جولة ثانية من اختبارات التحمل للبنوك في دول الاتحاد الأوروبي

في ظل شروط جديدة وصفت بـ«الصعبة»

TT

استعدت الهيئة المصرفية الأوروبية، التي تراقب النشاط المصرفي بالاتحاد الأوروبي، لإجراء اختبار صعب لتحديد قدرة البنوك على مواجهة أي أزمة مالية مستقبلية. وتشمل الجولة الثانية من نوعها من الاختبارات، 88 بنكا بالاتحاد الأوروبي تستحوذ على 65 في المائة من إجمالي أصول الاتحاد، لتحديد مدى قدرتها على الصمود لدى حدوث أزمة اقتصادية طاحنة. وكتبت الهيئة المصرفية الأوروبية في وثائق أرسلت إلى البنوك للتأهب للاختبار: «هذا السيناريو السلبي يشبه تلك التصورات التي وضعت لاختبارات التحمل على نطاق الاتحاد الأوروبي في 2009 و2010». وقالت الهيئة إنه «مكون من ثلاثة عناصر.. مجموعة من الصدمات بالاتحاد الأوروبي معظمها مرتبط باستمرار أزمة الديون السيادية الحالية، وصدمة طلب سلبية عالمية منشأها الولايات المتحدة، وخفض قيمة الدولار الأميركي مقابل كل العملات». وأنشئت الهيئة المصرفية الأوروبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وخولت لها سلطة فرض معايير ملزمة على الدول الأعضاء. ويخضع نشاطها للمتابعة لمعرفة مدى نجاح اختبار هذا العام في استعادة الثقة بقطاع ما زال يعتمد على الدعم الحكومي في بعض الحالات. ويشمل السيناريو السلبي انكماشا اقتصاديا بنسبة 0.5 في المائة في منطقة اليورو عام 2011 وانخفاضا بنسبة 15 في المائة في قيمة الأسهم الأوروبية. وسيأخذ اختبار التحمل أيضا وللمرة الأولى في الحسبان زيادة بمقدار 75 نقطة أساس في العائد الطويل الأجل للسندات الحكومية بمنطقة اليورو وهبوطا حادا في سوق العقارات. كما سيتضمن احتمال زيادة التوترات في أسواق التمويل، مما يؤدي إلى زيادة بواقع 125 نقطة أساس في تكاليف التمويل بين البنوك على المدى القصير. كما سيشمل الاختبار تصورا بتقلص إجمالي الناتج المحلي في منطقة اليورو بنسبة 0.2 في المائة أخرى في 2012. وتختبر الهيئة المصرفية أيضا قدرة البنوك على تحمل صدمة في الطلب العالمي نابعة من الولايات المتحدة وأثر انخفاض بنسبة أربعة في المائة في قيمة الدولار الأميركي. وقال آندريا انريا رئيس الهيئة المصرفية الأوروبية في تصريحات الأسبوع الماضي إن اختبار هذا العام سيكون أصعب كثيرا وإن مصداقية الهيئة الجديدة ستعتمد في جانب منها على نتيجة الاختبار. وفي العام الماضي خضع 91 بنكا للاختبار أخفق منها سبعة فقط لم يكن أي منها في آيرلندا، التي اضطر الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لدعم قطاعها المصرفي بعد ذلك. وفي منتصف يناير الماضي، اتفق وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي على إدراج معايير السيولة في الجولة المقبلة من اختبارات الملاءة المالية بالقطاع المصرفي، التي يحضر لها حاليا الاتحاد. ويعد الاتفاق الذي تم التوافق بشأنه ليس ملزما، حيث إن منهجية الاختبارات ينبغي أن تحظى باتفاق البنك المركزي الأوروبي ومؤسسات الرقابة الجديدة التي تم تدشينها من قبل الاتحاد الأوروبي وهي السلطة المصرفية الأوروبية والمجلس الأوروبي لقياس مخاطر الأنظمة المالية بالاتحاد. وبدأت المؤسسات الأوروبية المعنية، بالفعل في الخطوات التي تسبق إطلاق الجولة الجديدة من الاختبارات. وأطلعت المفوضية الأوروبية ببروكسل من خلال مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية أولي ريهن، وزراء المال والاقتصاد خلال اجتماعهم بموعد الاختبارات، وقال ريهن: «سنعمل على أن يتوفر للاختبارات المقبلة أكبر قدر ممكن من الشفافية»، وحسب مصادر الجهاز التنفيذي للاتحاد، ستتم مراقبة الاختبارات الجديدة من خلال السلطة الأوروبية البنكية التي تتخذ من لندن مقرا لها والتي بدأت عملها في إطار نظام جديد للمراقبة المالية في الاتحاد الأوروبي مع مطلع العام، وقالت متحدثة باسم المفوض الأوروبي ميشال بارنييه المكلف بشؤون الأسواق الداخلية، إن اختبارات الضغط على البنوك ستكون سنوية بإشراف اللجنة الأوروبية لمراقبة عمل قطاع البنوك، وأضافت بالقول: «هناك اتفاق لدى الجميع على أن الاختبار الأول أسفر عن دروس مستفادة، وسنحاول تبسيط بعض الإجراءات، وذلك لتفادي الانتقادات التي وجهت إلى الاختبارات الأولى». يذكر أنه مع مطلع العام الجديد، انطلق رسميا عمل ثلاث هيئات أوروبية، للإشراف على الأنشطة المالية للمصارف، والأسواق، والتأمينات والمعاشات، وقال بيان صدر عن المفوضية باسم المفوض المكلف بالإشراف المالي ميشال بارنييه، إن «الأزمة أبرزت بشكل واضح أوجه القصور في نظام الرقابة المالية لدينا في أوروبا، ولم يتم الكشف عن المخاطر، ولم يكن التنسيق بين السلطات الوطنية والمؤسسات مثاليا، ولكن أوروبا تتعلم الدروس المستفادة من الأزمة، ولهذا السبب جاء جهاز جديد للمراقبة والإشراف لاكتشاف المخاطر في وقت مبكر، والعمل في الوقت المناسب وبطريقة منسقة وفعالة، وهو بمثابة برج مراقبة أو شاشات رادار، يحتاج إليها القطاع المالي»، مؤكدا أن الجهاز الجديد لن يحل محل السلطات الوطنية، «ولن يكون هدفنا هو نقل الإشراف على المؤسسات المالية الأوروبية، وإنما خلق شبكة جديدة للإشراف، وستبقى السلطات الوطنية المسؤولة عن المراقبة اليومية، وبعد ذلك وبالتعاون مع السلطات الوطنية وخبراتها، سيأتي دور اللجنة المشرفة للرصد والتنسيق، والمساعدة على توحيد القواعد الفنية المطبقة على المؤسسات المالية»، وقال المفوض إن هذا الإطار الجديد من الرقابة المالية هو في صميم الإصلاحات المالية الجارية، بل هو الأساس الذي تستند عليه الإصلاحات الأخرى، ومنها على سبيل المثال صناديق التحوط، ووكالات التصنيف الائتماني، والمشتقات المالية.. «هذه التدابير من شأنها تعزيز حماية المستهلك، وتسهم في كفالة دافعي الضرائب، وحمايتهم من أن يكونوا في الخط الأول لتحمل تكاليف مترتبة على الأزمة»، كما أشار البيان الأوروبي إلى أن هذا التحرك إلى الأمام، يدل على أن أوروبا تقود الطريق، وتتمسك بالتزاماتها الدولية، وستقوم السلطات الجديدة بالعمل مع الآخرين في جميع أنحاء العالم لضمان إشراف عالمي أفضل، وتمنت المفوضية للسلطات الجديدة مستقبلا ناجحا، وتعهدت بتقديم كل المساعدة لها لتحقيق أهدافها. وفي السابع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي على تشديد الرقابة على البنوك ووافق الوزراء بالإجماع على خطة لإنشاء ثلاث هيئات رقابية جديدة في يناير (كانون الثاني) 2011 على البنوك وشركات التأمين والأسواق، لتصحيح الاختلالات الناتجة عن الأزمة المالية. وسيكون هناك أيضا مجلس أوروبي جديد لتقييم المخاطر يستضيفه البنك المركزي الأوروبي، لرصد المخاطر الأوسع نطاقا، ومنعها من التحول إلى فقاعة للأصول تهدد الاستقرار.