قتلى وعشرات الجرحى في مظاهرة ضد السلطات في كردستان العراق

احتجاجات ضد الفساد في وسط وجنوب البلاد.. والمالكي يؤكد: لا نخشى على نظامنا

جانب من المظاهرة التي شهدتها السليمانية أمس (أ.ف.ب)
TT

شهد العراق من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه مظاهرات ضد الفساد وسوء الأحوال المعيشية من أبرزها واحدة في السليمانية، ثاني أكبر مدينة في إقليم كردستان، قتل فيها متظاهران وفي رواية أخرى خمسة متظاهرين. من جهته، أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أنه لا يخشى على مستقبل النظام السياسي في بلاده بسبب هذه المظاهرات.

وكما كان مقررا أمس أخرجت مظاهرة شعبية في السليمانية ضمت آلاف المواطنين دعت إليها شبكة الدفاع عن الحريات الكردية. وتجمع المتظاهرون أمام مركز السراي الرئيسي بمدينة السليمانية للإعراب عن ترحيب الشعب الكردي بانتصار ثورتي تونس ومصر، والدعوة إلى إجراء إصلاحات سياسية ومكافحة الفساد في الإقليم. ورغم أن الشبكة أصدرت في وقت متأخر أول من أمس بيانا دعت فيه إلى التزام جانب الهدوء، لكن المظاهرة انحرفت عن مسارها وبدأت تتجه نحو العنف بعد توجه أعداد من المتظاهرين إلى المقر الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، ورشقه بالحجارة ومحاولة اقتحامه مما أدى لحماية المقر إلى إطلاق النار ما أسفر بحسب مصادر طبية خاصة بـ«الشرق الأوسط» عن سقوط خمسة قتلى و21 جريحا. لكن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن طبيب في مديرية الصحة في السليمانية أن «شخصين (25 و18 عاما) قتلا وأصيب 47 آخرون».

وفي خضم هذه الأحداث وجه رئيس المعارضة نوشيروان مصطفى نداءا عاجلا إلى المتظاهرين دعاهم فيه إلى التزام جانب الهدوء للتعبير عن مطالبهم. وقال مصطفى في بيانه «نرفض بشدة أي هجوم على المقرات والمكاتب الحكومية، ونعتبر حماية أمن واستقرار البلاد من أولوياتنا، ومن هذا المنطلق تعرب حركة التغيير عن استعدادها الكامل للتعاون مع المؤسسات الرسمية وتدعو المتظاهرين إلى التحلي بروح المسؤولية وأن لا يسمحوا لبعض الفوضويين ومثيري الشغب ليعرضوا أمن واستقرار الإقليم إلى الخطر». ومع بدء المظاهرة أدلى المتحدث الرسمي باسم حركة التغيير المعارضة محمد توفيق رحيم بتصريح عاجل إلى تلفزيون الحركة أكد خلاله «أن حركة التغيير لا علاقة لها مطلقا» بالمظاهرة.

إلا أن هيوا أحمد مصطفى مسؤول الفرع الرابع لحزب بارزاني اتهم في تصريح نشره موقع «بيامنير» الكردي «أن حركة التغيير حثت المتظاهرين المتجمعين أمام مركز السراي منذ بداية المظاهرة للتوجه نحو مقر حزبنا، وهذا في الوقت الذي تهاونت فيه قوات الشرطة المدنية بالمحافظة من التدخل وفرض حمايتها لمقر حزبنا». وأضاف أن «هذه النشاطات والأفعال لا تخدم مصلحة سكان السليمانية، كما أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس لقمة سائغة ليبتلعها الآخرون».

إلى ذلك، أكد الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئاسة بانتظار وصول تقارير الأحزاب والقوى الكردستانية والنخبة الثقافية ومنظمات المجتمع المدني حول تأشير مكامن الفساد في الإقليم تمهيدا لتشكيل لجنة عليا لبحث الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد وشن حملة وطنية شاملة على مستوى الإقليم للإصلاح السياسي». وفي غضون ذلك التقى رئيس حكومة الإقليم برهم صالح بوزير العدل وأعضاء هيئة الإدعاء العام في كردستان. وأكد خلال اللقاء دعمه الكامل لتفعيل دور الإدعاء العام من أجل متابعة تقارير ديوان الرقابة المالية ومقاضاة المخالفين من مسؤولي الحكومة فيما يتعلق بقضايا الفساد المالي.

وتزامنت مظاهرة السليمانية مع موجة مماثلة تجتاح بشكل يومي العديد من المدن العراقية للمطالبة بتحسين الخدمات ومعالجة الفساد والبطالة. ففي ناحية النصر (60 كلم شمال الناصرية) كبرى مدن محافظة ذي قار (جنوب بغداد) تظاهر العشرات مطالبين بتحسين الخدمات ومعالجة البطالة والقضاء على الفساد. كما طالبوا بإقالة المجلس البلدي للناحية.

وقام المتظاهرون باقتحام مبنى المجلس البلدي وإضرام النار فيه كما أحرقوا جزءا من بناية حكومية مجاورة وفي مدينة الكوت (160 كلم جنوب بغداد) تظاهر المئات أمام مبنى المحافظة في وسط المدينة مطالبين بإقالة مجلس المحافظة والمحافظ والمسؤولين المحليين لفشلهم في أداء واجباتهم وتحسين أوضاع المحافظة.

وفي البصرة (550 كلم جنوب بغداد) تظاهر مئات أمام مبنى المحافظة حاملين ملفات لوثائقهم الخاصة في إشارة للبحث عن عمل. وهتف المتظاهرون: «هذا المحافظ ما نريده يا حكومتنا الجديدة».

ورغم تواصل المظاهرات اليومية، أكد رئيس الوزراء نوري المالكي خلال مؤتمر صحافي عقد ببغداد عدم خشيته منها قائلا: «ليس لدينا قلق من المظاهرات لأن النظام السياسي ديمقراطي برلماني والشعب فيه مصدر السلطات». واعتبر المالكي أنه ليس وحده من يتحمل المسؤولية على صعيد ما يجري في البلاد الآن من مظاهرات تطالب بتحسين الخدمات. وأضاف أن «الجميع الآن مشاركون في الحكومة وبالتالي فإن عليهم أن يتحملوا المسؤولية» مطالبا وزراءه «بالنزول إلى الشارع ومواجهة المظاهرات بالحوار مع مطالب المتظاهرين حسب الاختصاصات». واتهم المالكي جهات خارجية وأخرى داخلية بإثارة الشغب خلال المظاهرات معلنا عن اعتقال 20 شخصا هم الآن رهن التحقيق وقد كشفوا عن الجهة والأشخاص الذين قاموا بتحريكهم.