اجتماعات بروكسل تحدد موقف الغرب.. ومندوبان للمعارضة الليبية في البرلمان الأوروبي

راسموسن: الحلف الأطلسي يناقش كل السيناريوهات حتى يكون على أهبة الاستعداد للتدخل في ليبيا

TT

أعلن الاتحاد الأوروبي أن القرارات المتعلقة بمستقبل التعامل مع ليبيا تنطلق من حتمية رحيل العقيد معمر القذافي، من أجل تفادي المزيد من أعمال العنف. جاء ذلك عشية اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد، التي تنعقد الخميس في بروكسل، قبل ساعات قليلة من انعقاد قمة أوروبية استثنائية، الجمعة، لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا بشكل خاص، ودول شمال أفريقيا والشرق الأوسط بشكل عام. وبالتزامن مع تلك الاجتماعات يستضيف مقر حلف شمال الأطلسي ببروكسل أيضا، اجتماعات وزراء الدفاع في دول الحلف، لبحث نفس الملف إلى جانب ملفات أخرى عسكرية.

ويرى الكثير من المراقبين في عاصمة أوروبا الموحدة أن الغرب سيحدد طبيعة التحرك المستقبلي للتعامل مع ملف الأوضاع في ليبيا، وما يحدث في المنطقة وتداعياته. وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية قلل المتحدث باسم الجهاز التنفيذي، من أهمية قيام المبعوث الأوروبي إلى ليبيا أغوستينو ميوزو بلقاء مسؤول في الخارجية الليبية، خلال مهمته التي انتهت مساء الاثنين في طرابلس، مؤكدا ثبات الموقف الأوروبي الداعي إلى رحيل القذافي لوقف العنف.

جاء ذلك في وقت أشارت فيه تقارير إعلامية أوروبية إلى أن بعثة الاتحاد الأوروبي التي زارت طرابلس لم تتوصل إلى معلومات محددة حول الوضع على الأرض، ذلك أن تحركاتها كانت محدودة جدا. وأكد مايكل مان المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أن مهمة ميوزو كانت «تقنية» بالدرجة الأولى، حيث خصصت للقاء أعضاء البعثات الدبلوماسية الأوروبية العاملة على الأرض والتحري عن الوضع الإنساني هناك، وعمليات إجلاء الرعايا الأوروبيين، ولم يكن الغرض إجراء أي محادثات مع أطراف أو قوى سياسية في ليبيا، «لقاء ميوزو بالمسؤول الليبي، لا يعني قبول رسالة أو تغييرا في المواقف الأوروبية، ولا يعني اعترافا بشرعية حكومة القذافي، لأن الاتحاد الأوروبي يعتبر القذافي سبب المشكلة وعليه أن يرحل، كما أنه لن يفلت من العقاب في حال ثبت ضلوعه في انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم ارتكبت ضد الشعب الليبي».

وأشار المتحدث إلى أن هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبت في ليبيا، «نحاول البحث عن حقائق حول مرتكبيها، فلا مجال لإعفاء أي طرف من مسؤوليته»، وردا على سؤال بشأن فرض منطقة حظر طيران فوق الأجواء الليبية، أكد المتحدث أن الأمر ليس مطروحا تماما على طاولة البحث في أوروبا، فهو يحتاج إلى إجماع دولي.

وفي سياق ذلك، كتب رئيس الاتحاد الأوروبي، أرمان فان رومبوي في رسالة إلى القادة الأوروبيين «من المهم أن يتصرف الاتحاد الأوروبي بعزم، ويبعث برسالة واضحة وإيجابية إلى المنطقة بأكملها للتعبير عن دعمه الذي لا تحفظ فيه لجهة الانتقال إلى مزيد من الديمقراطية والتعددية والتضامن الاجتماعي». ويفترض أن تكون قمة الجمعة مناسبة لإعادة إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط الذي تنادي به فرنسا، والبحث في كيفية تعزيز المساعدة الاقتصادية للبلدان العربية التي بدأت حتى الآن في مسيرة الانتقال إلى الديمقراطية، وفي طليعتها مصر وليبيا. لكن رومبوي حذر من أن العقبات كثيرة. وقال «يجب أن نضع نصب أعيننا العواقب التي يمكن أن تنجم عن الوضع على صعيد وقف عمليات الإمداد بالطاقة وتقلبات أسعار الطاقة والمواد الغذائية».

وعلى صعيد ذي صلة، دُعي مندوبان عن المجلس الوطني الانتقالي الذي شكلته المعارضة الليبية، أمس، إلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ لإطلاع الاتحاد الأوروبي على التطورات في بلادهما، كما أعلن رئيس المجموعة الليبرالية، غي فرهوفشتات، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح فرهوفشتات أنه اتصل بمحمد جبريل (58 عاما) وزير التخطيط السابق، وعلي العيساوي (45 عاما) سفير ليبيا السابق لدى الهند، مشيرا إلى أنهما وافقا على المجيء إلى ستراسبورغ.

وأضاف أن الحكومة الفرنسية سهلت مجيئهما إلى فرنسا، موضحا أنه من المقرر أن يعقدا لقاء اليوم مع وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه.

وتمكن رئيس الوزراء البلجيكي السابق من القيام بما عجزت عنه وزيرة الخارجية الأوروبية، أي الاتصال بمندوبي المجلس الوطني الانتقالي. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية «قمت فقط بتنشيط شبكة الاتصالات لدى الليبراليين». وأوضح فرهوفشتات أنه اتصل بوزيرة الخارجية الأوروبية، كاثرين أشتون، لتعقد لقاء مع مندوبي المعارضة الليبية. ومن المنتظر وصول أشتون اليوم إلى ستراسبورغ لإجراء محادثات حول الوضع في ليبيا قبل القمة الأوروبية.

ويتخوف الأوروبيون من تدهور الوضع إلى حد يؤدي إلى موجة هجرة كثيفة من أفريقيا الشمالية إلى القارة الأوروبية. ويتخوفون أيضا من اضطرار مئات آلاف من الأشخاص ينتمون لبلدان جنوب المتوسط إلى الفرار نحو أوروبا إذا ما زادت موجة الاحتجاج التاريخية التي تعصف بالعالم العربي من هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وفي غضون ذلك، وصل أكثر من ألف مهاجر، معظمهم من التونسيين، بين مساء الأحد والاثنين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية (جنوب صقلية).

إلى ذلك، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، آندريه فوغ راسموسن أن الحلف الأطلسي يناقش كل السيناريوهات حتى يكون على أهبة الاستعداد للتدخل. لكنه حرص على أن يوضح أنه لن يتدخل في ليبيا من دون تفويض من الأمم المتحدة. وسيجري وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ونظراؤه في البلدان الأوروبية الـ27 ووزير الدفاع الكندي، مشاورات بعد ظهر الخميس وصباح الجمعة «رغم إدراكهم للتأثير السلبي الذي سينجم عن عملية من جانب واحد».

وفي سياق ذلك، تعد فرنسا وبريطانيا لمشروع قرار تنويان طرحه هذا الأسبوع على مجلس الأمن لإقامة منطقة حظر جوي في ليبيا، لمنع استمرار الغارات الجوية الدامية ضد معارضي العقيد القذافي. وأعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي الثلاثاء تأييده فرض حظر جوي على ليبيا. وأكدت باريس أن جامعة الدول العربية ستؤيد هذه المبادرة. ومن الضروري أيضا الحصول على موافقة روسيا والصين العضوين الدائمين في مجلس الأمن.

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، أمس، إن فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا ممكن عمليا، لكنه يحتاج إلى أساس قانوني واضح، حسب ما قالت «رويترز».

وذكر الوزير للصحافيين في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لندن «أنه إمكانية واقعية وممكن عمليا».

وأضاف «ينبغي أن يكون له أساس قانوني واضح. ينبغي أن يحظى بالتأييد الدولي اللازم.. تأييد واسع في المنطقة نفسها».

وفي سياق آخر، اتفقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أمس، على فرض عقوبات جديدة على صندوق سيادي لليبيا، واستهدفت خصوصا صندوقا تابعا للبنك المركزي بعد تجميد أصول العقيد القذافي و25 من المقربين منه أواخر فبراير (شباط) الماضي، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وما زال هذا الاتفاق يحتاج إلى موافقة رسمية من الحكومات الـ27 من أجل أن يدخل حيز التنفيذ لدى انعقاد القمة الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات المقررة الجمعة في بروكسل، كما أوضح دبلوماسي.

وتشمل هذه العقوبات الجديدة أرصدة «السلطة الليبية للاستثمار»، وهي صندوق سيادي يتولى إدارة عائدات النفط الليبي، ويمتلك حصصا في عدد من كبرى الشركات الأوروبية، ومنها بنك يونيكريدي الإيطالي، ومجموعة «فينميكانيما» الإيطالية للصناعات الجوية والدفاعية.

وكان الوفد المالطي الذي تؤيده وفود أخرى، أبدى تحفظات، أول من أمس، عن تجميد هذه الأرصدة، معربا عن تخوفه من أن تؤثر بطريقة غير مباشرة على أنشطة مؤسسات أوروبية تمتلك قسما من رأسمالها «السلطة الليبية للاستثمار».

وقال دبلوماسي أوروبي «تم إيجاد صيغة للحؤول دون أن تؤثر النتائج غير المرغوب فيها للعقوبات ضد السلطة الليبية للاستثمار على شركات أوروبية».

إلى ذلك، قال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي، أمس، إن مسؤولا بالحكومة الليبية أبلغ الاتحاد الأوروبي أن طرابلس ستسمح بتحقيق مستقل في مزاعم انتهاك حقوق الإنسان أثناء الانتفاضة ضد القذافي.

وذكر المسؤول الأوروبي، أن أحمد جارود رئيس قسم شؤون الاتحاد الأوروبي في وزارة الخارجية الليبية طرح اقتراح إجراء تحقيق مستقل أول من أمس على رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمة، أغوستينو ميوزو أثناء مهمة تقصي حقائق أرسلها الاتحاد. واقترح إجراء تقييم من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأضاف للصحافيين أن جارود أوصى بإرسال بعثة للتحقيق بأسرع ما يمكن، وأكد أنهم «سيقدمون كل المساعدة وكل الدعم في مجال الإمداد والتموين، وكل الأمن، وأن البعثة ستكون قادرة على التحرك في كل أنحاء البلاد».

ونفت حكومة القذافي ارتكاب أي انتهاكات لحقوق الإنسان واتهمت من تصفهم بـ«الإرهابيين» باستخدام المدنيين كدروع بشرية.

وقال مسؤول الاتحاد الأوروبي إن فكرة إجراء تحقيق مستقل لقيت دعما من دبلوماسيين من دول الاتحاد الثماني التي توجد لها سفارات في طرابلس، وهي: بلغاريا، وقبرص، واليونان، وهولندا، والمجر، وإيطاليا، ومالطا، ورومانيا.