«البانوراما».. أسلوب فني يدمج صورا كثيرة في عمل واحد

التقنية الحديثة أتاحت بروزه في التصوير الضوئي بشكل لافت

من أعمال منصور الوشمي البانورامية («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي تتعدد فيه ألوان الفنون التشكيلية والفنية، إلا أنه بشكل أو بآخر يتكرر الأسلوب نفسه في أكثر من لون فني. ومن أبرز الأساليب الفنية المتكررة فن «البانوراما»، الذي يستخدم لتجسيد أكثر من مشهد في وقت واحد، حيث يعبر مصطلح «البانوراما» عن الأفق الواسع والتطلعات الكبيرة دائما.

وتشير بعض المصادر الفنية التاريخية، إلى أن مصطلح «البانوراما»، ظهر في أوروبا أولا، ابتداء مع اللوحات الفنية والرسومات القديمة للمدن والحضارات، وبرزت بشكل لافت في تصوير الأحداث التاريخية القديمة آنذاك، حيث ظهرت لأول مرة، في لوحة فنية لمدينة لندن رسمت عام 1543.

ويستخدم هذا المصطلح، في فن التصوير الضوئي، للتعبير عن عملية دمج عدد من الصور لمشاهد متجاورة بشكل أفقي أو عمودي، بحيث تظهر نتيجة دمج مجموعة من الصور في نهاية الأمر، وكأنها صورة واحدة واسعة المشهد، بعد إجراء بعض العمليات الإخراجية على العمل قبل أن يظهر للمشاهد. المهندس منصور الوشمي، أحد المصورين السعوديين الذين تميزوا في فن «البانوراما»، واستخدم الكاميرا لتجسيد موهبته، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن البانوراما قائلا: «بدلا من محاولة التقاط أو اقتناص أو تكوين أو مسرحة لقطة واحدة، تجد أن البانوراما يكسر أي حدود وقواعد وأساسيات، ويترك لك المجال المطلق في تكوين لوحتك وإنتاج قصة أو مجموعة قصص في لقطة واحدة».

المهندس الوشمي، بدأت علاقته مع «البانوراما»، منذ عدة سنوات، عبر دراسته في كلية العمارة والتخطيط، بجامعة الملك سعود بالرياض، لأجل التقاط صور بانورامية لمواقع المشاريع المزمع تصميمها، أو المباني والمنشآت الضخمة، قبل أن يقوم بتطوير نفسه في هذا المجال، عبر القراءة والاطلاع، إلى جانب التطبيق الميداني والتجارب وورش العمل التي تهتم بهذا الجانب من الفنون. «البانوراما» كأسلوب لا ينحصر على التصوير الضوئي فحسب، إلا أن بساطة الأدوات المستخدمة في التقاط الصور، وتوافر البرامج والأجهزة المساعدة في معالجة ودمج الصور، أسهم بشكل كبير في انتشار «البانوراما» في عالم التصوير الضوئي. ويرى الوشمي، أن استمرار وتطور التكنولوجيا وتبسيطها بشكل أكثر، كفيل بزيادة الإقبال على هذا الأسلوب. ومع ظهور الكاميرات الرقمية، لاقى أسلوب «البانوراما» انتشارا أوسع، وفي هذا المجال يقول الوشمي: «في السابق، تصوير البانوراما كان يمر بمراحل طويلة ومعقدة ومكلفة الثمن، مع تطور التكنولوجيا وانتشار التصوير الرقمي وسهولة عمل برامج التحرير الإلكترونية، نجد أن الموضوع أصبح أسهل من ذي قبل. كل ما عليك فعله هو التقاط صورتين أو أكثر متجانبة تقوم بدمجها أخيرا كمشهد واحد متميز، وأي جهاز يمتلك عدسة، سواء كانت كاميرا احترافية أو بسيطة أو حتى كاميرات الجوال، بإمكانها التقاط البانوراما ودمجها».

وعلى الرغم من أن الكثير من القواعد والشروط تتحطم عند «البانوراما»، فإن شرطا وحيدا يشدد عليه الوشمي، يجده هو أساس أي عمل بانورامي، وهو إظهار أكثر من مشهد وزاوية. فما لم يتحقق هذا الشرط، فمعنى ذلك أن المجال متاح لالتقاطه بأي نوع من أنواع التصوير المختلفة.

الإنترنت، وتطورات التقنية والانتشار المعلوماتي، أتاحت الاطلاع على أعمال المصورين في مجال «البانوراما». ويحرص الوشمي على متابعة أعمال فنانين متميزين في هذا المجال، ممن لهم باع طويل في هذا المجال، وأعمال مميزة، من أبرزهم كين دانكن، وجاستون باتستيني، إضافة إلى بعض الفنانين على المستوى المحلي، ومنهم عبد اللطيف العبيداء، وأيمن الجماز.

4 ركائز يعتبرها الوشمي أكثر الأمور أهمية في تصوير البانوراما، أولها الحرص على إظهار أكثر من مشهد في الصورة، حيث إن «البانوراما» تفقد قيمتها إذا كان بالإمكان بصورة واحدة فقط، إضافة إلى أهمية وجود تصور ذهني جيد للصورة قبل التقاطها في موقع التصوير، وهذا من شأنه المساعدة على توفير الوقت والجهد في التقاط بانوراما غير ناجحة.

ويشدد الوشمي، على أهمية الصبر طويلا على الأعباء التي تصاحب تصوير «البانوراما»، حيث إن زيادة عدد الصور يعني عددا أكبر من الصور، وهذا يعني حجما أكبر وضغطا أكثر على جهاز الكومبيوتر، ووقتا أطول للمعالجة والإظهار. وآخر الركائز الأربع هو الحرص على إظهار روح الابتكار والإبداع في هذا المجال، حيث إن التطور السريع والهائل للتكنولوجيا بإمكانه أن يطور الآليات والأساسيات وطرق الإخراج والإظهار، تماما كما بدأ البانوراما بطرق بدائية، وصولا إلى الأشكال والرؤى التي أمامنا اليوم.