رغبة وزير الدفاع الأميركي في التنحي تضع أوباما في مأزق

غيتس «تعب».. لكن الإدارة تريد بقاءه لصعوبة العثور الفوري على بديل بخبراته

روبرت غيتس (أ.ف.ب)
TT

حاول وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في خمس مناسبات مختلفة الأسبوع الماضي أن يمهد لرحيله عن وزارة الدفاع (البنتاغون) بالحديث في جلسات الاستماع حول ميزانية وزارة الدفاع أمام أعضاء الكونغرس، وفي خطاباته أمام طلاب الأكاديمية الجوية في «ويست بوينت» عن احتمال أن يكون هذا الخطاب هو آخر ظهور له أمامهم في منصبه الحالي.

وهناك محاولات من قبل الرئيس باراك أوباما وبعض المسؤولين للضغط على غيتس بصورة شخصية للبقاء في المنصب، على الأقل حتى نهاية الفترة الحالية لإدارة أوباما، لأنه لا يمكن لأحد غيره ضمان تنفيذ استقطاعات الميزانية والتغيرات التي تحدث في وزارة الدفاع حاليا.

يعمل غيتس، جنبا إلى جنب مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ويسافران معا في جولات متلاحقة طوال الوقت. وقال أحد أصدقاء غيتس المقربين: «إنه متعب». وبالإضافة إلى هذا، لا يريد غيتس أن يظهر في حملة الرئيس أوباما الرئاسية المقبلة. ورغم ما يشار إليه مرارا بأنه واحد من جمهوريين اثنين موجودين في إدارة أوباما الديمقراطية، فإن غيتس سياسي مستقل وقضى معظم وقته كموظف حكومي خدم رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين في البيت الأبيض.

ويعد إيجاد بديل له، يكون قادرا على الإمساك بزمام الأمور بسهولة في الوقت الراهن، مشكلة كبيرة للرئيس أوباما، خاصة أنه لا يمكن بسهولة العثور على أحد يملك الخبرات الواسعة التي يملكها غيتس في الأمن القومي لتولي هذه المهام.

وقد تطرق غيتس في خطابة الأخير الأسبوع الماضي في الأكاديمية الجوية، إلى العديد من قراراته السابقة، الذي اعترف فيه بأنه «في كثير من الأوقات قمت بتحدي الخيارات التقليدية والبيروقراطية العتيقة في كل المجالات». ومع سلاح الجو كان يبذل جهودا كبيرة لتصنيع مزيد من الطائرات من دون طيار من أجل المهام الاستخباراتية ومهام المراقبة والاستطلاع في العراق وأفغانستان. ووصف غيتس تلك المحاولات بعملية «خلع الأسنان». واشتكى غيتس في ذلك الخطاب أمام طلاب الأكاديمية الجوية من أن هذه المحاولات جميعها «دمرت من قبل البعض وعدم الفهم من قبل الآخرين».

وشكك غيتس في أن ملاحظاته التي قدمها الأسبوع الماضي «سيجري تفسيرها على أنها هجمات على المقاتلات والطائرات التكتيكية المقاتلة»، لكنه أكد التزامه على الرغم من هذه التفسيرات الخاطئة، بتنفيذ البرنامج الأكثر تكلفة وتقدما للطائرات التكتيكية المقاتلة في التاريخ، «وهو البرنامج الذي تكلف أكثر من 300 مليار دولار أميركي لإنتاج الطائرات (إف35) المقاتلة، وهو برنامج طويل الأجل يتضمن طرازا جديدا من الطائرات القاذفة التي تستطيع حمل رؤوس نووية».

ولذلك أراد غيتس من القوات البحرية أن تعيد التفكير في حاملات الطائرات التي وافقت عليها، ودعا أيضا إلى بناء غواصات هجومية حديثة حاملة للصواريخ الباليستية والمزيد من مدمرات الصواريخ الموجهة.

وفي كلمته المثيرة للجدل في أكاديمية «ويست بوينت»، أكد غيتس أن وزارة الدفاع في المستقبل سيكون عليها إرسال جيوش كبيرة إلى مختلف المناطق المتوترة في الخارج و«سيكون علينا أن نتدخل في مناطق كثيرة»، وذلك في رده على سؤال حول الحاجة للجيش خاصة مع حجمه الحالي. وأكد غيتس: «نحن ننفق المليارات لتحديث العربات المدرعة ونظم الاتصال ونظم القتال البري الأخرى». وزاد: «حاملات جنود المارينز البرمائية التي كلفتنا مليارات الدولارات تم إلغاؤها، ولكن الحاملات الحالية سيتم تدعيم قدراتها الهجومية وسيتم تمويل نظام جديد لمهامها البرمائية».

وبالنظر لحربي العراق وأفغانستان السابقتين، حذر غيتس قائلا: «من السهل أن نشارك وأن نتحدث معا عندما تكون هناك أموال نحصل عليها وتكون هناك حرب نفوز بها، لكن من الصعب أن تفعل ذلك عندما تكون هناك قرارات صعبة يجب اتخاذها داخل القوات المسلحة؛ ففي هذه الحالة يتمحور الحديث عن الأولويات والاعتبارات الأهم».

وقبل يومين من خطابه أمام طلاب الأكاديمية الجوية، وضع غيتس العديد من التحديات الأخرى أمام الكونغرس؛ ففي شهادته أمام اللجنة الفرعية للاعتمادات الدفاعية، في الكونغرس، واجه غيتس، رئيس اللجنة على مدى 21 فترة، النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، سي دبليو يونغ، حول عرقلة مبلغ 1.2 مليار دولار تم طلبها من قبل رئيس القيادة العسكرية الوسطى، الجنرال ديفيد بترايوس، التي تضمنت «معدات مطلوبات بشكل عاجل للجنود في أفغانستان»، حسب ما أفاد الوزير.

ومثل هذا البرنامج يحتاج في العادة إلى موافقة لجنتي الاعتمادات والقوات المسلحة، في مجلسي الشيوخ والنواب، لكن غيتس قال: «كل لجان الكونغرس، إلا اللجنة المذكورة، وافقت على طلب الوزارة».

وقال غيتس إنه عرف أن اللجنة تخشى أن يؤثر تمويل هذا البرنامج على برنامج تمويل العربات المصفحة الذي سبقت الإشارة إليه، وأشار إلى أن الجيش لديه 154.000 عربة مصفحة وقرر منذ عام مضى أنه لا يحتاج إلى مزيد منها، وأنه يرغب في الحصول على 863 مليون دولار من برنامج تمويل العربات المصحفة لتضاف إلى تمويل إرسال المعدات لأفغانستان. وقال: «إننا يجب أن لا نعرض حياة الأميركيين للخطر لنحافظ على برنامج أو متعاقدين محددين».

ورد يونغ قائلا: «نحن ندعم ما يطلبه الجنرال بترايوس، ولكننا نريد أن نتناقش معك حول مصادر تمويل بديلة لهذا الطلب»، وأبلغ يونغ الصحافيين بعد ذلك قائلا إن «الشيء الوحيد الذي ستفعله اللجنة حول العربات المصفحة هو إطلاقها تسير».

ومما يذكر أن دوغ غورغي، الموظف السابق في لجنة الدفاع الفرعية قام بتشكيل لوبي في الدفاع عن صفقة العربات المصفحة لصالح شركة «إيه إم جنرال» المتخصصة في صناعة السيارات والمعدات العسكرية التي قالت إنه تم دفع 150.000 دولار من ثمن الاتفاق، وأن الشركة وأفرادها ساهموا بنحو 81.850 دولارا في الحملة الانتخابية ليونغ على مدار الدورات الثلاث الأخيرة حسب، «أوبن سيمرت»، وهي مجموعة مصلحة عامة في الولايات المتحدة. وجاء عدم الموافقة على إعادة تمويل البرنامج من اللجنة قبل يومين.

*خدمة «نيويورك تايمز»