تسونامي اليابان والوسط الرياضي السعودي

فيصل أبو اثنين

TT

الجميع يعلم عن كارثة اليابان وما خلفته من خسائر مادية وبشرية هائلة ومرعبة هزت العالم كله, وما زالت تبعاتها حاضرة حتى يومنا هذا, وستكون ذكراها خالدة على مر التاريخ في قلوب وعقول اليابانيين حتى قيام الساعة، وعلى الرغم من عظم المصيبة وفجاعتها، فإنها بعثت الإعجاب والاحترام المتزايد لليابانيين في كيفية التعامل معها ومع تداعياتها بأسلوب حضاري مميز يدل على استخدامهم العقل في جميع تعاملاتهم الكونية.

وبمقارنة بسيطة بين تعامل اليابانيين مع تلك الكارثة العظيمة وتعامل وسطنا الرياضي مع مختلف الأحداث، تجد العجب العجاب في طرق التفكير والتعاطي. فعلى سبيل المثال اليابان تعاملت مع كارثتها بكثير من الهدوء والاحترام. فلا كلمات جافة ولا اتهامات مبطنة ولا عبارات ساخطة، بل كانت علامات الحزن هي السائدة والمعبرة عن واقع الحال, بينما يزخر وسطنا الرياضي بالكثير من النواح والتهويل والصراخ في حالة الخسارة أو الوقوع تحت طائلة العقاب والجزاء تحت ذريعة حفظ حقوق النادي.

تعاملت اليابان مع مصيبتها بكثير من الجدية والعزم على إعادة الإعمار والبناء بطرق هندسية بديعة ورائعة وخلال مدة زمنية محددة ووجيزة, بينما وسطنا الرياضي يتعامل مع الكثير من المستجدات والأحداث بالتسويف تارة، وبالتكاسل تارة أخرى، في غياب واضح للجدية في تجاوز تلك المرحلة المهمة من تاريخ الرياضة السعودية، وفي غياب للخطط والبرامج الدالة على العزم على تصحيح المسار من جديد.

تعاملت اليابان مع محنتها بكثير من الالتزام بالأنظمة والقوانين، على الرغم من حالة الفوضى وغياب الرقابة، بل كانت الرحمة ونبذ الأنانية هي السائدة بين أفراد المجتمع في تلاحم وتراحم غريب, بينما وسطنا الرياضي يعشق الفوضى والقفز على الأنظمة واللوائح، في استعراض للقوى المزيفة، وفي غياب تام للرحمة في الألفاظ والأفعال.

تعاملت اليابان مع فاجعتها بكثير من التضحية والرفق، فقد خاطر خمسون عاملا بحياتهم في سبيل منع كارثة نووية هائلة ستدمرهم وتدمر دولتهم وجيرانها في تفرد جديد لليابانيين, بينما وسطنا الرياضي يضحي بملايين الناس في سبيل رئيس ناد أو لاعب مدلل ويتهجم على الآخرين بأقذع الأوصاف والسباب وينتقص منهم، إما لمصالح ذاتية أو مالية.

عندما استعد اليابانيون لمثل هذه الكوارث وجهزوا أنفسهم لمواجهة تلك المخاطر والتدرب عليها استطاعوا أن يخففوا من تبعاتها ويقللوا من خسائرها, بينما وسطنا الرياضي يتعامل مع الأحداث والمتغيرات وكأنها وليدة اللحظة وتكون نتائجها كارثية ومكلفة في غياب تام للمنهجية والخطط والتدرب على التعامل مع مختلف الأحداث.

اليابان كسبت إعجاب العالم بأسره، لإيمانها العميق بمعتقداتها وثوابتها وجعلتها على أرض الواقع, بينما نحن الذين نؤمن بأعظم دين وأحسن عقيدة ونتبع أعظم رجل عرفه التاريخ، صلى الله عليه وسلم، ونحمل أعظم منهج رباني لم نستطع تطبيقه في مختلف مناهج حياتنا.