بلجيكا تحطم الرقم العالمي لأطول أزمة سياسية

تجاوزت العراق في طول مدة مشاورات تشكيل الحكومة

TT

سجلت بلجيكا رقما قياسيا عالميا أمس بقضائها مدة 249 يوما من المشاورات الرامية لتشكيل حكومة جديدة في البلاد، إثر الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي، وذلك بسبب الخلاف المستحكم بين الفلامانيين والفرانكفونيين، وبهذا حطمت بروكسل الرقم القياسي الذي احتفظت به حتى يوم أمس، بغداد، التي تمكنت العام الماضي بعد فترة مماثلة من التوصل لاتفاق على تقاسم السلطة بين السنة والشيعة والأكراد.

وجاء تسجيل الرقم العالمي بالتزامن مع قرار العاهل البلجيكي ألبرت الثاني، تمديد فترة الوسيط الملكي ديديه رايندرز (فرانكفوني) لمدة أسبوعين، لاستئناف المشاورات والتفاوض مع قادة الأحزاب، وتقديم تصور حول إمكانية إيجاد تسوية، لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة بدلا من الحكومة الحالية التي تقوم بتصريف أمور البلاد.

وبعد أن قدم الوسيط الملكي تقريرا إلى العاهل البلجيكي أول من أمس عن عمله خلال الأسبوعين الماضيين، تعرض رايندرز إلى انتقادات من بعض الأحزاب التي قالت إنه يعمل ببطء شديد ولم يقدم الجديد حتى الآن. لكن رايندرز الذي سبقه في مهمته فان ديلانوت وهو من الفلامانيين، قال إن الفرصة لا تزال قائمة لتشكيل حكومة، دون اللجوء إلى انتخابات جديدة. وقال في تصريحات للتلفزيون البلجيكي إن ما بين 60 إلى 70% من النقاط جرى التوافق بشأنها، ويمكن الوصول إلى رقم الـ90%، وبعدها لا بد من تأجيل بعض النقاط إلى مرحلة أخرى، وهنا تأتي صعوبة اتخاذ القرار من الأحزاب.

وحتى الساعة لم يتوصل الفلامانيون والفرانكفونيون إلى اتفاق على رؤية مشتركة لمستقبل بلدهم. ففي حين يطالب الفلامانيون المتحلقون بغالبيتهم حول حزبهم الرئيسي الانفصالي بالحصول على حكم ذاتي واسع جدا، يحذر الفرنسيون من خطورة أن يؤدي هذا الخيار لاحقا إلى تقسيم البلاد.

وتؤكد استطلاعات الرأي أنه في حال إجراء أي انتخابات الآن، فإنها لن تغير من ناحية فوز الحزب الاشتراكي في جنوب البلاد الناطق بالفرنسية، والمتمسك بوحدة البلاد، وتكريس قوة حزب التحالف الفلاماني الجديد في الشمال الناطق بالهولندية وصاحب النزعة الاستقلالية.

وكان لافتا أن بعض الصحف البلجيكية كرست عناوينها العريضة أمس «للاحتفال» بتحطيم الرقم القياسي في الأزمة الحكومية. فقد عنونت الصحيفة الواسعة الانتشار في المناطق الفلامانية «دي ستاندارد» بالخط العريض «وأخيرا نحن أبطال العالم، لتختار بذلك لمقاربة الأزمة لهجة تهكمية ساخرة أرفقتها بصورة كبيرة في الصفحة الأولى يظهر فيها مشجعو كرة قدم بلجيكيون يحتفلون بعد انتصار فريقهم. وللمرة الأولى اتفقت الصحف الناطقة بالهولندية وتلك الناطقة بالفرنسية على مقاربة واحدة للأزمة.

واختارت الصحيفتان الرئيسيتان الناطقتان بالفرنسية «ليكو» و«لوسوار» عنوانا عريضا واحدا هو «حطمنا الرقم القياسي»، لتضيف «لوسوار» بلهجة لا تخلو من السخرية والأسى في آن «لم ينته الأمر»، مرفقة تعليقها برسم تظهر فيه خلفية سوداء تشبه جدار سجن خط عليه السجين بالطبشور خطوطا عمودية تمثل الأيام التي قضاها في سجنه وعددها 249 يوما.

وكتب أحد المعلقين السياسيين في «لوسوار»: «لحسن الحظ لا تزال لدينا وجنات لنضحك. هي ضحكة صفراء، ولكن وسط هذا المأزق السياسي المفتوح من الأفضل أن يختار المرء السخرية عوضا عن اليأس». ولكن صحيفة «لاكابيتال» اختارت موقفا أكثر حزما وكتبت «رقم قياسي عالمي يجلب لنا العار»، في حين صدرت «دي مورغن» بعنوان «أسى بلجيكا» في استعارة من عنوان رواية «أسى البلجيكيين» للروائي الفلمنكي المفقود هاوغو كلاوس.