أول محادثات بين صربيا وكوسوفو منذ إعلان الاستقلال

المفاوضات تجري برعاية غربية وتهدف لتحضير المنطقة للانضمام لأوروبا

TT

بدأت في بروكسل جولة جديدة من المحادثات بين كوسوفو وصربيا، أمس، بعد أكثر من 3 سنوات ونصف السنة على توقفها، وأكثر من عامين على إعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد. وجاءت الدعوة لهذه المفاوضات، بعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي الدولية، والذي أيد استقلال كوسوفو، واعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة تلك الوثيقة حيث دعت في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي لإجراء محادثات بين بلغراد وبريشتينا، لكسر الحاجز النفسي بين الطرفين. وتأتي هذه المفاوضات التي تستمر يومين، تحت رعاية أوروبية أميركية، ويفترض أن تقود المنطقة نهاية المطاف إلى الاستقرار الدائم، مما يؤهلها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ويقود الفريق الصربي، مدير الشؤون السياسية بوزارة الخارجية، بوركو ستيفانوفيتش، وينوبه فلاديمير يوفيتشيتش، بينما يقود فريق المفاوضات الكوسوفي، نائبة رئيس الوزراء في كوسوفو، إديتا طهيري. ويشرف عليها من الجانب الأوروبي، منسقة السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، ومن الجانب الأميركي، نائب مساعد وزيرة الخارجية، توماس كانتريمن.

وقد دعت أشتون إلى البدء بالمسائل غير المعقدة لتمهيد الطريق لاتفاقات تاريخية، وهي الجمارك، في شمال كوسوفو، والمحكمة الدستورية، في كوسوفو، وقضية المفقودين من الطرفين، والعلاقات التجارية بين كوسوفو وصربيا. ولا يطمع الطرف الصربي من المحادثات أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وأكبر ما يهدف إليه هو تحسين أوضاع صرب كوسوفو، والدفع باتجاه عضوية صربيا في الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس فريق المفاوضات الصربي، بوركو ستيفانوفيتش، الذي تم تعيينه رئيسا لفريق بلغراد المفاوض في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي: «نسعى للوصول إلى حل يمكن أن يساعد الصرب في كوسوفو». ووصف القضايا المطروحة للنقاش بأنها «السقف الأدنى».

أما رئيسة فريق المفاوضات الكوسوفي إديتا طهيري، فقد أكدت على أن المفاوضات فنية مائة في المائة، وأنها تقود وفد بلادها «بروح خلاقة للإسهام في تخطي إرث الماضي القريب والبعيد». وتابعت: «المحادثات فنية بحتة، ولن تتطرق لحقيقة استقلال وسيادة كوسوفو وسلامة أراضيه» وأنه «لن يتم الحديث عن تقسيم أو تجزئة كوسوفو، أو منح امتيازات خاصة». وأشارت إلى أن «آفاق الحوار مع بلغراد رهن بالتزام الجانب الآخر الفعلي بالمعايير الأوروبية، وهو ما يحفز الجانبين على حل القضايا التي وضعت على جدول الأعمال هنا في بروكسل».

وخلافا لما كانت عليه المحادثات بين الطرفين في فيينا سنتي 2006 و2007 حيث كانت تحت غطاء الأمم المتحدة، فإن محادثات بروكسل تجري هذه المرة تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، دون الاستجابة للطلب الصربي الداعي لإشراك كل من روسيا، والأمم المتحدة. وقالت كاثرين أشتون، إن المحادثات «تتركز على القضايا اليومية الملموسة التي من شأنها تسهيل القضايا الموضوعية التي يعيشها الناس، مما سيقود المنطقة بأسرها إلى الاندماج في الاتحاد الأوروبي». وشددت على أن «المحادثات بين بلغراد وبريشتينا أمر ضروري من المنظور الأوروبي للمنطقة». وأكدت مجددا على أن «الحوار يهدف لتعزيز التقدم الحاصل على صعيد الاندماج وتحسين جودة الحياة للناس العاديين». وأعربت عن تأييدها لما وصفته بسياسة «الخطوة خطوة في حل المشكلات العالقة وتحقيق التفاهم المشترك». وهو ما يبدو أن الطرفين الصربي والكوسوفي متفقان عليه أيضا، حيث أشار نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الصربي، ايفيتسا داشيتش إلى أن «الحوار بين بلغراد وبريشتينا سيبدأ بالقضايا التي يسهل التوصل إلى حل بخصوصها، وهي القضايا المتعلقة بالحياة اليومية للسكان في كوسوفو كعودة المهاجرين، والمفقودين، والاتصالات، والكهرباء».

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في وقت سابق عن أمله في أن يكون الحوار الفني بين بلغراد وبريشتينا مثمرا. وأشار إلى أن «انهيار حكومة كوسوفو العام الماضي وإجراء انتخابات جديدة أجل الحوار بين بريشتينا وبلغراد وهو ما يدعو للأسف» مضيفا أن «الحوار الجاري من شأنه أن يسهم في استقرار منطقة غرب البلقان». وتابع: «نحن نقوم بتشجيع الطرفين على الانخراط بجدية وإيجابية وبنهج بناء في الحوار».

ويقلل كثيرون من أهمية المعارضة التي تبديها أوساط كوسوفية وصربية للحوار بين الطرفين، حيث لم يلق فريق المفاوضات الكوسوفي تأييدا من البرلمان، وصلت في حالة، منظمة تقرير المصير، إلى الإعلان عن عدم الحاجة لإجراء المفاوضات أصلا. وطالب زعيم المنظمة التي تحظى بـ14 عضوا في البرلمان بأن يكون «إدماج كوسوفو في الاتحاد الأوروبي عبر ألبانيا وليس صربيا».

وهناك انقسام أيضا في الجانب الصربي في شمال كوسوفو (120 ألف نسمة). فبينما أيدت بعض الأطراف المحادثات، أعلنت أطراف أخرى رفضها لها. ويؤيد ممثلون صرب في برلمان كوسوفو بقيادة رادو ترايكوفيتش، المحادثات بين بلغراد وما وصفهم بـ«ألبان كوسوفو». وقال ترايكوفيتش إن «الصرب الذين سيحضرون من جانب كوسوفو لن يمثلوا جميع الصرب في كوسوفو». ويحتل صرب كوسوفو 3 حقائب وزارية في حكومة هاشم تاتشي الجديدة المشكلة حديثا، وفق نتائج الانتخابات العامة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.