رفسنجاني.. المحافظ البراغماتي

ارتبط اسمه بفضيحة «إيران غيت».. وثروته محل علامات استفهام

TT

يعد الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي فرض نفسه شخصية مركزية في الحياة السياسية الإيرانية منذ قيام الجمهورية الإسلامية قبل 30 عاما، وخسر أمس أحد المناصب الأساسية في النظام، من المدافعين الأساسيين عن خط محافظ معتدل في مواجهة الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد. ولم يخف رفسنجاني (75 عاما) البرغماتي الذي تولى سدة الرئاسة مرتين، وخسر رئاسة مجلس الخبراء المكلف اختيار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والإشراف على عمله وحتى إقالته، معارضته لأحمدي نجاد الذي نافسه في الاقتراع الرئاسي في 2005.

ويتعرض رفسنجاني، الذي كان رئيسا للبرلمان في الثمانينات، ثم رئيسا للجمهورية الإسلامية طوال ثماني سنوات (1989-1997)، منذ أشهر لهجوم سياسي كبير من المحافظين المتشددين الذين يأخذون عليه دعمه للمعارضة الإصلاحية خلال الأزمة التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) 2009.

وبعدما أيد شكوك جزء من الرأي العام حول صحة تلك الانتخابات، انتقد مرارا عمليات القمع التي تلتها، معتبرا أنها تؤثر على «ثقة» قسم من الرأي العام في النظام.

لكن في الأشهر الأخيرة نأى رفسنجاني بنفسه عن المعارضة. وندد باستئناف تظاهرات المعارضة منتصف فبراير (شباط) بعد عام من توقفها وذلك بدعوة من قائدي المعارضة الإصلاحية مير حسين موسوي ومهدي كروبي.

وقال في تعليق على هذه التظاهرات الممنوعة إن «أي تحرك غير مطابق للقانون حرام» في عبارة فاقت بكثير كل انتقاداته السابقة للمعارضة.

وكانت القيادة الجماعية لمجلس الخبراء، الذي كان يرأسه، أشد في موقفها، وقالت «إن قادة الانشقاق (موسوي وكروبي) قدموا أفضل الخدمات للولايات المتحدة والنظام الصهيوني».

وكثف في الأيام الأخيرة نداءاته «لوضع المصالح الشخصية جانبا» للحفاظ على «مصالح النظام ووحدة البلاد». غير أن ذلك بدا غير كاف في أعين المحافظين الذين شددوا لهجتهم بعد استئناف التظاهرات المناهضة للحكومة. ولد رفسنجاني في 15 فبراير (شباط) 1934 في جنوب إيران لأسرة ميسورة ودرس الشريعة. وقد كان من أوائل مناصري آية الله روح الله الخميني وانخرط في العمل السياسي في 1963 حين كان مجرد طالب في الحوزة الدينية عندما اعتقلت شرطة الشاه الإمام الخميني في مدينة قم.

ووطد مكانته مع قيام الثورة فازداد نفوذه تدريجيا وانتخب رئيسا لمجلس الشورى عام 1980. وتعززت سلطته عند نشوب الحرب مع العراق (1980-1988) فأجرى اتصالات غير مباشرة مع الأميركيين من أجل الحصول على أسلحة، مما أدى إلى فضيحة «إيران غيت» حين قامت إدارة رونالد ريغان سرا ببيع أسلحة لإيران لقاء الإفراج عن رهائن غربيين في لبنان. وخلال توليه منصب رئاسة الجمهورية (1989-1997)، أعاد إعمار بلاده واعتمد سياسة انفتاح اقتصادي على الخارج.

غير أن تلك السنوات سجلت كذلك انتهاكات لحقوق الإنسان وتضخما هائلا وتزايدا كبيرا في ديون إيران، وشهدت أيضا محاولات فاشلة للتقرب من واشنطن. وقد لعب دورا أساسيا في انتخاب الإصلاحي محمد خاتمي في وجه مرشح المحافظين أكبر ناطق نوري.

ويسعى رفسنجاني إلى تجسيد الإسلام المنفتح وتأييد التطور السياسي والاقتصادي والانفتاح على الخارج، وهو ما لا يمنعه من انتقاد السياسة الأميركية باستمرار. ورفسنجاني من مؤيدي الاقتصاد الحر وهو لم يتردد في قول إن «جمع الثروة قيمة» أخلاقية. إلا أن الثروة التي جمعتها عائلته طرحت الكثير من علامات الاستفهام، لدرجة أن الرئيس أحمدي نجاد نفسه لم يتردد خلال الحملة الرئاسية الأخيرة في اتهام رفسنجاني بالفساد خلال مناظرة تلفزيونية.