صك إثبات الحياة.. طريق السعوديين للحصول على المعاشات التقاعدية ومساعدات الضمان

إجراء سنوي تطلبه 3 مؤسسات حكومية للتأكد من أن المستفيدين لم يزوروا «الشرشورة» بعد

الاستفادة من المعاشات التقاعدية ومساعدات الضمان مرهونة بورقة تفيد أن المستفيد لا يزال على قيد الحياة («الشرق الأوسط»)
TT

قد لا يكفي في السعودية أن تقف بلحمك وشحمك أمام موظفي 3 مؤسسات حكومية ليتأكدوا أنك لا تزال على قيد الحياة. فالأمر الوحيد الذي قد يقنعهم بذلك ورقة فاتحة اللون مكتوب على رأسها «صك إثبات الحياة».

«صك إثبات الحياة» ورقة انضمت إلى باقي الشهادات السعودية من شهادة ميلاد، ووفاة وغيرهما، مما يعني أن صاحبها لم يتعرف بعد على «الشرشورة»، الاسم الشعبي الذي درج على مغسلة الموتى أو عربة نقل الأموات.

ويعتبر صك إثبات الحياة شهادة ومتطلبا رئيسيا من قبل كافة مستفيدي الضمان الاجتماعي، والتقاعد، والتأمينات الاجتماعية، آثر البعض منهم التنازل عن مستحقاتهم المالية التي قد لا تتجاوز 3 آلاف ريال سعودي سنويا، مقابل جلب شاهدين ومزكين سنويا، للتأكيد على أن الأب أو الأم أو من قام مقامهما لم تستضفهم بعد «الشرشورة».

سبعينية التقت بها «الشرق الأوسط» في غرفة انتظار السيدات بالمحكمة الشرعية وسط الرياض، والتي لم يكن عكازها كافيا لإعادة توازنها منادية على أحد القائمين بشؤون السيدات «يا بني أبنائي في الخارج حضروا شهود على أني على قيد الحياة»، وكأن لسان حالها يقول: «صدقوني لم أر بعد الشرشورة».

«المحكمة الشرعية» وجهت على كل متقاضي التقاعد والمعونات الاجتماعية أو الورثة المضي نحوها سنويا برفقة شهودهم ومزكيهم في سبيل عدم انقطاع رمق العيش، فالسبيل الوحيد لها هو إثبات أنه ما زال هناك نبض للحياة، وفم بحاجة إلى الطعام.

مدير الإعلام التأميني في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية محمد الحسيني أكد في حديثه مع «الشرق الأوسط» أنه ضمن شروط تسلم مستحقات التأمينات الاجتماعية تعبئة التقرير السنوي وملء خاناته مع مهر لاثنين من الشهود لإثبات حياة المستحق، وأنه ما زال على قيد الحياة.

هذا الأمر، ينطبق أيضا على مستحقي المساعدات الضمانية. يقول محمد العوض المتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية إن صك إثبات الحياة يعد أحد الأوراق الثبوتية المتطلبة في سبيل إثبات بقاء المستفيد على قيد الحياة، مشيرا إلى أن السواد الأعظم من المستفيدين هم من كبار السن.

وبحسب ما ذكره المواطن فهد الرويس في حديثه مع «الشرق الأوسط» أنه انتابته ضحكة كبيرة عندما وقف أمام القاضي ليثبت بشهادته أن صديق السنين الواقف أمامه ما زال على قيد الحياة ومتمتعا بأنفاسه.

وفي الوقت الذي ارتأت فيه جهات حكومية رسمية الإبقاء على ما اعتادت عليه من جلب صك إثبات الحياة في خطوة لضمانة سلامة الإجراءات والابتعاد عن التزييف، إلا أن الإجراء التقليدي بحسب ريان مفتي المحامي والمستشار القانوني لم يعالج إشكالات أبرزها انتحال الشخصيات، مفيدا أن الإجراء المتبع وقع فيه الكثير من حالات تزوير الشهود.

ودعا المفتي إلى ضرورة تطوير الإجراءات وعدم إيقاع كبار السن في مشقة متابعة الدوائر الحكومية، والسير خلف الإجراءات الروتينية، وذلك من خلال تبني الربط الإلكتروني بين مختلف الجهات الحكومية الرسمية، وذلك لتسجيل الوفيات بصورة مباشرة وتحديثه يوميا دون الحاجة إلى طلب حضور الأفراد مع شهودهم للتأكد من بقائهم على قيد الحياة.

وطالب المحامي ريان بضرورة التنسيق مع الأحوال المدنية ووزارة الصحة ومع كافة الجهات المرخصة لاستصدار شهادات وفاة، الأمر الذي يعفي الأفراد من مستحقي الضمان والتقاعد والتأمينات وغيرهم من البحث عن شهود ومزكين سنويا.