معرض الرياض للكتاب.. «طوق نجاة» لدور النشر العربية

على خلفية الأحداث السياسية الأخيرة.. تفاؤل بأن يوقف المعرض السعودي حالة الكساد الثقافي

وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجه قال إن معرض الكتاب الدولي في الرياض أصبح من أهم المعارض الدولية («الشرق الأوسط»)
TT

يجمع ملاك دور النشر العربية على أنه يمكن وصف معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي افتتح عشية أول من أمس، بأنه بمثابة «طوق نجاة» للكتاب العربي، بعد الأحداث الصاخبة الأخيرة التي تأثر خلالها الحراك الثقافي بالجو السياسي الساخن في المنطقة، التي كان من أبرزها إلغاء المناسبة السنوية الأهم على أجندة الثقافة المصرية، ممثلة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي كان من المقرر افتتاحه في الـ29 من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وتعذر ذلك بسبب الأحداث السياسية في مصر. إلى جانب حالة «الصيام» التي رافقت المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء في شهر فبراير (شباط) الماضي، جراء مقاطعة المعرض من قبل اتحاد كتاب المغرب، وبيت الشعر في المغرب، والائتلاف المغربي للثقافة والفنون، نتيجة التحفظ على أوضاع السياسة الثقافية في البلاد. يضاف لذلك «الضبابية» التي ما زالت ترافق إمكانية إقامة معرض تونس للكتاب لهذا العام، على خلفية الوضع السياسي غير المستقر حاليا في البلاد.

ويبدي خالد زغلول، مدير عام دار نشر «مصر المحروسة»، تفاؤله خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن يعوض معرض الرياض الدولي للكتاب حالة الكساد الثقافي التي رافقت الدور العربية، مؤكدا على الخسائر الكبيرة التي تكبدها الناشرون المصريون والعرب هذا العام بالنظر للأحداث السياسية الأخيرة.

وركز زغلول على ما وصفه بـ«معاناة الشحن» التي رافقت الناشرين المصريين، قائلا: «نقلنا الكتب بأعجوبة»، حيث أشار إلى أن المعاناة الأساسية كانت تكمن في حظر التجوال الذي فرض في مصر مطلع الشهر الماضي واستمر لعدة أيام، حيث كان من الصعوبة بمكان نقل الكتب مع مشقة مرور السيارات. أما في ما يخص تكلفة الشحن، فيفيد بأنها ارتفعت بنحو 25 في المائة، إلا أنه يعود ليؤكد أن كيفية الشحن كانت أمرا أصعب من تكلفة الشحن.

لكن ربما أكثر ما يهم القارئ هو التساؤل عما إذا كانت الأحداث الصعبة التي عايشتها دور النشر العربية سترفع من قيمة الكتب أم لا، وهو ما ينفيه زغلول. وعما إذا كانت طبيعة الكتب العربية المعروضة ستتأثر بدورها، أوضح أن الأحداث السياسية الأخيرة لم تعط المجال لأي دار للاستعداد لها بإصدارات معينة، نتيجة تلاحقها السريع وغير المتوقع، واصفا الأعمال التي سيسوق لها على خلفية ذلك بأنها «ارتجالية»، بالنظر لقصر الوقت الشديد الذي أنجزت فيه.

من جهته، أكد وليد مصطفى، وهو مسؤول جناح المركز القومي للإصدارات القانونية المصرية في معرض الرياض، أن الأحداث السياسية التي شهدتها مصر والدول العربية أثرت كثيرا على دور النشر، خاصة في مسألة الشحن، قائلا: «هناك ناشرون مصريون لم تصل كتبهم للمعرض حتى الآن، ولو تجولت بالمعرض ستجد أجنحة فارغة لا توجد فيها كتب، لكن نتوقع أن تصل اليوم أو غدا بإذن الله».

وأشار مصطفى خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى غياب عدة دور نشر مصرية هذا العام، مؤكدة عدم معرفته بالأسباب الحقيقة وراء ذلك، سواء كانت رغبة من الدار نفسها أو من إدارة المعرض، ورفض مصطفى اعتبار أن أسعار الكتب مرتفعة، مؤكدا ثبات سعرها منذ فترة بعيدة، وارتباطها بالأسعار الدولية للكتب.

وتابع حديثه بالقول: «بشكل عام، الحركة السياسية أثرت على الحركة الفكرية»، مشيرا إلى انعكاس الوضع السياسي على معدلات إقبال القراء على المعارض في عدة دول عربية، في حين يتساءل: «هل أصبحت الشعوب متفرغة لهموم السياسة؟ وهل هي شعوب تنظر للفكر والثقافة قبل أخذ القرار؟ وماذا عن الكتاب والمؤلفين؟»، إلا أنه يعود ليؤكد على أن معرض الرياض الدولي للكتاب هو «الفرصة الثمينة للبيع الجيد ونشر الفكر الثقافي على مستوى الوطن العربي».

وكعادة معظم معارض الكتاب الدولية، من المنتظر أن تتأثر الذائقة الثقافية لرواد معرض الرياض بالأحداث السياسية العربية الأخيرة؛ إذ يتوقع أن يُبعث الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي من جديد، بعد ازدياد الطلب على قصائده ودواوينه، على خلفية بيت الشعر الذي يقول فيه:

* إذا الشعب يوما أراد الحياة - فلا بد أن يستجيب القدر

* الذي تحول خلال الفترة الماضية إلى أيقونة لدى الشباب.

* في المقابل، انعكس ذلك على كساد نوعية معينة من الكتب، حيث يعود مدير دار نشر «مصر المحروسة» ليوضح أن داره كانت قد أعدت كتاب «الإصلاح السياسي في مصر» لتقديمه في المعرض، إلا أن تسارع الأحداث جعله يصف هذا الكتاب بأنه «بلا معنى حاليا»، وذلك بالنظر إلى التغيير الشامل الذي صار في مصر وانتهاء وقت الإصلاح المأمول سابقا.

وكان وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجه، قد أوضح مطلع هذا الأسبوع في حديث نقلته وكالة الأنباء السعودية، أن المعرض سيكون زاخرا بالمشاركين من جميع أنحاء العالم العربي، وأفاد بأن معرض الكتاب الدولي في الرياض أصبح من أهم المعارض الدولية وحصل في آخر استطلاع عن أهم المعارض على المركز الثاني.

وحول تأثير الأحداث الأخيرة في بعض الدول على دور النشر، قال خوجه: «جميع دور النشر من كل جهة موجودون في المعرض، والمشاركون يعلمون أنهم يأتون إلى بلد مستقر وآمن»، وفي ما يخص السؤال عما يشاع بأن الوزارة منعت مشاركة بعض دور النشر، قال: «الوزارة لم تمنع أحدا، وأنا أؤكد لهم بأن يحضروا ويروا بأنفسهم أننا لم نمنع أحدا»، مشددا على أهمية عدم تداول الإشاعات والتأكد منها قبل نقلها.