باحثون سعوديون يكشفون عن تقنية جديدة لتحلية المياه تعتمد على موارد قليلة التكلفة

حصلوا بموجبها على براءة اختراع من مكتب البراءات الأميركي

TT

منح مكتب براءات الاختراع بالولايات المتحدة الأميركية 3 باحثين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن براءة اختراع جديدة في تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة هي الثانية في هذا المجال بعد حصول باحثين من الجامعة على براءة أولى في ذات التخصص قبل 4 أشهر.

وكشف يوم أمس في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية فريق من قسم هندسة الطيران والفضاء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عن الخطوط العريضة للتقنيات التي توصل لها الفريق البحثي في مجال تحلية المياه، والتي تعتمد بحسب الباحثين على إجراءات مبسطة ومواد رخيصة يمكن عبرها تحويل المسطحات المائية المالحة إلى مياه عذبة، وقال قائد الفريق البحثي الدكتور أحمد القرني لـ«الشرق الأوسط» إن التقنية الجديدة التي توصل لها الباحثون ستمكن المدن الصغيرة والجامعات والتجمعات السكانية البعيدة وكذلك المستشفيات والمنازل من الحصول على حاجاتها من المياه النقية عبر تطبيق هذه التقنية.

وبحسب القرني تعتمد التقنية المكتشفة على بناء خزانات مائية واسعة المساحة السطحية، وتغطى بهياكل زجاجية بشكل مائل تزيد من مساحة التعرض للأشعة الشمسية، كما تقوم التقنية المكتشفة على طلاء جدران هذه الخزانات بمادة خاصة ذات لون أسود تضاعف من امتصاص الطاقة الشمسية وتقوم على تسخين المياه، ويجمع البخار عبر قنوات داخل هذه الهياكل أو الأهرام الزجاجية.

وأبان الدكتور القرني أن التقنية الجديدة ستسرع من فكرة إنتاج المياه العذبة، بينما ستقلل الحاجة إلى مشاريع ضخمة لبناء محطات تحلية مياه، كما أشار إلى أن هذه التقنية يمكنها أن تحل مشكلة التجمعات السكانية البعيدة حيث لا تحتاج إلى تمديد أنابيب مياه لتلك المواقع، إضافة إلى أن التقنية رخيصة مقارنة بالتقنيات الموجودة في الأسواق حاليا.

وقال الدكتور القرني إن التقنية الجديدة ستخفض تكلفة إنتاج المياه المحلاة في السعودية بما يعادل مليارات الريالات، ولمح القرني إلى أن ربع إنتاج السعودية من النفط يذهب لإنتاج الطاقة وإنتاج المياه المحلاة التي تعتمد عليها البلاد في مواردها المائية، والتوسع في إنتاج الطاقة والمياه سيزيد من الضغوط على موردها الرئيسي وهو النفط في المستقبل، وهذه التقنية ستوجد الحل لتوفير المياه على المدى الطويل.

يشار إلى أن تقرير بنكي صدر عام 2010، قدر حاجة السعودية إلى استثمارات بنحو 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) في مجال تحلية المياه حتى عام 2025، في حين تنتج محطات التحلية نحو 40% من حاجات البلاد من المياه، أي ما يعادل 1055 مليون متر مكعب من المياه سنويا. وقال الدكتور القرني إن الباحثين أجروا أبحاثا مستفيضة على التقنية الجديدة، وقال (شربنا من الماء المنتج) وقال إن معدل الإنتاج يكفي حتى لو كان على مستوى دولة بحجم السعودية.

ويتكون الفريق البحثي من الأستاذ الدكتور أحمد القرني رئيس قسم هندسة الطيران والفضاء (باحثا رئيسا) والدكتور أيمن قاسم والدكتور سعيد فاروق (باحثين مشاركين).

وتسمى وحدة إنتاج المياه بهذه التقنية بالمقطر الشمسي، والمقطر يعتبر جهازا لتبخير وتكثيف الماء ويمكن استخدامه في أي موقع ويعتمد على الطاقة الشمسية لذلك فإنه يعمل بكفاءة أعلى في المناطق التي تحظى بشمس ساطعة، وتقوم المقطرات بنفس العملية التي تقوم بها الطبيعة من تبخير وتكثيف لإنزال المطر، حيث يوضع الماء المالح في حوض مسطح لزيادة المساحة المعرضة للشمس، ويطلى قاع الحوض باللون الأسود لزيادة امتصاص حرارة الشمس، ويغطى الحوض بغطاء زجاجي أو سطح شفاف، مائل بزاوية مناسبة جهة أشعة الشمس حسب الموقع الجغرافي، وتخترق أشعة الشمس الزجاج (أو السطح الشفاف)، فترفع درجة حرارة الماء وتبخره، ثم يتكثف على الزجاج وينزلق إلى إناء التجميع.

وكشف الفريق البحثي عن إمكانية إقامة مقطرات صغيرة (منزلية) ومقطرات لمساحات كبيرة على شكل برك وأحواض ضخمة، وتتميز المقطرات بعدة مزايا منها أنها يمكن بناؤها من مواد رخيصة ومتوفرة بسهولة وليس لها أجزاء متحركة مكلفة في تشغيلها، لذا فهي تتمتع بمتوسط عمري تشغيلي جيد (20 - 30 عاما). ويمكن استخدام البحيرات الطبيعية أو الاصطناعية في حالات المقطرات الكبيرة. والماء المستخدم يمكن أن يكون من ماء البحر أو مياه جوفية أو من المطابخ ودورات المياه وغيرها.

كما أكد الباحثون أنه يمكن بالتقطير الحصول على ماء مقطر نقي، في حين أن هذه المقطرات تمتاز بأنها صديقة للبيئة وتوفر الاحتياطي النفطي وتقلل من رفع درجة حرارة المناخ الذي يمثل مشكلة عالمية.