السعودية: 87 دولة تطلق وثيقة «النوايا الحسنة» لإعادة الثقة في التعامل مع النفط

وقعت برعاية من خادم الحرمين الشريفين لتنظيم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين

أنهت 87 دولة التوقيع على ميثاق منتدى الطاقة الدولي لدعم الاستقرار على المدى البعيد في أسعار النفط (تصوير: خالد الخميس)
TT

أطلق الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنتدى الطاقة الدولي الذي عقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في العاصمة السعودية الرياض أمس، «مرحلة جديدة» في التعامل مع ملف البترول بما ينظم العلاقة بين المستهلكين والمنتجين، في وقت أكد فيه مسؤول سعودي أن الدول الموقعة على الميثاق ستجني فوائد الالتزام به خلال الـ20 عاما المقبلة.

ولاحظت «الشرق الأوسط» أن وزير النفط الليبي غاب عن حضور الاجتماع الاستثنائي لمنتدى الطاقة الدولي، بسبب الأحداث التي تشهدها بلاده. ورحب في بداية الاجتماع المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية في السعودية، باسم خادم الحرمين الشريفين، بالمشاركين في هذا الاجتماع الوزاري.

ومن المنتظر أن يطيح الميثاق الذي وقعه ممثلون عن 87 دولة حول العالم، بحالة «عدم الثقة» التي سيطرت على العلاقات بين منتجي البترول ومستهلكيه، ودول العبور، في وقت دعت فيه الرياض الدول الموقعة على «حسن النية» إلى تطبيق الميثاق.

وأكد الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية في السعودية لشؤون البترول، أن الحوار بين المنتجين والمستهلكين، قطع شوطا كبيرا، معتبرا أن توقيع ميثاق التعاون بين الجانبين، هو إحدى الخطط الجديدة على طريق التعاون الدولي بين جميع أصحاب المصالح، لافتا إلى أن المنتدى الدولي يعد تجمعا واسع النطاق ويشكل 90 في المائة من أولئك الذين يمثلون عناصر الطلب والإمداد.

المنتدى الدولي للطاقة هو «ترتيب فيما بين الحكومات يضطلع بدور منبر محايد وتشاوري وصريح ومتواصل ومبني على معلومات موثوقة لحوار الطاقة الدولي بين أعضائه من الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة، بما فيها دول العبور».

ويؤكد المسؤولون السعوديون ونظراؤهم الأجانب الذي شاركوا في صياغة ميثاق المنتدى الدولي للطاقة، أنه لا يترتب على الدول الأعضاء الموقعة على الميثاق «أية حقوق أو التزامات ملزمة قانونيا»، غير أن كل دولة عضو، عليها أن تلتزم بحوار الطاقة الدولي بما يتماشى مع قوانينها الداخلية والتزاماتها الدولية، والمشاركة في المنتدى والسعي بـ«حسن نية» في تنفيذ أحكام الميثاق وتحقيق أهدافه.

وزير البترول السعودي علي النعيمي، عاد بأذهان المجتمعين في كلمته خلال الاجتماع الاستثنائي لمنتدى الطاقة الدولي، إلى الوراء قبل نحو 20 عاما، حيث أشار إلى أن منتدى الطاقة الدولي بدأ جهوده المهمة لتغيير طبيعة العلاقة بين منتجي الطاقة ومستهلكيها من خلال تعزيز التعاون بين الطرفين وبالنظر إلى الدور المتميز والحيوي للبترول في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا أنه «يصعب في الواقع تصور مجال توجد فيه درجة أكبر من الاعتماد المتبادل فيما بين الدول أو حوار يتسم بقدر أكبر من الأهمية لرفاهية الشعوب».

وقال وزير البترول السعودي إنه ليس ثمة شك في أن مكانة السعودية كمنتج ومصدر أساسي للنفط بمبادئها الداعية للاعتدال والتوازن تجعلها من أكثر المتحمسين لإقامة حوار مفتوح وصريح في هذا المجال، مضيفا: «ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف المتمثل في إقامة الحوار المستمر وتحقيق المزيد من الاستقرار في سوق الطاقة العالمية قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمته الافتتاحية أمام الاجتماع السابع لمنتدى الطاقة الدولي الذي انعقد في الرياض في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2000 مبادرته بإنشاء أمانة دائمة لهذا المنتدى».

وذكر النعيمي خلال كلمته أن وزراء الطاقة أيدوا في اجتماعهم الثامن في أوساكا باليابان عام 2002 مبادرة السعودية بعد أن قامت المملكة بترتيب كافة المسائل القانونية والتنظيمية ذات الصلة وتم إنشاء الأمانة العامة للمنتدى وبدأت عملها في ديسمبر (كانون الأول) 2003.

وشدد الوزير النعيمي على أن بلاده اليوم تضطلع بدور محوري في تسهيل الحوار بين المنتجين والمستهلكين وما يرتبط بذلك من مصالح بهدف إيجاد سوق طاقة دولية تتسم بالاستقرار والشفافية وبالإضافة إلى مهامها المتمثلة في تسهيل التبادل المستمر لوجهات النظر تعد الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي حاضنة لمبادرة المنظمات المشتركة للبيانات (جودي) حيث تتولى هذه الأمانة بالتعاون مع مركز أبحاث الطاقة في آسيا والباسفيك ومكتب الإحصاءات الأوروبي «يوروستات» ووكالة الطاقة الدولية ومنظمة الطاقة في أميركا اللاتينية ومنظمة الدول المصدرة للنفط وشعبة الإحصاء بالأمم المتحدة الإشراف على هذه المبادرة التي تعنى بتوفير المعلومات المهمة المتعلقة بالطاقة للجمهور، والتي يرى فيها منتجو الطاقة ومستهلكوها إنجازا مهما يساعد الدول على التخطيط للمستقبل بصورة أفضل واليوم نتشرف باستضافة الأمانة العامة في مدنية الرياض.

وزاد الوزير المهندس علي النعيمي: «ولقد ظهرت الحاجة خلال الاجتماعين الوزاريين غير العاديين اللذين عقدا في كل من جدة ولندن عام 2008 إلى تكوين فريق من الخبراء يقدم توصياته إلى الاجتماع الوزاري الثاني عشر لمنتدى الطاقة الدولي من أجل تعزيز هيكل الحوار العالمي الذي يتبناه المنتدى والحد من التقلبات في سوق النفط كما تقرر أن تقوم وكالة الطالة الدولية ومنظمة الدول المصدرة للبترول بتقديم ما تحتاجه الأمانة العامة للمنتدى الطاقة الدولي من مساندة فنية».

وقال النعيمي إنه قد تم تكوين فريق توجيهي رفيع المستوى بتنسيق من الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي للإشراف على وضع البنود المرجعية لفريق الخبراء وعمله، وأسفرت مرئيات وتوصيات ذلك الفريق عن صدور إعلان كانكون الوزاري الذي وافقت عليه جميع الدول الـ66 المشاركة في الاجتماع الوزاري الثاني عشر الذي عقد في المكسيك في شهر مارس (آذار) 2010.

وأضاف النعيمي أن إعلان كانكون يسعى إلى تعزيز الالتزام السياسي بإقامة حوار أكثر استنارة وفائدة مع الحفاظ على طابعه غير الرسمي من اعتماد ميثاق لمنتدى الطاقة الدولي يتضمن هيكل عضوية رسميا يحقق الاستقرار لميزانية الأمانة وعملها، ونحن على ثقة بأن هذا الميثاق سيعزز الحوار والتعاون بين جميع الأطراف المعنية لصالح الأجيال المقبلة.

وبين النعيمي أن سلسلة الاجتماعات الوزارية لمنتدى الطاقة الدولي التي بدأت عام 1991، أسهمت في تقريب وجهات النظر، ولقد أدى تأسيس الأمانة العامة لهذا المنتدى إلى زيادة الوعي بمدى الاعتماد المتبادل بين الدول في مجال الطاقة، وما يمكن أن نتعرض له جميعا من مصاعب في غياب مثل هذه التدابير، وإلى تحسن مناخ التعاون على المدى البعيد، حيث أصبحت المسائل الصعبة تعالج بصورة أكثر تعاونا.

الأمير عبد العزيز بن سلمان، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول في السعودية، استعرض في كلمته خلال افتتاح أعمال المؤتمر الاستثنائي، الجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين، لإعادة الاستقرار للأسواق البترولية، حينما دعا في يونيو (حزيران) 2008 على اجتماع في جدة بين المنتجين والمستهلكين، تلاه اجتماع متابعة في مدينة لندن البريطانية في ذات العام، مفيدا بأن وزراء البترول أبدوا دعمهم السياسي للتصدي لقضايا التقلب التي تشهدها الأسواق البترولية.

وجدد مساعد وزير البترول السعودي، الالتزام بما خلص إليه إعلان كانكون المنعقد في ديسمبر 2010، الذي حمل تأكيدات التزام الدول المشاركة فيه دعم الحوار بين المنتجين والمستهلكين.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، أحد الذين يقفون خلف إعداد الوثيقة التي ينتظر أن تنظم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين، وأشار في كلمته إلى أن الوثيقة تسعى لوضع تمويل مستديم لأمانة منتدى الطاقة الدولي، بما يسمح للمنتدى بالقيام بالدراسات وتبادل المعلومات وتقديم بيانات أفضل إلى الدول الأعضاء، وهي خطط جديدة على طريق التعاون الدولي بين جميع أصحاب المصالح.

وشدد الأمير عبد العزيز بن سلمان، على أن ميثاق منتدى الطاقة الدولي، الذي تم توقيعه أمس في الرياض، سيعود بالفائدة على البلدان التي وقعت عليه، في غضون الـ20 عاما المقبلة.

ويهدف منتدى الطاقة الدولي إلى «تعزيز التفاهم المتبادل والوعي بمصالح الطاقة المشتركة فيما بين أعضائه، وتشجيع فهم أفضل لفوائد استقرار أسواق الطاقة وشفافيتها للنمو الاقتصادي العالمي، وأمن إمدادات الطاقة والطلب عليها، والتوسع في التجارة الدولية والاستثمار في موارد الطاقة والتقنية».

كما يسعى منتدى الطاقة الدولي، عبر الميثاق الذي وافقت عليه الـ87 دولة في اجتماع الرياض أمس، ولم يسجل عليه أية اعتراضات، إلى «تحديد وترسيخ المبادئ والإرشادات التي تعزز شفافية واستقرار واستدامة سوق الطاقة، وتضييق الخلافات بين الدول الأعضاء المنتجة والمستهلكة للطاقة ودول العبور، بشأن قضايا الطاقة العالمية وتعزيز الفهم الأكمل لمدى حاجة بعضهم لبعض ومزايا التعاون التي يمكن جنيها من خلال الحوار فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين الصناعات المرتبطة بالطاقة من جهة أخرى، وتعزيز الدراسة وتبادل وجهات النظر بشأن العلاقات بين قضايا الطاقة والتقنية والبيئة والنمو الاقتصادي والتنمية».

وتسعى الوثيقة التي تم توقيعها أمس، إلى «بناء الثقة من خلال تحسين تبادل المعلومات بين الدول، وتسهيل جمع وتصنيف ونشر المعلومات والبيانات والتحليلات التي تسهم في تعزيز شفافية السوق واستقرارها واستدامتها».

وطبقا لبنود الميثاق التي وقعت عليه 87 دولة، فإنه سيصبح ساري المفعول بعد 30 يوما من انضمام 50 دولة إلى عضوية المنتدى طبقا للقسم الثالث، ويتولى الأمين العام إعلام جميع الدول الأعضاء بتاريخ سريان مفعول الميثاق.

وسيحل الميثاق اعتبارا من تاريخ سريان مفعوله محل النظام الأساسي للأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي، الذي أقر في مدينة أصفهان بإيران في سبتمبر (أيلول) 2003 وتعديلاته اللاحقة، وتصبح الأمانة العامة التي أنشئت بموجب النظام الأساسي الأمانة العامة للمنتدى.

وسيكون لزاما على حكومة السعودية، طبقا للميثاق الذي يقع في 18 قسما، بصفتها الدولة المضيفة للمنتدى، ونيابة عن الدول الأعضاء في المنتدى، أن تبعث بنص الميثاق إلى الأمين العام للأمم المتحدة، لتعميمه على أعضاء المنظمة كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة.

وستكون حصة مساهمة الأعضاء في الميزانية السنوية للأمانة العامة وفقا لمستويين؛ الأول: الحد الأدنى للمساهمة ويساوي 0.5 في المائة من الميزانية السنوية للأمانة العامة، والثاني: الحد الأقصى للمساهمة ويساوي 6 في المائة من الميزانية السنوية للأمانة العامة.

وضمن الحدين الأدنى والأقصى المذكورين، سيقوم أعضاء المنتدى بتحويل مساهمة سنوية، إحداها للأعضاء المستهلكة للزيت والغاز، والأخرى للدول المنتجة للزيت والغاز.

وسيتم احتساب نسبة مساهمة المستهلكين في منتدى الطاقة الدولي، على النحو التالي: «الميزانية السنوية للأمانة العامة، مضروبة في الاستهلاك الإجمالي للزيت والغاز لكل دولة عضو، مقسومة على إجمالي الاستهلاك الإجمالي من الزيت والغاز للدول الأعضاء المستهلكة، وإجمالي الإنتاج من الزيت والغاز للدول الأعضاء المنتجة».

وسيتم احتساب نسبة مساهمة المنتجين في منتدى الطاقة الدولي، على النحو التالي: «الميزانية السنوية للأمانة العامة مضروبة في إجمالي الإنتاج للزيت والغاز لكل دولة عضو، مقسومة على مجموع إجمالي الزيت والغاز للدول الأعضاء المستهلكة، وإجمالي الإنتاج من الزيت والغاز للدول الأعضاء المنتجة».

وطبقا للميثاق، فإنه «لا يتوقع أن تقدم البلدان الأقل نموا، التي يحددها الممثل السامي لشؤون أقل البلدان نموا والبلدان النامية غير الساحلية، ودول الجزر الصغيرة النامية، مساهمات سنوية».