مطارنة لبنان الموارنة يبدأون الأسبوع المقبل مشاورات لانتخاب بطريرك جديد

بعد استقالة البطريرك صفير عن 91 سنة وبعد 25 عاما في المنصب

البطريرك نصر الله بطرس صفير (أ.ب)
TT

يبدأ المطارنة الموارنة في لبنان سلسلة اجتماعات بدءا من يوم الأربعاء المقبل، لانتخاب خلف للبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير الذي قدم استقالته من منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويبلغ البطريرك صفير 91 عاما، وكان قد انتخب لمنصبه عام 1986. وتبلغ بابا روما بنديكتوس السادس عشر باستقالة صفير أثناء مشاركته في وضع تمثال للقديس مارون في روما، الأسبوع الماضي. وكان المطارنة الموارنة، بعد اجتماع عقدوه في الصرح البطريركي في بكركي صباح أمس، برئاسة صفير، أعلنوا أن «السينودس سيلتئم لانتخاب بطريرك جديد عند السادسة من مساء يوم الأربعاء المقبل»، طالبين «من جميع أبنائهم في الرعايا مرافقتهم بالصلاة واستلهام أنوار الروح القدس على مجمعهم كي يحسنوا اختيار الخلف الصالح». وإذ ثمن البيان الصادر عن مجلس المطارنة «ما قام به صفير في سبيل الكنيسة وأبنائها وسبيل لبنان والدفاع عن استقلاله ووحدة أبنائه»، أفاد بأن البابا بنديكتوس «سلم البطريرك صفير كتابا يعلمه بقبول الاستقالة التي كان قد تقدم بها، مكبرا هذا القرار الكبير الذي يعبر عن تواضع وتجرد، متمنيا أن يستمر صفير في مرافقة الكنيسة المارونية بالصلاة». ويأتي انتخاب بطريرك جديد، وهو البطريرك السابع والسبعين، لـ«أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة»، بعد مرور 25 عاما على تولي البطريرك صفير المركز الأعلى في الطائفة المارونية، ولعبه دورا مهمّا على الصعيد الكنسي والروحي والسياسي في لبنان، في أيام السلم والحرب. وتعتبر استقالته الاستقالة الثانية لبطريرك اختار بإرادته التنحي عن سدة البطريركية بعد البطريرك خريش عام 1986. وفي حين يعود للبطريرك صفير أن يقرر بقائه في جناح خاص به في بكركي أو الانتقال إلى مكان آخر، فإنه يفقد عمليا بعد انتخاب خلف له سلطته الكنسية. وفي هذا الإطار، يوضح رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم لـ«الشرق الأوسط» أن صفير يبقى في المصاف الأسقفية كبطريرك متقاعد، وله صوت فاعل ويستفاد من حكمته وخبرته وآرائه. ومن المقرر أن يترأس النائب البطريركي العام المطران رولان أبو جودة مجمع السينودس لانتخاب البطريرك المقبل، باعتباره الأكبر عمرا لناحية تاريخ سيامته، على أن يتبع المطارنة القانون المعمول به في عملية انتخاب البطريرك. وعلى الرغم من المعلومات المتضاربة حول هوية البطريرك المقبل والتداول في أسماء عدة، فإنه لا يمكن الركون إلى أي منها نظرا للآلية المتبعة في الانتخاب، وغياب عملية الإعلان عن مرشحين. ونفى الأب أبو كسم كل ما يتداول عن وضع «فيتو» على هوية مطارنة معينين أو تحديد عمر معين لا ينبغي تجاوزه للبطريرك المقبل، واعتبر أن «كل هذه الأقاويل لا معنى لها وعارية عن الصحة، وهي ناتجة عن تمنيات بعض الجهات من خارج الاكليروس»، مشددا على أنه «لا ترشيح ولا تكهنات ولا أسماء مطروحة». وفي حين يخصص المطارنة اليوم الأول من اجتماعهم للرياضة الروحية، وفق ما أعلنه أمس المطران أبو جودة، فإن سلسلة جلسات انتخاب ماراثونية تبدأ صبيحة يوم الجمعة في الحادي عشر من الشهر الحالي، وتستمر على مدى خمسة عشر يوما كحد أقصى. ويوضح الأب أبو كسم لـ«الشرق الأوسط» أن جلسات الانتخاب تكون جلسات مغلقة وليست مفتوحة، بمعدل جلستين في اليوم الواحد، تتألف كل واحدة منهما من دورتين انتخابيتين. ويستمر توالي الجلسات إلى حين حصول أحد الأسماء على ثلثي أصوات المشاركين. وفي حال لم يتمكن أي من المطارنة من الحصول على ثقة زملائه خلال خمسة عشر يوما، يصار إلى إبلاغ الكرسي الرسولي في روما، الذي يعطي توجيهاته باعتماد صيغة انتخاب جديدة أو يتدخل لترجيح الكفة لمرشح معين. ومع إنجاز عملية الانتخاب، يقدم المطارنة، كما يشير الأب أبو كسم، «الطاعة والخضوع» للبطريرك الجديد ويرفعون اسمه إلى بابا الفاتيكان، ليوافق على تثبيته ومن ثم تجرى مراسم التنصيب على كرسي البطريركية. ومن المتعارف عليه أن يزور البطريرك روما قبل أن يباشر مهامه لناحية ترأس مجلس المطارنة واتخاذ القرارات المتعلقة بكل المهام الموكلة إليه. وفي انتظار تصاعد الدخان الأبيض من بكركي، فإن مسؤوليات جمة تواجه البطريرك المقبل، الذي يعتبره الموارنة المركز الماروني الأول في لبنان؛ لا سيما في ظل الانقسام السياسي المسيحي الحاصل وحساسية الملفات والقضايا الخلافية المطروحة على الساحة اللبنانية اليوم.