كلينتون: العنف ضد الشعب الليبي غير مقبول كليا

كيري يعتبر أن استخدام العنف ضد الشعب يعني انتهاء النظام في طرابلس

جانب من مظاهرة احتجاجية في وسط لندن ضد نظام العقيد القذافي تطالب برحيله أمس (تصوير حاتم عويضة)
TT

اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية أمس أن العنف ضد الشعب الليبي «غير مقبول كليا»، مضيفة: «لقد حصلنا على تقارير تفيد بقتل المئات. سفك الدماء هذا غير مقبول». وفي حين امتنعت كلينتون عن التعليق على خطاب القائد الليبي معمر القذافي، اكتفت بالقول: «نحن نراقب التطورات في ليبيا بقلق شديد، ونؤمن بأن الحكومة الليبية تتحمل مسؤولية ما يحدث وعليها اتخاذ خطوات» لحماية الشعب.

وقالت كلينتون في تصريحات مقتضبة أمس: «نحن نطالب الحكومات في المنطقة بأن تظهر ضبط النفس وأن تحترم حقوق شعوبها». واعتبرت أنه «لا يوجد مكان للعنف ضد المتظاهرين السلميين. حول الشرق الأوسط، الشعوب تطالب حكوماتها بأن تكون أكثر انفتاحا وتتحمل مسؤولية أكثر وتستجيب لهم». وحذرت: «من دون تقدم حقيقي تجاه نظم سياسية منفتحة وأكثر محاسبة، الفجوة بين الشعوب وحكوماتها ستزداد وزعزعة الاستقرار ستتعمق».

ولفتت كلينتون إلى أنه في ليبيا «سلامة الأميركيين أولوية قصوى، ونحن على اتصال مباشر وغير مباشر مع المسؤولين الليبيين» حول هذه القضية. وأضافت كلينتون: «إننا نسعى لفهم أكبر لما يحدث، ولكن الاتصالات قطعت بشكل كبير». وأكدت على دور الأمم المتحدة، قائلة: «سنعمل مع المجتمع الدولي، والرسالة واضحة جدا من كل المجتمع الدولي: لا شك في أنه يجب وقف العنف، وحكومة ليبيا يجب أن تحترم حقوق مواطنيها».

وبينما أجرى المندوبون في مجلس الأمن مشاورات خلال يوم أمس، كان من المتوقع أن تعقد جلسة رسمية مساء أمس لبحث تداعيات الأوضاع في ليبيا. وتحرص واشنطن على العمل في إطار الأمم المتحدة في الوقت الراهن. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جي كارني أمس: «نحن نتطلع إلى العمل مع المجتمع الدولي كي يتحدث المجتمع الدولي بصوت واحد في التنديد بالعنف، ونحن نشعر بأنه عندما يتحدث المجتمع الدولي بصوت واحد يكون الأكثر فعالية»، مؤكدا «المشاركة التامة» للوفد الأميركي في المحادثات في الأمم المتحدة. وردا على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن تدعم سقوط النظام في طرابلس، قال كارني: «يجب أن يقرر الشعب الليبي مستقبل ليبيا، مثلما هو موقفنا في المنطقة، موقفنا تجاه ليبيا هو مثل موقفنا من مصر والبحرين وغيرها من دول، وهي أننا نطالب بشدة إنهاء استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين ونطالب باحترام الحقوق العالمية لشعوب المنطقة مثل تلك التي تتمتع بها الشعوب حول العالم، وهي: حق التجمع السلمي وحق التعبير عن الرأي». وأضاف: «نحن نطالب حكومات المنطقة بالاستماع إلى واحترام الطموحات الشرعية لشعوبهم ولإجراء الإصلاحات المناسبة». وحرص كارني أيضا على تقديم «التعازي لعائلات ضحايا العنف المروع في ليبيا».

وجاءت تصريحات كارني بينما كان أوباما يتجه إلى ولاية أوهايو ليلقي خطابا حول الاقتصاد الأميركي في ولاية أوهايو أمس. ومن اللافت أن أوباما لم يشر إلى ليبيا في خطابه، على عكس استغلاله إلقاء خطابه حول الاقتصاد في ولاية ميشيغان للحديث عن الأوضاع في مصر بعد استخدام القوة لمواجهة المتظاهرين وقبل تنحي الرئيس المصري حسني مبارك. إلا أن الإدارة الأميركية ترفض الانتقادات الموجهة إليها بعدم اتخاذ موقف أكثر حزما مع الحكومة الليبية. ولفت مسؤول أميركي رفيع المستوى إلى أن «مثلما الرئيس قال الأسبوع الماضي ووزيرة الخارجية (الأميركية هيلاري) كلينتون قالوا الليلة الماضية، نحن ندين بشدة العنف في ليبيا، سفك الدماء هذا غير مقبول ولقد عبرنا عن ذلك مباشرة لعدد من المسؤولين الليبيين». وأضاف: «حاليا، نحن نركز على التنسيق مع حلفائنا وشركائنا حول العالم الذين يشاركوننا القلق حول الوضع في ليبيا»، موضحا: «نحن نبحث عددا من الخيارات السياسية في الأمم المتحدة بالتعاون مع المجتمع الدولي».

وهناك قضية مهمة تشغل الإدارة الأميركية حاليا وهي سلامة المواطنين الأميركيين في ليبيا، بما فيهم أعضاء السفارة. وقال المسؤول الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإشارة إلى اسمه: «نحن قلقون جدا حول سلامة المواطنين الأميركيين في ليبيا، موظفو سفارتنا ما زالوا يبحثون خيارات مختلفة لإجلاء كل من يريد المغادرة». وأضاف: «الوضع ما زال متغيرا، ولكن نحن ملتزمون بالتوصل إلى طريقة لنقل المواطنين الأميركيين». وكانت كلينتون قد أصدرت بيانا مساء أول من أمس قالت فيه: «العالم يراقب الوضع بذعر، نحن نشترك مع المجتمع الدولي في الإدانة الشديدة للعنف في ليبيا.. الوقت حان لوقف سفك الدماء غير المقبول».

من جهته، حدد رئيس مجلس العلاقات الخارجية التابع لمجلس الشيوخ الأميركي السناتور جون كيري 4 خطوات ملموسة للتعامل مع الأوضاع في ليبيا، مشددا على أنه «يجب أن يكون لدى الليبيين فرصة اختيار القادة الذين يحترمون حقوقهم الأساسية». وأضاف: «في حين أنه من الحقيقي أن لدى الولايات المتحدة أقل نفوذ في طرابلس من مناطق أخرى في المنطقة، توجد لدينا خيارات، خاصة مع المجتمع الدولي الأوسع». وأوضح كيري أن الخطوة الأولى هي «إعلام القادة العسكريين (الليبيين) بأن التورط في الأعمال الوحشية قد يعرضهم لاتهامات جرائم حرب، ثانيا يجب أن تتوقف جميع شركات النفط الأميركية والدولية عن العمل في ليبيا إلى حين وقف كل العنف ضد المدنيين، كما أن إدارة أوباما يجب أن تدرس فرض عقوبات أميركية رفعت في عهد (الرئيس السابق جورج) بوش». أما الخطوتان الثالثة والرابعة فركزتا على دور المنظمات الدولية، حيث اعتبر كيري أن «قيادة الأمم المتحدة على المحك. بعثة ليبيا لدى الأمم المتحدة أدانت حكومتها. الآن تحرك الأمم المتحدة أمر ضروري». واعتبر كيري أن على مجلس الأمن إدانة العنف بالإضافة إلى فرض عقوبات تشمل منع تصدير الأسلحة وحماية المناطق المدنية. وخلص كيري إلى الإشارة لأهمية دول الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، قائلا إن لدى المنظمتين «فرصة لوضع سبق جديد للرد على الأزمة في ليبيا». وأضاف: «العالم ينظر كيف سيرد قادة المنطقة على ليبيا، يمكن للجامعة العربية أن تظهر أنه بعد الثورات الشعبية في المنطقة، لا يمكن أن تستمر قوانين عدم المحاسبة»، موضحا أن على الاتحاد الأوروبي «التحقيق بشدة في التقارير بأن مرتزقة أفارقة شاركوا في الأعمال الوحشية في ليبيا».

وطالبت مجموعة باسم «مجموعة التواصل الليبية»، وهي تضم عددا من المعارضين في واشنطن بإغلاق الأجواء الليبية ومنع القذافي من استخدام الطائرات الحربية لقصف شعبه، بالإضافة إلى إجراءات دولية عدة، منها فرض عقوبات على القذافي وعائلته.