نعم.. يا عضو مجلس الشورى.. ولكن!

عادل عصام الدين

TT

«كرتنا تدفع ثمن نقل اللاعبين من حارات متواضعة إلى قصور وفلل». تحت هذا العنوان قرأت ما قاله عضو مجلس الشورى المعروف والحاضر دائما طلال البكري لـ«الوطن».

قال الرئيس السابق للجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والرياض في مجلس الشورى: «إن العقود الاحترافية الخيالية تسببت في نقل لاعبين من بيوت متواضعة في حارات أكثر تواضعا إلى قصور وفلل في أحياء راقية، ما جعلهم يعيشون أوضاعا جديدة عليهم تماما لم يألفوها، مما يحدث فوارق يحتاج اللاعب نفسه زمنا طويلا لاستيعابها...».

وأكد البكري أن كثيرين من اللاعبين لا يشرفون الكرة السعودية، مطالبا بإعادة النظر في العقود الاحترافية الخيالية التي جعلت من لا يملك ريالا واحدا يصبح ثريا يملك الملايين، لا يفكر إلا في كيفية التعايش مع عالم الأثرياء.. وأضاف أن هؤلاء ليسوا أمناء على ما رزقهم الله لأنهم في الأصل يأخذون أكثر مما يستحقون.

شخصيا، أؤيد وبقوة ما قاله البكري حول العقود الخيالية والأرقام الفلكية، وتأثير انتقال اللاعبين «الفقراء» إلى بيئة «الأثرياء». لكنني أسأل: وكيف نسيت يا دكتور عشرات، بل مئات المبدعين والفنانين في ملاعب العالم؟!

أسماء كثيرة قفزت من أفقر أحياء العالم، ولوت الأعناق وأطربت المدرجات وكسبت الملايين ولم تتأثر كثيرا من جراء الانتقال «المفاجئ» إلا في ما ندر.

نجوم من البرازيل والأرجنتين جاءوا من أفقر الأحياء وحققوا نجاحات كبيرة في أوروبا. نعم.. هناك مبالغة في ما يدفع للاعبين، بل ثمة فجوة هائلة وتناقض كبير بين ما يدفع للاعبين وإمكانات الأندية وواقعها الغامض.

من يصدق أن نجما واحدا يتسلم سنويا ما يعادل ميزانية نادٍ بأكمله؟! نعم.. اللاعب السعودي لا يفكر إلا في حقوقه مع إهمال كامل لواجباته. الاحتراف عندنا مجرد تسليم للرواتب ودفع للملايين ومطاردة للصفقات. تركيز كبير على حقوق اللاعبين وإهمال كبير للواجبات.

أعترف بكل هذه السلبيات، ولا مجال للإنكار وبعد هذا الخلل الرهيب، وهذه الفجوة العميقة، ومع ذلك أسأل مجددا: ماذا عن القادمين من الحارات المتواضعة في بقية أنحاء العالم؟!

الحقيقة أن ثمة أسبابا متعددة لهذا «التواضع»، وهذا «التراجع»، ولا يجب أن نلوم اللاعب وحدة.

قلت عدة مرات من قبل: المنظومة الرياضية بأكملها بحاجة إلى اهتمام. نحن بحاجة إلى إصلاح رياضي. «اللعبة التنافسية» كلها تحتاج إلى رعاية. علينا أن نهتم بالمعرفة الرياضية والوعي واحتضان المواهب وصناعة الأبطال وتحديد موقفنا من الرياضة التنافسية عموما.

ماذا نريد من «رياضتنا التنافسية»؟! هذا هو السؤال الشامل الذي لم نبحث عن إجابة له حتى من قبل مجلس الشورى.

وأختم بالقول: صحيح.. هناك «فوضى» في المبالغ التي تدفع للاعبين، والواقع لا يسر بلا شك.

[email protected]