البحرين: الحكومة تنفي وجود وساطة كويتية.. والمعارضة تتهمها بـ«عدم الاهتمام بالحوار»

رئيس الوزراء: الديمقراطية مصانة والمرحلة تحتاج إلى تعزيز الأمن.. ولن نقول: عفا الله عما سلف

باكستاني يجمع أغراضه استعدادا لمغادرة البحرين أمس (رويترز)
TT

في حين نفى وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أمس، أن تكون الكويت قد توسطت لحل أزمة البحرين، شدد رئيس الوزراء البحريني، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، على أهمية الأمن والاستقرار في هذه المرحلة من تاريخ البلاد، وقال: «إن الديمقراطية مصانة، والمؤسسات الدستورية مستمرة في استكمال البناء الديمقراطي، ولكن هذه المرحلة من عمر الوطن تحتاج إلى تعزيز أمن البلاد أولا ودعم استقرارها». وكانت جمعية الوفاق، وهي أكبر جماعة شيعية معارضة في البحرين قد قالت، أول من أمس، إنها قبلت عرضا قدمه أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، للتوسط لحل الأزمة.

وكانت السلطات البحرينية قد فرضت في وقت سابق من الشهر الحالي الأحكام العرفية في البلاد، واستدعت قوات «درع الجزيرة» لوقف الاضطرابات التي بدأت بالمطالبة بالديمقراطية، ثم تحولت إلى أعمال شغب. وبعد استدعاء قوات درع الجزيرة، لم تجر على الإطلاق محادثات اقترحها ولي عهد البحرين.

ونفى وزير خارجية البحرين، أمس، في صفحته على موقع «تويتر»، أي خطط لحوار تقوده الكويت، وقال: «أي كلام عن وساطة كويتية في البحرين غير صحيح إطلاقا. هناك مساع سابقة لم يستجب لها، وانتهت قبل قانون السلامة الوطنية».

في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز»، عن إبراهيم مطر، عضو جمعية الوفاق، قوله: إن «رد فعل وزير خارجية البحرين يشير إلى أن الحكومة غير مهتمة بأي حوار سياسي»، وأنها «تتجاهل دعوات دولية لوقف انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان ومطالب بالتحرك إلى حلول سياسية».

وقتل سبعة مدنيين وأربعة من أفراد الشرطة في المواجهات التي وقعت بين القوات البحرينية والمتظاهرين في وقت سابق من مارس (آذار) الماضي.

ورحب مجلس التعاون الخليجي بعرض الوساطة، أول من أمس. لكن بعد رسالة وزير خارجية البحرين عبر «تويتر»، أكد عبد الرحمن العطية، الأمين العام للمجلس، أن الوساطة يجب أن تأتي في الإطار الذي اقترحه حكام البحرين للحوار الوطني، والذي شكت المعارضة في أنه يضم الكثير من الجماعات الموالية للحكومة ويخفف صوتها. وتابع العطية للصحافيين في الرياض: إن «المجلس يرحب بأي وساطة لدعم الأمن والاستقرار من الكويت أو أي دولة أخرى، لكن هناك حوارا وطنيا قائما، وهو المظلة الأساسية للتغلب على المشكلة».

وصرح جاسم حسين، وهو عضو في جمعية الوفاق، بأن علي المتروك، وهو رجل أعمال كويتي شيعي، من الوسطاء. وقالت صحيفة «السياسة» الكويتية، أول من أمس، نقلا عن مصادر سياسية لم تسمها، أن وفدا من جمعية الوفاق سيلتقي سياسيين كويتيين، بينهم جاسم الخرافي، رئيس مجلس الأمة الكويتي. وأرسلت الكويت، التي توجد فيها أقلية شيعية، سفنا من أسطولها إلى البحرين، بموجب معاهدة أمنية خليجية للقيام بدوريات عند ساحلها الشمالي.

بدوره، قال رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إن البحرين ستبقى صامدة، ولن تصاب بسوء، طالما لدى شعبها هذا الحس الوطني، مؤكدا أنه «بحكمة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وبعزم الحكومة وإرادة الشعب، سنصمد، وسنخرج أكثر قوة وأشد ثباتا، فالعزم الحكومي والشعبي لن يتراخى بأي أحداث»، لافتا إلى أنه «قد آن الأوان لأن يُفعّل المجتمع بكل مؤسساته للسمو بالوطن فوق الجراح، من أجل أن تستمر المسيرة».

وأكد لعدد من الكتاب والصحافيين والإعلاميين خلال استقباله لهم أمس، أن «ما تمتلكه مملكة البحرين من نسيج اجتماعي قوي وإرادة موحدة، أمر يدعو إلى الاطمئنان والثقة في مستقبل الوطن، وقدرة شعب البحرين بالتلاحم مع قيادته، على تخطي أي أزمات أو صعاب»، مشيرا إلى أن مجتمعنا البحريني المسالم يرفض كل أشكال العنف والطائفية، وأن وحدتنا الوطنية، التي شكلت على مدى العصور سياجا وطنيا، ينبغي حمايتها والحفاظ عليها مهما كانت الظروف.

وأضاف الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، قائلا: «إن البحرين ستظل دولة القانون والمواطنة والمساواة»، مشددا على رفضه لأي «انقسامات داخلية بين أبناء الوطن الواحد»، ومؤكدا أن «الولاء للوطن يجب أن يكون أولا وأخيرا، وعلينا أن نأخذ درسا مما حدث، وألا تمر هذه التجربة دون أن نتوقف عندها ونستخلص منها العبر، حتى نحصن أجيالنا المقبلة من خطر الفرقة، وننمي لديهم الانتماء والمواطن». وتابع قائلا: «إننا نريد أن نخرج من هذه العتمة والقتامة التي ظللت سماء البحرين، ولا نريد القفز إلى الوراء، بل نريد أن نرتقي إلى أفق أرحب لمواصلة البناء حتى يعم الخير وينعم الجميع بالأمن والاستقرار الذي هو الغاية والهدف».

ودعا رئيس وزراء البحرين إلى «العمل من أجل شيوع ثقافة التسامح في المجتمع، للحيلولة دون تضخم هذه الصور المغلوطة التي يرفضها كل أفراد المجتمع»، وقال: «إن تحقيق ما نصبو إليه من نماء وازدهار هو مسؤوليتنا جميعا، كل في موقعه، وبتكاتفنا سنكون قادرين على إحباط أي توجه يرمي إلى تمزيق وتفتيت اللحمة الوطنية»، وتابع قائلا: «لقد خسر من راهن على أنه عندما يزرع بذور الشك والكراهية في نفوس الكبار والشباب سينجح في محاولاته، فالجميع أبناؤنا نعزهم ونعمل لأجلهم حتى من غرر بهم يظلون أبناءنا، ولكن هناك حقوقا عامة وحقا للوطن وحقا خاصا، ويجب أن يأخذ كل ذي حق حقه، وأنه لا آمال أكبر من وحدة صف هذا الشعب والاستمرار في العمل والتنمية خاصة مع عودة الحياة لطبيعتها».

وأشار رئيس وزراء البحرين إلى أن «ما يثير الأسف هو أن ما اكتشف من مؤامرة نفذت بأيدي مجموعة من أبناء الوطن، مما أوجد خوفا ورعبا في نفوس الأبرياء الآمنين»، وقال: «إننا عاقدو العزم على اتخاذ كافة القرارات الحازمة، التي تكفل إرجاع الثقة بين المواطنين، وتطهير النفوس من الضغينة التي زرعت في قلوبهم بسبب هذه الأحداث».

وطمأن آل خليفة الكتاب والصحافيين بأن «البحرين بخير، وأن الأمور بدأت ترجع إلى سابق عهدها، ولكن لا يمكن نسيان ما مر علينا من واقع مرير، ولن نقول عفا الله عما سلف، فلم يكن هناك داع لأن تصل البلاد إلى ما وصلت إليه، ونسأل الله أن يضمد هذا الجرح حتى يلتئم»، مشيرا إلى أن «الملك عقد العزم، واتخذ القرار الحازم لحماية أمن الوطن والشعب، وعلينا أن نعقد العزم للعودة أقوى مما كنا فيه، وبذل الجهود لاستعادة الثقة بين الناس، وإخلاء النفوس من الحسد، والبغضاء والتفرقة التي زرعت في القلوب». وأكد رئيس وزراء البحرين أن «مسيرة الانفتاح والبناء سوف تستمر، وأن ما نقوم به هو واجب المسؤولية الوطنية، وعلى الرغم من التحديات والعوائق الكثيرة، فإن ذلك لن يثنينا عن استكمال البناء، فالبحرين قد تكون صغيرة بمساحتها، ولكنها كبيرة بشعبها». واعتبر أن «الخطوات التي قطعتها مملكة البحرين في مجال تعزيز حرية الرأي والتعبير جعلت المملكة تسير إلى دروب التنمية الشاملة بخطى واثقة وعزم أكيد على مواصلة المشوار». وأضاف قائلا: «إن إرجاع الثقة إلى اقتصاد البحرين هو ركن مهم في هذه المرحلة، وأن مهمة الجميع في بناء الوطن والعمل على خطة حاضرة ومستقبلية، والبعد عن أي شتات، لأنه يكلف الوطن غاليا»، مشيدا بالدور الذي لعبته الصحافة والإعلام وكتاب الأعمدة، الذين وصفهم بأنهم «أحباء الوطن والمدافعون عنه وعن إنجازاته، حيث أظهروا ولاءهم العميق للوطن والتماسك من أجله، وأبدوا آراءهم دون خشية فيمن أرادوا السوء بالبحرين وأهلها». وقال للصحافيين: «إن للكلمة تأثيرا بالغا في النفوس، وقد عكست الصحافة الصورة داخل وخارج البحرين». وتابع خطابه لهم: «أنتم أبناء الرجال الذين صنعوا مجد البحرين، وعند الشدائد تظهر معادن الرجال وأكدتم أنكم خير من يدافع عن الوطن».