وزير العمل العماني: القطاع العام سيستوعب 35 ألف باحث عن عمل

وسط توجه للحد من العمالة الأجنبية في سبيل حل أزمة البطالة

سيتم توزيع 35 ألف باحث عن عمل في القطاع العام مقابل 15 ألفا في مؤسسات القطاع الخاص (أ.ف.ب)
TT

في أعقاب الإعلان عن رفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 200 ريال عماني في سلطنة عمان وتعيين 50 ألف باحث عن عمل في القطاعين العام والخاص وفقا لتوجيهات صدرت عن السلطان قابوس وتقديم منحة بطالة أيضا، يتوقع مراقبون أن يتم استيعاب مشكلة البطالة ولكن إلى حين فقط.

وفي متابعة ميدانية لتطورات الأوضاع في السلطنة يلاحظ أن مختلف الدوائر الرسمية قد تحولت إلى خلايا عمل حيث باشرت بالفعل عمليات التوظيف. وبحسب وزير القوى العاملة الشيخ عبد الله البكري، فإن القطاع العام سيأخذ نصيب الأسد من هذه التعيينات إذ سيتم توزيع 35 ألف باحث عن عمل في القطاع العام مقابل 15 ألف باحث عن عمل في مؤسسات القط اع الخاص. ولكن يتفق الجميع على أن هذه القرارات من شأنها امتصاص الأزمة في الوقت الراهن إلا أنها ليست كفيلة بمعالجتها على المدى البعيد ولا سيما في مجتمع يشكل الشباب فيه نسبة تزيد على 40 في المائة. ويعتبر د. ناصر المعولي رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية في سلطنة عمان في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطط معالجة مسألة البطالة موجودة أساسا، ولكن كان هناك قصور في تنفيذها أو ربما عدم وجود إرادة قوية من المسؤولين لمتابعتها. واليوم في مقابل توفير وظائف لخمسين ألف باحث عن عمل، لا بد من القيام بدراسة جديدة متأنية وشاملة لسوق العمل من أجل مواءمة حاجات السوق مع البرامج الدراسية المتبعة ومع برامج التأهيل المهني والتقني».

وتجدر الإشارة إلى أن النسبة الأكبر من العاطلين عن العمل هم من فئة الشباب الذي لم يتعد تحصيلهم العلمي مستوى الثانوية العامة، ولهذا يبرز دور التأهيل والتدريب، خاصة أن هؤلاء الشباب تنقصهم الخبرة والمعرفة والحرفة. وتختلف تقديرات نسبة البطالة في السلطنة ويقدر البعض بأنها تصل إلى حدود 10 في المائة لكنها قد ترتفع إلى أكثر من ذلك في المناطق البعيدة عن المدن الرئيسية. ولفت يوسف البوسعيدي، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان ورئيس منتدى رواد الأعمال، إلى ضرورة التنبه إلى مسألة مهمة، وهي أن خلق فرص عمل مرتبط بزيادة حجم العمل في السوق «فإذا قمنا بزيادة عدد العاملين من دون أن نزيد حجم العمل فإننا سنعاني من المشكلة التي يطلق عليها الخبراء اسم (البطالة المقنعة)، وهي ظاهرة تضر بالاقتصاد الوطني وتجعل من هذه العمالة عبئا عليه وعلى تحقيق النمو الاقتصادي المنشود. وهذا يعني أن علينا زيادة حجم العمل في السوق عما هو عليه في الوقت الحالي لنحقق الاستفادة المرجوة من هذه الأعداد التي ستدخل سوق العمل قريبا».

ويتفق الخبراء على ضرورة بذل المزيد من الجهود في المرحلة المقبلة من أجل استقطاب عدد أكبر من الاستثمارات الأجنبية والمشاريع الاستراتيجية الكبرى، وهذا أمر يحتاج إلى حوافز، يقول المعولي، «فالقطاع العام وصل إلى مرحلة التشبع فيما يبقى القطاع الخاص المحرك الأساسي لعجلة التنمية الاقتصادية».

يذكر أن الإحصائيات تشير إلى أن أعداد العمالة الوطنية في مؤسسات القطاع العام تتجاوز الـ90 في المائة، وهذا يعني محدودية قدرة هذا القطاع على استقطاب أعداد أكبر من الباحثين عن عمل في السنوات المقبلة، بينما تستحوذ العمالة الأجنبية على نحو 80 في المائة من فرص العمل الجديدة في القطاع. وهذا إنما يدل على أن الوعاء الأساسي لاستيعاب القوى العاملة الجديدة هو مؤسسات القطاع الخاص.

وفي هذا الخصوص يدعو البوسعيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى «دراسة إمكانية التقليل من الأيدي العاملة الوافدة، خاصة في العمالة غير الماهرة والأعمال الكتابية، حيث هناك الكثير من العمانيين القادرين على أداء مثل هذه المهام حتى من دون تدريب، وذلك عن طريق زيادة الرسوم المفروضة على استقدام المهن التي يتوفر بديل مناسب لها في السلطنة». كما دعا الحكومة لتقديم سلة حوافز لشركات لقطاع الخاص التي تلتزم بنسب التعمين المقررة وتقديم حوافز إضافية للشركات التي تزيد فيها نسب التعمين عن النسب المقررة، ومن ذلك خفض مقدار الضرائب على الدخل وتمييزها في كافة المعاملات الخاصة أمام مختلف الجهات الحكومية، وإعطاؤها الأولوية في الحصول على المناقصات الحكومية.

وعلى الرغم من أن الاقتصاد العماني يتشكل في أغلبه من مؤسسات صغيرة ومتوسطة بنسبة نحو 90 في المائة فإن تشجيع قيام المزيد من هذه المؤسسات يبقى عاملا أساسيا لاستيعاب الشباب الوافد على سوق العمل وعدم الاعتماد على الحكومة أو القطاع العام في التوظيف. ويدعو المعولي «إلى التركيز في المرحلة المقبلة على بناء اقتصاد معرفي بحيث يكون التشجيع هو لثقافة الإبداع والابتكار من خلال إقامة مراكز إبداع لدعم الأفكار الجديدة أو حاضنات صناعية للشباب». فيما يدعو البوسعيدي إلى توفير مزيد من الدعم للبرامج الراعية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مثل «سند» و«انطلاقة» بزيادة قدرة هذه البرامج على توفير خدمات الاستشارات والإشراف والمتابعة على أداء هذه المشاريع. وقال «تشير الدراسات إلى أن هناك عددا كبيرا من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لا يحالفها النجاح بسبب نقص الخبرة في الإدارة وعدم توفر المعرفة والمهارات اللازمة. وفي هذا الإطار يجب أن تكون هنالك جمعية أو منتدى مستقل يعنى برواد الأعمال ويتابع مشاريعهم ومتطلباتهم. ونحن بحاجة كذلك إلى توفير مؤسسات متخصصة في تأمين التمويل اللازم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والأعمال الحرة بحيث تكون لديها القدرة المالية والحرية في اتخاذ القرار، على الدولة التدخل بإنشاء صندوق لضمان قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة».