دراسة: 23% من طلاب المرحلة الثانوية في شمال جدة يعانون إدمانا على العلاجات شبه المخدرة

تعليم جدة لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن اكتشافهم كونهم يتعاطونها خارج أسوار المدرسة

الجهات المسؤولة تقود عددا من الفعاليات لتوعية الطلاب بخطر المخدرات
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» استشاري طبي عن بلوغ نسبة الطلاب الذين يعانون من الإدمان على العلاجات شبه المخدرة نحو 23 في المائة في مدارس المرحلة الثانوية بشمال جدة، مرجعا ذلك إلى ضعف إشراف المدارس بشكل عام على طلابها.

وأوضح الدكتور محمد عرفان، مدير عام مستشفى عرفان في جدة، أن هذه النسبة استندت إلى دراسة تم القيام بها مؤخرا أثبتت ارتفاع نسبة إدمان طلاب المرحلة الثانوية على العقاقير شبه المخدرة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يندرج الإدمان ضمن أكثر الأمراض النفسية شيوعا بين فئة الشباب، والذين يعتبرون الشريحة الأكبر عرضة للإصابة بأمراض نفسية أخرى في السعودية من بينها الاكتئاب والرهاب الاجتماعي والوسواس القهري».

في حين اعتبر مصدر مسؤول في إدارة التربية والتعليم بجدة إدمان طلاب المدارس على العلاجات شبه المخدرة مشكلة قائمة بالتأكيد، ومن أبرزها استخدامهم حبوب «الكبتاجون»، وبخاصة في موسم الاختبارات، نظرا للمفاهيم المغلوطة عن تلك المادة في كونها تعطي القدرة على السهر، غير أنها تعمل على طرد التركيز تماما.

وأفاد سالم الطويرقي، مدير إدارة التوجيه والإرشاد التابعة لإدارة التربية والتعليم في جدة بعدم وجود أي دراسات متعلقة بتلك القضية في إدارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة حول عدد الطلاب المدمنين على العلاجات شبه المخدرة في المدارس.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن اكتشاف هؤلاء المدمنين في المدارس باعتبار أن العاملين هم مرشدون طلابيون لا يملكون المهارة في فعل ذلك، عدا عن وجود أعداد كبيرة من الطلاب تحول دون الوصول إلى المدمنين إلا في حالة ظهور أعراض واضحة كشحوب الوجه أو التغير في سلوكيات الطالب».

وذكر أن المدرسة بيئة تربوية يفترض أن تكون خالية من مثل هذه السلوكيات، فضلا عن أن الطالب يحرص على عدم حيازته المواد المخدرة ضمن أغراضه الشخصية خلال فترة الدوام المدرسي، مؤكدا في الوقت نفسه أن الإشكالية تكمن في أن الطلاب المدمنين عادة ما يمارسون هذا السلوك خارج أسوار المدرسة، إلا في حالات نادرة.

ولكنه استدرك قائلا: «حتى وإن تم ضبطه داخل المدرسة عن طريق جولات تفتيشية فإن النواحي القانونية والإدارية لا تسمح بالحكم فورا على المادة الموجودة بحوزته، وإنما يتم تحويلها إلى الجهة المختصة للكشف».

وحول العقوبات المتعلقة بالطلاب المدمنين في حال اكتشافهم، بيّن سالم الطويرقي أنها تندرج ضمن مخالفات الدرجة الخامسة من قواعد السلوك التي تعد أعلى درجات المخالفات، موضحا أنه يتم تطبيقها على الطالب سواء كان متعاطيا أو حاملا لها.

وبالعودة إلى الدكتور محمد عرفان، فقد أشار إلى وجود ارتباط وثيق بين إصابة الشباب السعودي بالأمراض النفسية ونمط حياتهم الثقافي المتعلق بما يقرأونه ويشاهدونه عبر التلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة، إلى جانب الفجوة بين الأجيال المتمثلة في انقطاع الصلة بينهم وبين من هم أكبر وأصغر منهم، مما يجعلهم يعيشون واقعا افتراضيا يقتصر على شبكة الإنترنت والتواصل مع الأصدقاء عبر المواقع الإلكترونية. وأكد أن الفتيات معرضات للإصابة بمرض الاكتئاب أكثر من الشباب، بينما يصيب الرهاب الاجتماعي والقلق الشبان بصورة أكبر من الفتيات، موضحا أن احتمالية إصابة الفرد بالاكتئاب على مدى حياته تشكل نحو 20 في المائة.

وزاد: «يحتل الاكتئاب المركز الرابع من حيث أكثر الأمراض انتشارا بين أوساط الشباب من حيث ما يترتب عليه من خسائر تتضمن ترك المصاب عمله وغيرها، إلا أنه من المتوقع بحلول عام 2020 أن يصل هذا المرض إلى المركز الثاني نتيجة تزايد نسب الإصابة به».

وأبان الدكتور محمد عرفان أن كافة الأمراض النفسية الذهانية لها علاقة بالعوامل الوراثية، غير أنها تعد متنحية وليست سائدة مما يجعلها لا تظهر في جميع الأجيال، مشيرا إلى أن النسبة في احتمالية إصابة الشخص وراثيا قد تصل إلى ضعف نسبة تعرض الآخرين لها.

دمج المدمنين مع المرضى النفسيين الآخرين في بعض المستشفيات كان محط انتقاد ومعارضة من قبل بعض أفراد المجتمع، وهو ما أكده مدير عام مستشفى عرفان في جدة، حيث إنه طالب بمعالجة المدمن من بداية مسيرته الإدمانية عن طريق الطبيب العام أو طبيب الأسرة، مبينا ضرورة جعل المستشفيات الخاصة بعلاج المدمنين آخر الحلول.

واستطرد في القول: «ينبغي عدم الانتظار لحين تفاقم حالة الإدمان لدى أي فرد مدمن، خصوصا أن احتمالية شفائه إذا ما وصل إلى درجة ضرورة تحويله لمستشفى خاص بعلاج الإدمان تكون ضئيلة جدا».

وشدد على ضرورة الاهتمام بقضية توثيق علاقة المريض النفسي بالمجتمع من خلال شبكة اتصالات مستمرة بينه وبين الجهة العلاجية المسؤولة عنه، إما بطريق مباشر أو غير مباشر، من خلال الأفراد المحيطين به أو مرجعه سواء كان عملا أو مدرسة أو غيرهما.

وأضاف: «لا بد من التعامل مع المريض وفق صورة متكاملة، وذلك من خلال إنشاء أقسام للطب النفسي في مستشفيات عامة، لا سيما أن بعض المرضى النفسيين يعانون من أمراض عضوية أخرى، الأمر الذي يحتم ضرورة دمج العلاج الكيميائي مع النفسي كجزء مكمل للعلاج بالأدوية»، موضحا أن نحو 10 في المائة من إجمالي خدمات مستشفى عرفان تم تخصيصها للعلاج النفسي.

يشار إلى أن مستشفيات عرفان وباقدو في جدة قد نظمت أول من أمس منتدى خاص بالطب النفسي، الذي تضمن الكثير من ورش العمل حول أحدث أساليب العلاج النفسي على مستوى العالم.