مصمم الرقص الجزائري الأصل كامل والي يروض «دراكولا» بقوة الحب

باريس تنتظر الاستعراض الموسيقي الكبير عن أشهر مصاص دماء في التاريخ

كامل والي
TT

يحقق بيع تذاكر عروض موسيقية راقصة عن مصاص الدماء دراكولا، من المقرر أن تبدأ على مسرح قصر الرياضة في باريس، الخريف المقبل، إقبالا كبيرا منذ أن طرحت التذاكر في السوق قبل سنة كاملة من موعد العرض. ويقف وراء تهافت الجمهور على اقتناء بطاقات الدخول النجاح السابق والساحق لأعمال الفنان الذي يخرج العرض ويرسم حركات الراقصين فيه. والمصمم هو كامل والي، المخرج والراقص الجزائري الأصل الذي نال شعبية كبيرة بعد إشرافه على مسابقة «ستار أكاديمي» التلفزيونية بنسختها الفرنسية.

يحمل العرض الجديد اسم «دراكولا.. الحب أقوى من الموت». وسبق لوالي أن قدم عرضا باذخا بعنوان «كليوباترا»، جعل فيه الملكة المصرية تحكم وتحارب وتعشق وتموت بلدغة أفعى وهي تغني وترقص. وقد شاهد العرض على المسارح مليون متفرج. كما يحسب لوالي أنه جعل الملك الفرنسي لويس الرابع عشر يغني على المسرح في استعراض «الملك الشمس» الذي حضره 700 ألف متفرج. وبخلاف العرضين المذكورين، فقد وقع اختيار المخرج على راقص وليس على مغن لأداء شخصية مصاص الدماء ذي الأنياب الطويلة. ومن بين 2000 متقدم شارك في الاختبارات لاختيار ممثلي الشخصيات التسع الرئيسية في العرض، كان دور دراكولا من نصيب راقص هولندي شاب يدعى غولان يوسف، ينتمي إلى فريق فني في نيويورك وسبق له أن أمضى سنتين مع فرقة الباليه الوطني في مرسيليا، جنوب فرنسا. وقال والي إن ما لفت انتباهه لهذا الراقص «قوته الجسمانية الحيوانية ونظرته الطفولية التي تتعارض والشر المفترض في الشخصية».

الرهان الأول للمخرج هو محاولة استخدام تقنية العرض ذي الأبعاد الثلاثة على المسرح. وسيرتدي الممثلون لاقطات تسمح لهم بالاندماج في الصور المعروضة على شاشة في خلفية المسرح. أما المتفرجون فتوزع عليهم نظارات خاصة تمنح الإيحاء بالصورة البارزة أو المجسمة وتزيل الحواجز بين ما هو حقيقي وما هو وهمي. وإلى جانب هذا الرهان، ومع راقص في دور البطولة لا يجيد الغناء، يخوض المخرج رهانا ثانيا غير معهود في مثل هذا النوع من المسرحيات الغنائية، لأن بطله لن ينطق بحرف ولن يغني، وبهذا فإن الجمهور لن يسمع منه سوى لهاثه ووجيب ضربات قلبه. والرهان الثالث لكامل والي هو رغبته في تقديم مصاص الدماء في إطار رومانسي، تاركا وراء ظهره فكرة الوحش الدموي ومركزا على فكرة الصراع بين الخير والشر وعلى الشخصية الجدلية لدراكولا، وخصوصا قصة الحب التي يعيشها مع مينا. وحول هاتين الشخصيتين سيكون هناك 50 فنانا وفنانة يؤدون أدوارهم تمثيلا ورقصا وغناء. واختيرت الممثلة ناتالي فوكيت، وهي عضو سابق في الفريق الفرنسي لرياضة الجمناستيك الإيقاعي، لتقديم دور نينا.

واستند والي في العرض الذي يجري التحضير له، على نص الروائي الآيرلندي برام ستوكر الصادر عام 1897، وهو النص نفسه الذي اعتمد عليه المخرج الأميركي فرانسيس فورد كوبولا في تقديم دراكولا على الشاشة الكبيرة، عام 1992. أما التمويل فلم يكن من الصعب على فنان بهذه المواصفات من إقناع مجموعة رجل الإعمال الفرنسي لاغاردير بتبني العرض، وهي المجموعة المالكة للقناة التلفزيونية الأُولى. وسيشرف على الإنتاج كل من تييري سوك، منتج عروض ميلين فارمر ويانيك نواه، وجان شارل ماتي، الرئيس السابق لإذاعة «إن آر جي». وقد بدأ، بالفعل، تسجيل الموسيقى والأغاني التي شارك في كتابتها وتلحينها مجموعة من أفضل العاملين في هذا الميدان.

ورغم أن المسرحية الموسيقية لن تبدأ إلا بعد أشهر، فقد نزلت إلى الشاشة الصغيرة أول أُغنية مصورة «فيديو كليب» من الأغنيات الكثيرة التي يتضمنها العرض، وهي من كلمات وألحان جنيفر عياش وغناء أناييس ديلفا. وتبدو المغنية في «الكليب» وهي ترتدي باروكة ذات لون أحمر دموي.. بما يليق بموضوع المسرحية. وبالأحرى دس لقمة صغيرة في أفواه الجمهور لكي تستثار شهيته للوجبة الدسمة التي وعد بها في الخريف.

من هو كامل والي، هذا الفنان الجزائري الأصل الذي يتصدر مشهد تصاميم الرقص في فرنسا؟ إن آخر ظهور له في برنامج تلفزيوني كان بصحبة والدته التي زارتها الكاميرا في شقتها الباريسية لكي تتحدث عن ابنها الذي فاجأ العائلة التقليدية المهاجرة بأنه يريد أن يكون راقصا. ولكي يحقق ما يريد، كان عليه أن يكون راقصا استثنائيا لكي يقتنع أبوه، الذي أنجب 12 ولدا وبنتا، بأنه لن يضيع مستقبله عبثا. إنه اليوم على عتبة الأربعين من العمر. وقد كان معلما في أكاديمية الرقص في باريس، ثم في كونسرفاتوار ضاحية «لاكورنوف» وبعدها في ضاحية «سان دوني»، أي أنه علم الرقص لأبناء المهاجرين المهمشين الذين ينظرون إلى هذا الفن باعتباره ترفا. لقد كان كل واحد منهم يحلم بأن يكون «مايكل جاكسون» جديدا، يرقص ويبدع ويجمع ثروة وينال الشهرة العالمية. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل؟

شارك كامل والي، كراقص، في عدة أُغنيات مصورة، مع مواطنه الشاب خالد. وبعدها شارك كمصمم رقصات في مسرحية «الوصايا العشر» التي حققت له شهرة طيبة وكانت فاتحة أبواب النجاح والصعود. أما أول مسرحية استعراضية خاصة به فكانت «الملك الشمس». ومن يومها صار مثل القطار السريع المنطلق على سكة النجاح.