكن أن يقدم الآخرون ما يستطيعونه للبلد والناس». وأضاف الصدر الذي عرف بانفتاحه على جميع الأفكار والتيارات والمذاهب، أن «هناك مناصب وزارية عرضت علي خلال تشكيل الحكومة ورفضتها، وهناك وزارات كنت أعتقد أني أستطيع تقديم الخدمة من خلالها، لكنها دخلت ضمن لعبة المحاصصة، وعلى العموم فأنا لم يكن ضمن طموحاتي الوصول إلى الحكومة بقدر ما كنت أريد العمل من خلال البرلمان».