كردستان: مشاورات مكثفة لإعداد مشروع إصلاح سياسي.. ودعوات لاستقالة الحكومة

مظاهرات لليوم السادس في السليمانية.. وسط تحذيرات من هجمات انتحارية

TT

على الرغم من التطمينات التي قدمها رئيس حكومة إقليم كردستان، برهم صالح، في مؤتمره الصحافي عقب اجتماع الأحزاب الرئيسية الخمسة في كردستان، أول من أمس، وإشاراته المتكررة إلى وجود نوع من التفاهم حول تهدئة الأوضاع الراهنة في الإقليم، والشروع في إجراء الإصلاحات السياسية المطلوبة بعد تقديم أطراف المعارضة لمشاريعها للإصلاح، وتحديد مهلة ثلاثة أيام أمام تلك القوى لإعداد تلك المشاريع، فإن قيادات في حركة التغيير التي تقود جبهة المعارضة في كردستان صعدت من لهجتها ودعت إلى استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية تمهد لانتخابات برلمانية نزيهة لإخراج الإقليم من أزمته السياسية الراهنة.

ففي الوقت الذي أكد فيه القيادي البارز محمد توفيق رحيم، المتحدث الرسمي باسم حركة التغيير، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه ليست هناك أية مدة زمنية محددة لعقد اجتماع آخر بين القوى والأطراف الكردستانية لتدارس الوضع الحالي وتقديم مشاريع الإصلاح السياسي، دعا الدكتور شاهو سعيد النائب البرلماني عن الحركة الذي شارك في اجتماع أول من أمس إلى استقالة الحكومة الحالية «وتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية تأخذ على عاتقها قيادة المرحلة الحالية باتجاه تنظيم انتخابات برلمانية جديدة ونزيهة لتجاوز الأزمة السياسية التي تعصف بكردستان».

وحول ما تردد من أنباء عن اتفاق الأطراف الخمسة المشاركة في اجتماع أربيل مع برهم صالح على إعطاء مهلة ثلاثة أيام لتشاور أطراف المعارضة وصياغة مشروع موحد لها لإجراء الإصلاحات السياسية في كردستان، قال رحيم «ليست هناك أية مواعيد زمنية محددة لتقديم ذلك المشروع، ونحن نعتقد أن هناك حاجة إلى المزيد من الوقت لتدارس هذا الجانب، فأحزاب السلطة تتحدث منذ أربع أو خمس سنوات عن الإصلاحات والتغيير ولكنها لم تتقدم خطوة واحدة بهذا الاتجاه».

من جهته، دعا النائب البرلماني شاهو سعيد عن كتلة التغيير وعضو الوفد المشارك باجتماع أربيل إلى استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية بديلة لامتصاص غضب الشارع الكردي والخروج من الأزمة، وقال «أكدنا خلال اجتماع أربيل أن على السلطة وأحزابها أن تحاول إرضاء الشعب بالمقام الأول قبل أن تسعى لإرضاء الأحزاب الأخرى، والأهم من ذلك أن تلتفت السلطة إلى مطالب المتظاهرين في الشارع قبل أن تستمع إلى الأحزاب السياسية.. ومن هذا المنطلق فإننا ندعو الحكومة الحالية إلى تقديم استقالتها وتشكيل حكومة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر على أن تتشكل من شخصيات مستقلة وكفؤة، أي حكومة تكنوقراط تمهد لتنظيم انتخابات برلمانية جديدة حرة ونزيهة ليقرر الشارع الكردي من يريده للسلطة والحكم ليشرع بعد ذلك بإجراء الإصلاحات السياسية المطلوبة من أهمها، تحويل القوات المسلحة البيشمركة والأجهزة الأمنية إلى منظومة دفاعية مستقلة مرتبطة بالحكومة وليس بالأحزاب ليكون السلاح بيد الحكومة وحدها كما في جميع دول العالم، وذلك للحيلولة دون تمكين الأحزاب السياسية من استخدامها في صراعاتها، وأن تقاد تلك القوات من قبل أشخاص مستقلين يعملون على حماية النظام والوطن وليس حماية الأحزاب والمسؤولين وكراسي الحكم، وكذلك سن دستور يلبي مطالب الشعب ويضع قواعد التداول السلمي للسلطة، وإلغاء وتعديل كافة القوانين القامعة للحريات الأساسية للمواطن بالإضافة إلى الإصلاحات الضرورية في الجهاز الإداري والقضائي واستئصال شأفة الفساد».

إلى ذلك، تجددت المظاهرات الشعبية في ساحة السراي بمدينة السليمانية، أمس، لليوم السادس على التوالي، وسط تحذيرات أمنية بتوقع حدوث هجمات انتحارية وسط المتظاهرين. وبدأت المظاهرات كالمعتاد مع انتهاء الدوام الرسمي بمؤسسات الحكومة وتجمع الآلاف في ساحة السراي بمدينة السليمانية لتأكيد مطالبهم من السلطات، في الوقت الذي اندلعت مظاهرات في الكثير من مناطق الإقليم تأييدا لتهدئة الأوضاع وحماية أمن واستقرار الإقليم. ودخل برلمانيان من القائمة الكردستانية الحاكمة في كردستان وسط متظاهري ساحة السراي للاستماع إلى مطالب الشعب، تمهيدا لطرحها على الاجتماع الاستثنائي الذي يعقده البرلمان اليوم لتدارس الوضع وتداعياته بعد أن التقى رئيس البرلمان برؤساء وأعضاء الكتل البرلمانية. إلى ذلك نقل موقع «بيامنير» الكردي عن مصادر في مديرية آسايش (الأمن) بمدينة رانية الحدودية المشتركة مع إيران «أن القوات الأمنية على الحدود تلقت معلومات من مصادرها بدخول عنصرين انتحاريين إلى كردستان من إيران بهدف الهجوم على المواطنين من خلال الاندساس بين المتظاهرين وتفجير نفسيهما لقتل أكبر عدد من المواطنين».

في غضون ذلك، يستعد رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى العودة لكردستان بعد إنهاء جولته الحالية في أوروبا، وأكد الدكتور فؤاد حسين في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن بارزاني «لم يقطع جولته لأن الجولة تقتصر على عدد محدود من الدول، وأنه سينهي زيارته في غضون أيام قليلة قادمة سيعود على أثرها إلى كردستان».

وفي إطار محاولات الحكومة لتهدئة الشارع الكردي وتلبية مطالب المواطنين، عقد مجلس وزراء إقليم كردستان اجتماعه الأسبوعي برئاسة برهم صالح لبحث تداعيات الأحداث، وأصدر عدة قرارات لتخفيف الضغط المعيشي عن كاهل ذوي الدخل المحدود في إطار سعي الحكومة إلى إجراء الإصلاحات في الوضع المعيشي للمواطن. ومن بين القرارات التي صدرت عن اجتماع الحكومة، تخفيض أسعار الفحوصات في العيادات الشعبية الحكومية، منها بطاقات الفحص وأجور التصوير بالأشعة والسونار، وتخفيض نسبة 50 في المائة من أسعار الأدوية، وتحميل وزارة الصحة تكاليف دعم تلك الأسعار، وكذلك زيادة أجور المحاضرات للمعلمين والمحاضرين في كل من وزارتي التربية والتعليم العالي، وصرف مخصصات الخطورة للعاملين في الدوائر العدلية، وكذلك زيادة مخصصات المهندسين العاملين في وزارة الإعمار والإشغال».