علاقة «المستقبل» بسورية في الثلاجة وتحسينها مرهون بالحكومة الجديدة والمحكمة

شطح لـ«الشرق الأوسط»: التفكير في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أكثر ما يسيء للبلدين

TT

بات مؤكدا أن العلاقة بين تيار المستقبل والقيادة السورية، وتحديدا علاقة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بالرئيس السوري بشار الأسد، أصبحت متوقفة كليا، بعد التغيرات التي طرأت على الواقع اللبناني، وقلب الموازين السياسية التي أطاحت بحكومة الحريري، وبدلت الأكثرية النيابية التي أفضت إلى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة. ومن الواضح أن توتر علاقة الحريري بدمشق مردها إلى الخلاف العميق بينهما على النظرة إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، هذا الخلاف الذي كان سببا رئيسيا في إفشال المبادرة السعودية - السورية، بعد أشهر طويلة من العمل على إنضاجها.

وأكد مستشار الحريري، الوزير السابق محمد شطح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والقيادة السورية والرئيس بشار الأسد غير موجودة حاليا، وأن التواصل مقطوع بشكل كامل». وقال شطح إن «هناك رغبة لدى تيار المستقبل بأن تكون العلاقة اللبنانية - السورية جيدة ومن دولة إلى دولة، بما فيها الرئيس الحريري الذي يعتبر هذا الأمر من ثوابته»، مذكرا بأن «المملكة العربية السعودية كانت تدخل على باب التقارب بين القيادة السورية والرئيس الحريري، والآن من الواضح أن العلاقة السعودية - السورية ليست بالحميمية، كما كانت منذ فترة». وأضاف: «بعد الفترة الانتقالية التي كنا نمر بها مع سورية، باتت العلاقة اليوم في حالة توقف، ولا نعرف إذا كنا سندخل من جديد باب محاولة تصحيح هذه العلاقة، لا سيما أن هناك عوامل تشكيل الحكومة الجديدة، وموضوع المحكمة الدولية، علما بأن الرئيس سعد الحريري حاول إبعاد المحكمة وتحييدها عن علاقته بسورية، غير أن المواقف السلبية التي صدرت عن مسؤولين سوريين حول هذه المحكمة خلقت التباسا كبيرا».

ونفى شطح وجود أي وساطات قائمة حاليا، سواء كان من الداخل (اللبناني) أو من الخارج، علما بأن هناك الكثير من الأصدقاء المشتركين. وعما إذا كان تيار المستقبل يعتبر أن لسورية دورا أساسيا في إسقاط حكومة الحريري، وفي عملية تكليف نجيب ميقاتي بترؤس الحكومة العتيدة وتغيير التوازنات التي كانت قائمة في لبنان، قال: «نحن نرفض التعليق على تكهنات، ولكن إذا كان ما حدث هو بإيعاز من أي طرف شقيق أم صديق، سواء كانت واشنطن أم الرياض أم دمشق، فهو أمر غير مقبول». وأشار مستشار الحريري إلى أن «ما يسيء إلى العلاقات بين لبنان وسورية، هو تفكير البعض في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والعودة إلى سابقة إسقاط الحكومات وتعيين الوزراء وفرض الإملاءات من قبل القيادة السورية، وهذا من الأسباب التي أساءت للعلاقات بين البلدين، وأدت إلى تفجيرها في عام 2005».

وخلص شطح إلى أن «رغبة تيار المستقبل في تطوير العلاقات بين بيروت ودمشق عبرنا عنها بأشكال كثيرة وخطوات أثارت استغراب البعض (زيارات الحريري إلى دمشق)، لكن هذا التصحيح للعلاقة لا يعتمد على فريق واحد دون ملاقاة الطرف الآخر (سورية) له، بل يستلزم احترام المبادئ الأساسية للعلاقات بين لبنان وسورية، واحترام الخيارات وطبيعة نظام كل بلد ومؤسساته، ومن المؤكد أنه من دون الأخذ بهذه الثوابت والعمل بها، فإن أي كلام عن تواصل يكون بالشكل فقط ولا يوصل إلى أي شيء».

وأبدى النائب السابق ناصر قنديل، المقرب جدا من القيادة السورية، اعتقاده بأن «العلاقة لم تكن بين تيار المستقبل وسورية، بقدر ما كانت علاقة شخصية بين الرئيس بشار الأسد والرئيس سعد الحريري التي تأسست بناء على مبادرة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتكاسة أتت بعدما أبلغ الملك عبد الله الرئيس الأسد انسحابه من المبادرة المشتركة (السعودية - السورية لحل الأزمة اللبنانية) انطلاقا من وصفه للمتاعب والمصاعب التي يواجهها، وعدم التزام الحريري بما تم التوصل إليه. وتزامن ذلك مع تدخل أميركي عالي المستوى خلال زيارة الحريري إلى واشنطن». ولفت إلى أن «الثقة الشخصية التي كان يعول عليها الرئيس الأسد انهارت بعد تصريحات الرئيس الحريري التي قدم فيها سورية كطرف في النزاعات، وحملها مسؤولية عدم الوفاء بالالتزامات، موحيا وكأن الرئيس الأسد تعهد بالتزامات وكان عليه أن ينفذها». وقال: «إن علاقة الحريري مع الرئيس الأسد تأسست على أساس أنه نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشخصية محسوبة على الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكرئيس لحكومة لبنان، أما اليوم فقد دخلت العلاقة مرحلة بالغة التعقيد لأنه لم يعد رئيسا للحكومة، وحلها بات رهن عاملين أساسيين: الأول أن يقدم الملك عبد الله بن عبد العزيز ضمانات سعودية، والثاني أن يقوم سعد الحريري بمبادرة تثبت التزامه بالمعادلة اللبنانية في مواجهة المعادلات الإقليمية والدولية».

بدوره، أكد عضو كتلة المستقبل، النائب أحمد فتفت، أن «سورية ترتكب الأخطاء نفسها في علاقتها مع لبنان، وهذا سيؤدي إلى النتائج نفسها»، مشيرا إلى أن «الرئيسين الحريري وفؤاد السنيورة قاما بالخطوة نفسها تجاه سورية، إلا أن المشكلة كانت المطالبة بعلاقة متوازنة ومتساوية». ودعا إلى «تفعيل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين». وسأل: «لماذا في حال وزع بعض السوريين الموجودين في لبنان منشورات ضد النظام السوري يتم اعتقالهم من قبل مخابرات الجيش اللبناني؟ فلبنان بلد الحريات والديمقراطية».