واشنطن ترى أن تطورات المنطقة ستدفع المالكي نحو منهج «الإجماع»

تبقي تركيزها على إنهاء الوجود العسكري وتكثيف الوجود المدني

TT

في حين شهد العراق مظاهرات واحتجاجات مدنية خلال الأسابيع الماضية، شهد بعضها مقتل مدنيين والهجوم على وسائل إعلامية، كانت ردود الفعل الأميركية بطيئة وخافتة، بينما انشغلت الإدارة الأميركية بالتطورات في دول أخرى في المنطقة مثل البحرين وليبيا ومصر. إلا أن هناك اهتماما أميركيا، حتى وإن لم يكن علنيا وعبر وسائل الإعلام، بما يحدث في العراق خاصة أن القوات الأميركية تواصل الانسحاب التدريجي مع اقتراب موعد انتهاء الاتفاقية الأمنية بين البلدين بحلول نهاية العام الحالي.

واعتبر نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركي للشؤون العراقية مايكل كوربن أمس أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يرصد ما يحدث في المنطقة مما سيدفعه إلى مواصلة العمل بـ«الإجماع» بدلا من اتخاذ قرارات فردية. وأضاف خلال ندوة حول العراق أقامها «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية» في واشنطن أمس أن «المالكي يرغب في تركيز القوة مثلما يرغب كثير من المسؤولين في اتخاذ القرارات بأنفسهم بدلا من انتظار أطراف كثيرة لاتخاذ قرار.. ولكن بسبب ما يحدث في المنطقة، أتوقع أن يكون المالكي مستعدا للتوصل إلى القرارات من خلال الإجماع بدلا من اتخاذ القرارات بمفرده». وأضاف كوربن أن المظاهرات في العراق ليست جديدة، بل شهد العراق مظاهرات في البصرة ومدينة الصدر وغيرها، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن واشنطن تتواصل مع الحكومة العراقية حول التطورات الداخلية، خاصة طريقة التعامل مع المتظاهرين. ولفت إلى أن «الناس لا يتظاهرون لتغيير النظام؛ بل من أجل الخدمات، وللتظاهر ضد الفساد، ولاستجابة أفضل من الحكومة لمتطلبات الشعب. العراقيون يتظاهرون منذ زمن وسيبقون على التظاهر بسبب هذه القضايا». وأضاف أن «الظواهر في الشرق الأوسط من المطالبة بالغذاء وفرص العمل والتعليم موجودة في العراق»، موضحا في الوقت نفسه أن «الوضع المعقد في العراق يعني أنه ليس من الممكن النظر فقط إلى بغداد؛ بل إلى كل المدن، لأن كل واحدة لديها وضع خاص». وتحدث كوربن عن مشكلة الفساد وأهمية مواجهته من خلال قضاء قوي وحماية وسائل الإعلام، وشدد على دور الحكومة في تولي مسؤوليتها لمواجهة الوزراء المتورطين في الفساد.

وفي حين تراقب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ما يحدث في العراق من تطورات سياسية مثل إعلان رئيس القائمة العراقية إياد علاوي أنه لن يترأس مجلس السياسات الاستراتيجية، تعتبر الإدارة الأميركية أن العنصر الأساسي هو مواصلة مشاركة جميع الأطراف العراقية في الحكومة حتى وإن جعلها «أقل قدرة على اتخاذ القرارات الحازمة».

ولفت كوربن إلى الدور الأميركي المتنامي في تقوية القضاء وقوات الشرطة العراقية لتطبيق برامج مكافحة الفساد، ضمن برنامج «تنمية الشرطة» التي تمثل كل عناصر تطبيق القانون في البلاد. وجاء حديث كوربن ضمن شرحه الخطوات الأميركية للانتهاء من الانتقال من القيادة العسكرية إلى القيادة المدنية الأميركية في العراق. وقال كوربن: «نريد أن يكون تركيزنا 90 في المائة على كل جوانب العلاقات مع العراق، و10 في المائة فقط على الأمن». وأوضح كوربن أنه حتى الآن لم تبدأ «عملية رسمية» بين العراقيين والأميركيين لبحث إمكانية تمديد بقاء قوات أميركية في العراق، مع انتهاء صلاحية الاتفاقية الأمنية نهاية العام. وأوضح أن وزارة الخارجية التي قدمت طلب ميزانية قدره 6.2 مليار دولار لعام 2011 ستتولى جوانب العلاقات كافة مع العراق، بما فيها إنشاء «مكتب التعاون الأمني» في السفارة الذي يشرف على المبيعات العسكرية الأميركية إلى العراق والذي يشمل صفقة قيمتها نحو 10 مليارات دولار. وأضاف كوربن أنه من المرتقب أن يكون لدى الأميركيين نحو 1600 موظف في السفارة والقنصليات الأميركية، بالإضافة إلى نحو 17 ألف مقاول يشملون مقاولين يوفرون الحماية للبعثة الأميركية والمشاريع الأميركية في البلاد.