هجوم الحريري على سلاح حزب الله يؤسس لمعركة قاسية ومفتوحة مع الأكثرية الجديدة

قيادي في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: نسير بخطى ثابتة باتجاه نزع السلاح التابع لولاية الفقيه

TT

فتح كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي أعلن فيه قبل يومين، مواجهة سلمية مع السلاح غير الشرعي الموجه إلى صدور اللبنانيين، معركة سياسية قاسية بين الموالاة الجديدة المتمثلة في حزب الله وفريق 8 آذار من جهة، والمعارضة الجديدة المتمثلة في تيار المستقبل وفريق 14 آذار من جهة ثانية، بعدما اعتبرت الأخيرة أن هذا السلاح بات يستعمل علنا في المعادلة السياسية وغير التوازنات السياسية فجعل من الأكثرية النيابية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة أقلية ومن الأقلية أكثرية. وقد أثارت مواقف الحريري غضب قيادات 8 آذار، خصوصا أنها تأتي عشية الذكرى السادسة لتأسيس حركة 14 آذار التي تحيي هذه المناسبة بحشد شعبي كبير في ساحة الشهداء، تحت شعار «تحرير الحياة الديمقراطية والسياسية الوطنية من غلبة السلاح».

وكان الحريري شن هجوما عنيفا على سلاح حزب الله فقال في كلمة له «نحن قررنا أن نقول لكم بكل بساطة (مش ماشي الحال)، وأن نقول لكم بكل بساطة: أن يكون معكم سلاح، لا يعني أن معكم حقا، قد يكون السلاح غلبة، لكن السلاح ليس أكثرية، فالأكثرية هي التي تفرزها صناديق الاقتراع، من دون سلاح، والأكثرية هي التي تعبر عن رأيها في المجلس النيابي، من دون سلاح، والأكثرية هي أكثرية الشعب اللبناني التي نزلت في 14 مارس (آذار) 2005 من دون سلاح لترفض وصاية النظام الأمني على دستورنا وحياتنا الوطنية، وهي التي قررت النزول في 14 مارس 2011 لترفض وصاية السلاح على دستورنا وحياتنا الوطنية».

وتوجه الحريري إلى الأكثرية الجديدة بالقول: «المشكلة أنكم تطالبون فور استقالتكم باستشارات نيابية عاجلة وطارئة وعندما تكتشفون أن الأكثرية النيابية، التي نتجت عن انتخابات ديمقراطية حملت تكليفا واضحا من الناخبين، ستصوت في اتجاه لا يعجبكم، تؤجلون الاستشارات تحت تهديد أنها لو لم تؤجل، فالسلاح جاهز للاستخدام ضد أبناء بلدكم، ثم تغيرون الأكثرية تحت تهديد أنه لو بقي بعض النواب على رأي ناخبيهم فهذا السلاح جاهز للاستخدام ضد أبناء بلدكم». في هذا الوقت، عزا قيادي في تيار المستقبل مواقف الحريري الجديدة من السلاح إلى «العودة إلى اللغة الخشبية التي هي لغة السلاح التي باتت تستخدم عند كل استحقاق وفي كل مناسبة»، مشددا على أنها «أول مرة يرفع فيها وبشكل واضح وصريح شعار مواجهة سلاح حزب الله بعد فشل كل محاولات التسوية والتفاهم السياسي معه»، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما لمسنا لمس اليد أن الهدف الأوحد لحزب الله وضع البلد تحت وصاية السلاح التابع لولاية الفقيه كان لا بد من التحرك، خاصة أن ما يحصل اليوم في الشرق الأوسط وسقوط الأنظمة العربية الواحد تلو الآخر يثبت أن لا شيء مستحيل، وبالتالي إصرار الشعب على تحقيق أهدافه سيحقق المبتغى، لذلك نحن سنسير بخطى ثابتة باتجاه نزع السلاح غير الشرعي التابع لولاية الفقيه وهذا ليس بالأمر المستحيل».

وعما إذا كانت قوى المعارضة الجديدة ستحمل في ذكرى 14 آذار شعار «الشعب يريد إسقاط السلاح»، أوضح أن «لا مانع من أن يبتكر المتجمهرون شعاراتهم ولكننا سنتوجه إلى ساحة الحرية بشعار كبير ألا وهو «لا للسلاح غير الشرعي»، لافتة إلى أنه «سيتم الأحد المقبل إصدار وثيقة سياسية تحدد برنامج عمل المعارضة للمرحلة المقبلة والسبل الآيلة لتحقيق أهدافها». في المقابل اعتبر عضو كتلة حزب الله النائب الوليد سكرية، أن «هجوم الرئيس الحريري على السلاح يندرج في سياق السياسة الأميركية الهادفة إلى محاصرة المقاومة، التي باتت تشكل مع سورية جبهة شمالية وليست قوة استنزاف فحسب، وذلك من خلال المحكمة الدولية والضغط بموضوع السلاح»، وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «أنا أضع هذا كلام الرئيس الحريري وكل فريق 14 آذار، ضمن إطار سياسي يتقاطع مع المشروع الأميركي في المنطقة الذي يؤسس لشرق أوسط جديد»، مشيرا إلى أن «سلاح المقاومة لم يستخدم في الداخل وهو مخصص لمواجهة إسرائيل فقط».

وردا على سؤال حول استخدام هذا السلاح في الداخل في السابع من مايو (أيار) 2008، أوضح سكرية أن «الحزب اضطر يومها إلى استعمال هذا السلاح بعد أن اعتدي عليه وعلى المقاومة من خلال القرار الذي اتخذته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في الخامس من مايو 2008 والذي قضى بتفكيك شبكة الاتصالات العائدة للمقاومة، وأعترف أن هذا القرار اتخذ رغما عن إرادة تيار المستقبل والرئيس السنيورة، وبسبب موقف (النائب) وليد جنبلاط ووزرائه الذين هددوا بالاستقالة من الحكومة، وما فعلته المقاومة يومها كان ضروريا لإخراج الخنجر من ظهرها»، وعن تفسيره لانتشار مسلحين بالقمصان السود على مداخل بيروت وبعض أحيائها عشية الاستشارات النيابية، ما أدى إلى تغيير التوازنات وتبدل في الأكثرية والأقلية النيابية، أعلن أن «هذا الحدث لا يمكن وضعه في سياق التهديد، وقد يكون حدثا خاطئا ولم توافق عليه قيادة المقاومة، وأن من أقدم على ذلك نال لوما لأن حزب الله لا يقبل التهديد والتهويل في الداخل»، وخلص سكرية إلى القول: «إن الرئيس الحريري يحاول القيام بما تطلبه الإدارة الأميركية، من خلال الهجوم على سلاح المقاومة واستخدام المحكمة الدولية، وهذا ما يؤدي إلى فتنة سنية شيعية، وهو يعتبر (الحريري) أن خروجه من السلطة هو نهاية الكون، لذلك يفتح هذه المعركة ليسقط الحكومة (العتيدة) من أجل أن يعود مجددا إلى الحكم». ولم يوفر رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي الرئيس الحريري من انتقاده، فأعلن أن «الخطاب الأخير للرئيس سعد الحريري كان بمثابة إعلان حرب على سلاح المقاومة، ونحن نختلف معه في هذا الموضوع»، وقال: «منذ صدور القرار 1559 ونحن نقول بوجود انقسام في لبنان حول سلاح المقاومة»، معتبرا أن «كل ما نراه في المنطقة ولبنان يستهدف سلاح المقاومة الأساسي والمقدس». أما الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فاعتبرت أن «تجارب السنوات الست الماضية أثبتت أن سلاح حزب الله تحول إلى أداة انقلابية متمادية على النظام السياسي اللبناني وعلى آليات عمله الديمقراطي، وأداة تهويل وترهيب لقلب موازين القوى السياسية وفرض أكثر من أمر واقع خلافا لخيارات اللبنانيين وتطلعاتهم»، مشيرة إلى أن «الحريات العامة والخاصة باتت أسيرة لهذا السلاح، ورهينة لدى محركيه المحليين والخارجيين».