اليمين اليهودي المتطرف يريد «تطهير يافا» من أصحابها العرب

رددوا في مظاهرة استفزازية: اذهبوا إلى القذافي

مجندة اسرائيلية تمنع صبية فلسطينيين من الاقتراب من جرافات تقوم بهدم خزان ماء في مزرعة فلسطينية قرب الخليل، امس(إ. ب. أ)
TT

بعد سلسلة المظاهرات اليمينية في القدس والاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية، نظم عشرات من ناشطي اليمين المتطرف والمستوطنين مظاهرة استفزازية في مدينة يافا العربية المتاخمة لتل ابيب، أمس، تحت شعارات عنصرية معلنين أنهم يريدون «تطهير» المدينة من العرب.

ورفع المتظاهرون شعارات تقول: «يافا يهودية»، «اذهبوا إلى القذافي»، «احذروا يا يهود.. العدو يتغلغل في قلب إسرائيل». وقال الفاشي المتطرف المستوطن في الخليل، باروخ مارزل، الذي كان قد اتهم بالمشاركة في عمليات الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين، إنه يريد طرد الأعداء من مدينة يافا، وإن «العدو قد تغلغل إلى مركز البلاد». وقال عضو الكنيست ميخائيل بن آري، من حزب الاتحاد القومي المعارض إن «الحركة الإسلامية سيطرت على يافا ويجب التخلص منها».

وكان مارزل، ومعه الإرهابي إيتان بن جبير، قد بادرا إلى هذه المظاهرة بدعوى الرد على مظاهرة أخرى للمواطنين العرب في يافا، نظمت قبل شهر احتجاجا على مشاريع إقامة أحياء تقتصر على اليهود في يافا. وقال يومها أحد الخطباء العرب إن يافا مدينة عربية ولن يسمح أصحابها العرب بتهويدها. ورفضت الشرطة في البداية منح تصريح للمظاهرة، خصوصا بعد أن أعلن رئيس بلدية تل أبيب يافا، رون خولدائي، أن هذه المظاهرة استفزازية هدفها تدمير النسيج الاجتماعي الرائع بين السكان اليهود والعرب في تل أبيب ويافا. لكن محكمة إسرائيلية أجبرت الشرطة الإسرائيلية على منح اليمين المتطرف ترخيصا بهذه المظاهرة، في إطار الحرص على حرية التعبير. وطلبت فقط أن يكون مسار المظاهرة مختلفا، فلم تسمح للمستوطنين بالوصول إلى حي العجمي العربي في قلب مدينة يافا. وفرضت على الشرطة أن تحمي هذه المظاهرة وتمنع الاحتكاك بين المتظاهرين والسكان العرب. فحضرت هذه بقوات كبيرة، وحمت فعلا المتظاهرين المتطرفين، الذين قالوا إنهم يريدون منح «العرب المخلصين للدولة أعلام إسرائيل حتى يرفعوها على أسطح منازلهم». ولكن لم يقترب أحد من العرب منهم تضامنا، ولا حتى عملاء الاحتلال الذين فروا من أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يقطنون في المدينة.

وكان المواطنون العرب في يافا قد أعلنوا أنهم لن ينجروا وراء المستوطنين ولن يخرجوا إلى الشوارع للتظاهر ضدهم. وكما قال كمال اغبارية، رئيس اللجنة الشعبية في حي العجمي، فإن «الكلاب تنبح ويافا تسير». ومع ذلك، فقد حضر مئات الأشخاص من سكان يافا العرب ومعهم يهود من اليسار لصد مظاهرة اليمين، وقد منعتهم الشرطة من الاحتكاك مع المستوطنين بالقوة. وراح اليهود اليساريون يهاجمون المتطرفين بالقول: «أنتم عنصريون» و«لماذا لا تخدمون في الجيش؟» و«لا تخربوا أجواء التعايش الودي بين اليهود والعرب في يافا» و«عودوا إلى مستوطناتكم». في حين قام المواطنون العرب بقذفهم بالأحذية القديمة والحجارة. وأصيب أحد ناشطي اليمين بجراح في وجهه.

واعتقلت الشرطة 20 شخصا من المتظاهرين اليساريين اليهود والعرب، بينهم النائب السابق لرئيس البلدية، ميخائيل روعي. وفي الوقت نفسه، رافقت حافلتين تحملان المتطرفين إلى خارج المدينة، بعد انتهاء المظاهرة.

وقال روعي، لدى إطلاق سراحه، إن المستوطنين جاءوا لتسميم أجواء يافا ولينقلوا أمراضهم الفاشية التي يزفرونها في الضفة الغربية إلى قلب المجتمع الإسرائيلي. ووصف نشاطهم بأنه شبيه بنشاط النازيين الجدد في أوروبا، الذين يمارسون الاعتداءات الدامية على اليهود وعلى العرب والمسلمين في بلدانهم. وأضاف أن خطورة هذا النشاط يتجاوز مسألة النشاط العادي للمتطرفين: «ففي إسرائيل تنتشر ظاهرة مدمرة، هي أن كل من يريد البروز والحصول على أصوات في الانتخابات، يخرج بتصريحات ونشاطات عنصرية ضد العرب. فهذا يدل على أن الانتهازيين السياسيين يشعرون أن المجتمع الإسرائيلي مريض بالعنصرية، فيستغلونه لمصالحهم السياسية والحزبية والشخصية».

وقال اغبارية إنه ورفاقه من أهل يافا العرب يفكرون في الرد على مظاهرة اليمين بمظاهرة عربية كبيرة في قلب مستوطنة «قريات أربع»، القائمة على أراضي الخليل المحتلة. وقال إنه سيتقدم بطلب تصريح من الشرطة لتنظيم هذه المظاهرة في «يوم الأرض» في 30 مارس (آذار).

يذكر أن يافا، التي كانت إحدى أهم المدن الفلسطينية قبل النكبة عام 1948، أصبحت جزءا من تل أبيب. وتم تهجير معظم سكانها الفلسطينيين. وبات عدد سكانها اليهود اليوم أكثر من عدد سكانها العرب.