ضغوط التضخم تلقي بظلالها على اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي

في أعقاب الارتفاع الكبير في أسعار المشتقات النفطية

مقر البنك المركزي الاوروبي ربما يشهد نقاشات ساخنة في إجتماعه اليوم
TT

يعقد مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي اليوم الخميس اجتماعه الدوري في ظل توقعات بأن يصدر البنك تحذيرا قويا من مخاطر تزايد الضغوط التضخمية في أعقاب البيانات الصادرة أمس والتي كشفت عن ارتفاع الأسعار في منطقة اليورو بأعلى معدل لها منذ 28 شهرا.

وفي حين لمح البنك المركزي الأوروبي إلى أنه سيبقي على سعر الفائدة عند مستواه المنخفض، القياسي 1 في المائة، فإنه من المتوقع أن يتحدث رئيس البنك جان كلود تريشيه في مؤتمره الصحافي اليوم عن ارتفاع توقعات البنك بشأن معدل التضخم. وقال مارتن فان فلايت، المحلل الاقتصادي في (آي إن جي بنك) «بشكل عام فإن أرقام التضخم تضمن بشكل خاص أن يبقي تريشيه على لغته المتشددة في المؤتمر الصحافي للبنك المركزي الأوروبي».

وكانت توقعات الأسواق بإقدام البنك المركزي الأوروبي على زيادة سعر الفائدة قبل إقدام مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي على خطوة مماثلة، قد أدت إلى ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار بالفعل. فقد ارتفعت قيمة اليورو أمام الدولار بأكثر من 3 في المائة منذ بداية العام، حتى تجاوز خلال الأسبوع الحالي مستوى 1.38 دولار. كما جاء الارتفاع في أعقاب صدور سلسلة بيانات اقتصادية أشارت إلى تحسن وتيرة النمو الاقتصادي في دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة التي تضم 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي. وقد انخفض متوسط معدل البطالة في منطقة اليورو إلى 9.9 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي مقابل 10 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بحسب البيانات التي أصدرتها وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات) يوم الثلاثاء.

في الوقت نفسه، تشير البيانات الصادرة خلال الأيام الماضية إلى تحسن الثقة في الاقتصاد الأوروبي. ففي الأسبوع الماضي أصدرت المفوضية الأوروبية مؤشر الثقة في اقتصاد الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، حيث ارتفع المؤشر خلال فبراير (شباط) الماضي إلى 107.8 نقطة، مقابل 106.8 نقطة في يناير الماضي.

كما زاد الناتج الصناعي لمنطقة اليورو خلال فبراير الماضي بأسرع معدل له منذ 10 سنوات، بحسب بيانات مؤسسة «ماركيت إيكينوميكس غروب» البريطانية للأبحاث. وكان الاتحاد الأوروبي قد حذر يوم الثلاثاء من أن التضخم في منطقة اليورو سيظل فوق مستوى 2 في المائة خلال عام 2011، أي أكثر من الرقم المستهدف الذي حددته منطقة العملة الموحدة، لارتفاع أسعار الطاقة والسلع. وقالت المفوضية الأوروبية في توقعات اقتصادية داخلية لها تعتمد على بيانات من سبع دول رئيسية بالاتحاد الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبريطانيا وبولندا) إن «ارتفاع أسعار الطاقة والسلع خلال الأشهر القليلة الماضية أدى لارتفاع كبير في التضخم».

وتتوقع ورقة المفوضية ارتفاع الأسعار بنسبة 2.2 في المائة في منطقة اليورو، وقفزة نسبتها 2.5 في المائة بالاتحاد الأوروبي بأكمله. ولا يزال ارتفاع التضخم وزيادة أسعار النفط بسبب الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، يمثلان مشكلة سياسية للبنك المركزي الأوروبي المسؤول عن إبقاء التضخم في منطقة اليورو أقل من 2 في المائة.

ويقول خبراء اقتصاديون إن أسعار الفائدة المتدنية بشكل قياسي في حاجة لأن تزيد من أجل كبح جماح الأسعار، غير أن آخرين يحذرون من أن ذلك قد يدمر عملية التعافي الاقتصادي الهش. وتشير توقعات المفوضية إلى أن متوسط معدل التضخم في الاتحاد الأوروبي خلال العام الحالي سيكون في حدود 2 في المائة وهو المعدل المقبول بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، في حين أنه من المحتمل استمرار الأسعار المنخفضة نتيجة ارتفاع البطالة وزيادة الطاقة الإنتاجية للاقتصاد. وتنطلق هذه التوقعات من افتراض أن متوسط سعر النفط خلال العام الحالي ككل سيكون 102 دولار للبرميل بزيادة نسبتها 25 في المائة عن متوسط أسعار العام الماضي ولكنه يقل بمقدار 6 دولارات عن سعر برميل نفط أوبك المعلن يوم الثلاثاء.

وفي بيان منفصل، ذكرت وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات) أن معدل التضخم السنوي لمنطقة اليورو التي تشمل 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) بلغ خلال فبراير الماضي 2.4 في المائة وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين. كما توقعت المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.6 في المائة في منطقة اليورو وبنسبة 1.8 في المائة في الاتحاد الأوروبي بتحسن قدره 0.1 نقطة مئوية عن توقعاتها السابقة الصادرة في نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت المفوضية إن «التوقعات المحسنة عززتها، من بين أمور أخرى، توقعات أفضل للاقتصاد العالمي وانتعاش ثقة الشركات بالاتحاد الأوروبي». وفي الوقت نفسه فإن أغلب المحللين يقولون إن البنك المركزي الأوروبي ليس في عجلة من أمره لزيادة سعر الفائدة في الوقت الذي تحاول فيه بعض دول منطقة اليورو التعامل مع أزماتها المالية نتيجة تراكم الدين العام. وقال دانيلي أنتونوشي المحلل الاقتصادي في بنك «مورغان ستانلي» الاستثماري إنه رغم الحديث القوي «نعتقد أن المخاوف بشأن زيادة مبكرة لسعر الفائدة مبالغ فيها.. كما نعتقد أن البنك المركزي الأوروبي سيبقي على سعر الفائدة الحالي حتى العام المقبل» في الوقت نفسه فإن الكثير من المحللين يعتقدون أنه مع تزايد قوة الدفع الاقتصادية مع ارتفاع أسعار الطاقة والأغذية في منطقة اليورو فإن البنك المركزي يمكن أن يلجأ إلى تشديد سياسته النقدية بنهاية العام الحالي.

ويذكر أن سعر الفائدة الرئيسي في منطقة اليورو ثابت عند مستوى 1 في المائة منذ مايو (أيار) 2009.