أسهم اليابان تجذب أصحاب الأموال برخص قيمتها السوقية واحتمالات الانتعاش

مستفيدة من اضطرابات المنطقة العربية ومخاوف الأسواق الناشئة

بعض المستثمرين الدوليين يعتقدون أن أسعار النفط الليبي أقل من سعرها الحقيقي
TT

تبدو تمويلات الحكومة اليابانية على شفا الانهيار، وكان اقتصادها قد تعثر لمدة عقدين. لذا، لماذا يعتبر العديد من المستثمرين العالميين البورصة اليابانية سوقا رائجة للشراء؟ وقال تشارليز دو فالو من شركة «إنترناشيونال فاليو أدفايزرز»، وهي شركة استثمارية مقرها مدينة نيويورك: «تعتبر اليابان حتى وقتنا هذا واحدة من أرخص الأسواق في العالم. وهي تحظى بكراهية عالمية كبيرة، ولكنها قد تكون واحدة من أفضل الأسواق في العالم من حيث الأداء على مدار السنوات الخمس التالية». ومن بين الأصول التي يديرها «دو فالو» والتي تبلغ قيمتها 12.7 مليار دولار، يستثمر الرجل 15 في المائة بالفعل في اليابان، ويفكر حتى في الاستثمار بشكل إضافي في البورصة اليابانية. وقال دو فالو: «هناك عدد كبير جدا من الشركات اليابانية تدار بشكل جيد من وجهة نظر صناعية». وخلال الأسبوع الذي انتهى في يوم 11 فبراير (شباط) الماضي، كان مستثمرون يقيمون خارج اليابان هم صافي المشترين للأسهم اليابانية للأسبوع الخامس عشر على التوالي، وفقا لبيانات نشرتها بورصة طوكيو. وكان هذا هو أطول مسار من نوعه منذ عام 2005. وهناك مصدر جذب لخبراء البورصة وهو أسعار البيع النارية. وعلى الرغم من تسجيل مؤشر «نيكي» القياسي مؤخرا أعلى معدل له خلال 10 أشهر تقريبا، فإنه لا يزال بعيدا بمقدار أكثر من الثلثين عن ذروته التي سجلها قبل أن تنفجر فقاعة العقارات وسوق الأسهم اليابانية في عام 1990. وقد انخفضت أسعار الأسهم في طوكيو أيضا نحو 20 في المائة من مستوياتها المسجلة قبل اندلاع الأزمة المالية في عام 2008 - وهي واحدة من الأسواق الكبرى القليلة التي ما زال يتعين عليها أن تستورد قوتها. وتبدو الأسعار منخفضة جدا لدرجة أنه في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كان ثلثا الشركات المدرجة في القسم الرئيسي ببورصة طوكيو والبالغ عددها 1.700 شركة، يمتلكون نسب أسعار قياسا بالقيمة الدفترية أقل من 1. وهذا يعني، بدوره، أنه إذا تم تفكيك واحدة من هذه الشركات وبيعت أجزاؤها، فسوف تجلب أكثر من قيمتها السوقية. وقال توني روبرتس، الذي يدير صندوق ياباني بقيمة ملياري دولار لشركة «إينفيسكو بريبيتشوال»، ومقرها مدينة لندن: «تقول أسعار البورصة هذه إنه لا يوجد أي أمل على الإطلاق للشركات اليابانية، وهذا ليس صحيحا ببساطة. وهناك الكثير من الشركات الكبرى في اليابان التي تضيف الكثير من القيمة». ومن المؤكد أن اليابان ما زال بإمكانها أن تمنح المستثمرين أسبابا للشك - مثل الآثار طويلة الأجل للمديونية العالية للحكومة والسكان المسنين. وهناك أيضا الربحية التافهة لشركات مثل «سوني»، التي حققت عائدات بنسبة 3 في المائة في المتوسط على السندات على مدار السنوات الخمس الأخيرة، بينما تجاوزت عائدات منافستها الكورية، «سامسونغ إلكترونيكس»، نسبة 13 في المائة خلال نفس الفترة.

ولكن «المستثمرين الأجانب الذين كانوا يمرون بطريقة آلية على الأسهم اليابانية يلقون الآن نظرة ثانية»، حسبما ذكر جونيا ناوروسي، كبير الخبراء الاستراتيجيين في معهد «دايوا للأبحاث». ومن بين الأمور التي دعت إلى حدوث هذا الأمر هو أن الانتعاش الاقتصادي الذي اكتسب قوة في الولايات المتحدة قد شجع المستثمرين، بينما ساعد في تحسين مظهر الاقتصاد الياباني الذي تقوده الصادرات. وفي نفس الوقت، يشجع الاضطراب في دول الشرق الأوسط وارتفاع تضخم أسعار الغذاء والسياسات المالية المشددة بعض المستثمرين العالميين على التفكير أكثر من مرة بشأن الأسواق الناشئة.

وفي الحقيقة، مع تحول الصين الآن إلى أكبر شريك تجاري لليابان، تبدو أسهم الصادرات اليابانية الطريق الأقل خطورة للاستثمار بشكل غير مباشر في النمو الصيني. وبينما تبدو الأرباح التجارية بأنها أبعد ما تكون عن الازدهار، زاد إجمالي الربح الصافي في الشركات اليابانية العامة بمقدار أكثر من الضعف خلال العام المالي الحالي، وفقا لسجل «نيكاي». وقد حاولت المزيد من الشركات اليابانية الرد على شكاوى المستثمرين القائمة منذ فترة طويلة بأن الشركات الموجودة هنا تخزن كميات كبيرة جدا من الأموال النقدية، بدلا من استثمارها أو إعادتها إلى حملة الأسهم. وقد رفعت بعض الشركات أرباح الأسهم، بينما أعلنت شركات أخرى، من بينها شركة «التبغ اليابانية» وشركة «روم» المصنعة لأشباه الموصلات عن حدوث عمليات إعادة شراء للأسهم خلال الشهور الأخيرة - وهي حركات تساعد في رفع قيمة الأسهم المتبقية للشركات في السوق. وفي نفس الوقت، إذا انتشر التضخم الذي يهدد دولا أخرى إلى اليابان، فإنه يمكن أن يساعد طوكيو في النهاية على قلب أسعارها الكاسدة، مع حدوث امتدادات إيجابية للبورصة. وما زال المستثمرون يحذرون من أن تحقيق أرباح في الأسهم اليابانية يتطلب امتلاك معرفة وثيقة بالطبيعة التجارية لليابان. وبدلا من الالتصاق بالشركات العالمية الشهيرة مثل «تويوتا» أو «سوني»، يهدف مديرو الاستثمار إلى اكتشاف الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتاجر تحت قدراتها. وقد استثمرت شركة «إنترناشيونال فاليو أدفايزوز» على سبيل المثال في شركات غامضة نسبيا مثل شركة «كاناموتو» التي تؤجر مواد البناء وشركة «ميلبون» التي تصنع منتجات العناية بالشعر. وقال «دو فالو» المسؤول بشركة «إنترناشيونال فاليو أدفايزوز»: «تعتبر البورصة اليابانية مكانا مناسبا لتحقيق أرباح مالية بشرط الاختيار السليم للأسهم». وفي نفس الوقت، يحاول بعض المستثمرين الناشطين إقناع الشركات اليابانية بخلق قيمة إضافية للمساهمين عبر إثارتهم لقضية أشعلت معارك جدلية بين مستثمرين أجانب وإدارة يابانية في منتصف عام 2000. وفي بداية الشهر الحالي، قالت شركة «غافرنرز فور أونرز»، وهي شركة استثمارية تتبنى حقوق المستثمرين مقرها مدينة لندن، وشركة «طوكيو مارين أسيت مانيجمنت» اليابانية إنهما سيبدآن «بشكل مشترك في إنشاء صندوق مالي سوف يستثمر 100 مليار ين (1.2 مليار دولار) في تقييم أداء الشركات الرأسمالية اليابانية صغيرة ومتوسطة الحجم ولعب دور نشط». وقال سايمون وونغ، وهو شريك في شركة «غافرنرز فور أونرز»: «نحن نشعر بأن هناك فرصا في اليابان، ولكن هناك قضايا تحتاج إلى معالجة»، مشيرا بشكل خاص إلى الادخار الوطني الذي قال إنه لا يزال يميز العديد من الشركات اليابانية. وقد بدأ مستثمرون محليون في تصوير هذه الخطوات من أجل التركيز على الأسهم اليابانية ضعيفة الأداء. وفي نهاية شهر يناير (كانون الثاني)، أنشأت شركة «نومورا أسيت مانيجمنت» وديعة استثمارية للأسهم اليابانية ضعيفة الأداء، اجتذبت 73 مليار ين (878 مليون دولار) من أموال التجزئة، وهو مبلغ يزيد على ضعف حجم أكبر صندوق جديد للأسهم اليابانية خلال العام الماضي، وفقا لشركة «ليبر» للأبحاث. ويلقى اهتمام المستثمرين المتجدد ترحيبا في السوق التي فقدت بريقها أمام منافسين إقليميين ينمون بشكل أسرع. وبحساب دوران الأسهم، فقدت بورصة طوكيو وضعيتها كأبرز بورصة آسيوية لصالح بورصة شنغهاي في عام 2009، على الرغم من أن طوكيو لا تزال تمتلك أكبر بورصة في القارة من حيث القيمة السوقية. وقال أتسوشي سايتو، الرئيس التنفيذي للبورصة: «تقدم اليابان بيئة جذابة جدا حيث إن بنوكنا مستقرة، ونحن دولة ديمقراطية، وأسواقنا مفتوحة وشفافة. ونقاط الجذب الاستثمارية قد تكون مرحة في ما يتعلق باللعبة المالية قصيرة الأجل، ولكن بالنسبة للإدارة المستقرة للصناديق المالية، تعتبر الأسهم اليابانية أفضل كثيرا». على الأقل إلى أن يثبت العكس. وفي الوقت الحالي، تتميز الأسواق العالمية بالتقلب نتيجة للاضطرابات الحالية في منطقة الشرق الأوسط. ويمكن أن تساهم بعض الأحداث السياسية في تأرجح الأسهم اليابانية. وكانت الحكومة اليابانية قد وعدت بأنها ستقرر بحلول شهر يونيو (حزيران) ما إذا كانت ستشارك في مفاوضات من أجل الانضمام لمنطقة التجارة الحرة من دول المحيط الهادئ، والتي قد تقدم دفعة محتملة للصناعة، ولكنها تلقى معارضة من قبل المزارعين. وفي نفس الشهر، تخطط الحكومة لتحديد الخطوات اللازمة لرفع ضريبة الاستهلاك، التي يمكن أن تضر بالانتعاشة الاقتصادية لليابان إذا نفذت بشكل سيئ. وقال جونيا ناوروسي، كبير الخبراء الاستراتيجيين في معهد «دايوا للأبحاث»: «يجب أن تستمر المسيرة حتى شهر يونيو (حزيران) - وبعدها، فسوف يكون كل شيء جائزا. إنها انتعاشة هشة، وقد يفقد المستثمرون قناعتهم بالاستثمار في اليابان مجددا، فجأة». وخفضت وكالة «مودي لخدمات المستثمرين» من تصنيفها الائتماني لليابان بفعل مخاوف تتعلق بدينها الوطني. وغيرت الوكالة من تصنيفها Aa2 لليابان من مستقر إلى سلبي. ولم تكن هذه الخطوة متوقعة. وكانت وكالة «ستاندرد & بور للتصنيف الائتماني» قد أخضعت تصنيفها الائتماني لليابان للتخفيض من AA إلى AA - .

* خدمة «نيويورك تايمز»