ليوناردو وأليغري والمبارزة القادمة

فرانكو أرتوري

TT

إن الأمر يشبه ما يحدث في أفلام الغرب الأميركي عندما يصمت الجميع ويفسحون المجال للمتبارزين. والآن لم يعد هناك أي منافس آخر من حاملي المسدسات بين الميلان والإنتر. وظهر نابولي في دور «البارمان» الجبان الذي يختفي من حلبة الصراع ويتوارى خلف أحد المكاتب بعد خسارته بثلاثة أهداف أمام الميلان وابتعاده عن المنافسة. وتخطى أليغري بهذا الفوز إحدى العقبات كبيرة في طريق تحقيق اللقب. وكان مدرب الميلان قد تعرض في الفترة الأخيرة لاتهامات بأنه يخسر الكثير من المباريات الهامة (أمام اليوفي وروما وتوتنهام)، ومعظمها تجرى على ملعبه. لكنه أثبت بعد هذا الفوز تفوق فريقه وحافظ على فارق النقاط الخمس عن الإنتر الذي قفز للمركز الثاني بهد هزيمة نابولي. وبعد التلاسن والتصريحات الحادة المتعلقة بالأرقام ونقاط الفريقين بين غالياني نائب رئيس الميلان وليوناردو مدرب الإنتر في الأيام الأخيرة أصبحت الأمور الآن واضحة ولا تقبل الشك.

لقد أثار أداء نابولي السيئ في هذه المباراة دهشة الجميع، فقد ظهر الفريق في عشرات المباريات هذا الموسم بنزعة هجومية كبيرة وحماس شديد ورغبة كبيرة في الفوز وتقديم أداء طيب. لكن الفريق بدا أمام الميلان وكأنه تعطل تماما في ظل غياب لافيتسي، ولا شك أن غيابه عذر قوي لكنه لا يفسر التدهور الشديد في أداء الفريق. وليس من المنطقي أن يلعب فريق ينافس بقوة على درع الدوري بهذه الصورة السيئة، بل يجب عليه أن يتشبث بحلمه ويرعاه ويحاول تحقيقه بكل قوة، لكنّ شيئا من هذا لم يظهر في أداء نابولي. ولم يحاول حتى البحث عن بعض الحظ الذي يمكنه من تحقيق نتيجة جيدة. وبدا أن ضربة الجزاء التي جاء منها هدف الميلان الأول، والتي كان من الممكن بالتأكيد تجنبها، هي عقاب مستحق لفريق لم يحاول أن يشن هجمة واحدة خطيرة على منافسه طوال المباراة. لقد سارت المباراة على غير ما يشتهي نابولي، لكن الفريق ما زال يملك فرصة النهوض من هذه الكبوة لأن فارق ست نقاط عن القمة فارق صغير يمكن للفريق تعويضه إذا كان يؤمن بإمكانية تحقيق ذلك. ولم يقدم الميلان أداء مميزا خلال شوط بأكمله، هو الشوط الأول الذي كان فيه هو المتحكم في مسار المباراة ولم يتعرض خلاله لأي خطورة من منافسه. وبعد ذلك أثبت باتو، لنفسه قبل الآخرين، أنه يستطيع أن يكون لاعبا فذا وحاسما إذا وضع نفسه في خدمة أداء الفريق قبل مصلحته الشخصية. فقد شارك باتو في الهجمة التي تسببت في ضربة الجزاء وصنع فرصة هدف آخر وسجل بنفسه هدفا رائعا. وصنعت موهبته الفارق خلال هذا اللقاء.

وإلى جانب باتو ظهر بواتينغ الذي استعاد مستواه بعد فترة إصابة طويلة. وأثبت أيضا أنه لاعب رائع يستطيع أن يلعب دور لاعب الوسط المهاجم غير التقليدي وأنه قادر على تغيير جميع الأوراق على الطاولة عندما يستعصي تغيير مسار المباراة على بعض اللاعبين الموهوبين من أمثال روبينهو. لكن أهم ما ظهر في اللقاء هو استعادة الميلان لنغمة الأداء الجيد غير الممل (وغير العقيم) وابتعاده عن طريقة اللعب المعتمدة على إرسال الكرات الطويلة لإبراهيموفيتش. والتحدي الذي يواجه أليغري وكتيبته في الفترة القادمة هو الحفاظ على هذا الأداء الجيد في جميع الميادين والمعارك التي يشارك فيها.

ولا شك أن ليوناردو مدرب الإنتر كان يتمنى خروج المباراة بالتعادل لكن هذه الأمنية لم تتحقق، لكن ليس من المؤكد أن يعتبر الإنتر هذه النتيجة سيئة من وجهة نظره. فقد يفضل ليوناردو وفريقه منافسة فريق واحد فقط بدلا من السعي خلف أكثر من فريق على قمة الدوري. ويستطيع فريق الإنتر بكل تأكيد مطاردة فريق الميلان الذي سيواجه مسارا وعرا خلال الجولات المتبقية من بطولة الدوري. وبالتأكيد حتى يحقق الإنتر هذا الهدف ينبغي أن يظهر بعض الشرود والأخطاء في دفاع الميلان وأن يبتعد تياغو سيلفا ونيستا عن مستواهما الجيد في مواجهة مهاجمي المنافسين وأن ينخفض مستوى إبراهيموفيتش في بعض المباريات. وقد يحدث كل هذا، لكن قد يحدث أيضا العكس. والمؤكد أن بطولة الدوري الإيطالي تسير نحو مباراة ديربي، ستقام خلال ما يزيد قليلا عن شهر، تاريخية وحاسمة.