الفن اليمني يختلط بالعربي في ساحات التغيير بصنعاء

الموسيقار أحمد فتحي أبرز وآخر الفنانين المنضمين لـ«الثورة»

TT

يقف وليد العماري جنبا إلى جنب مع المذيعة منى صفوان ليقدما فقرات البرنامج اليومي لساحة التغيير بصنعاء، التي تحولت منصتها إلى قبلة للعشرات من المشاركين في اعتصامات تطالب بسقوط نظام علي عبد الله صالح. ويوميا تتوجه عدسات الكاميرات التلفزيونية للقنوات الفضائية والصحافيين نحوها، فمن خلالها تعلن استقالات العشرات من الحزب الحاكم أو من وظائفهم المدنية والعسكرية، فضلا عن دورها الرئيسي في إشعال الهتافات والشعارات المطالبة بالرحيل.

لقد كان أول عمل للمعتصمين في بداية اعتصامهم في 20 فبراير (شباط) الماضي، إعداد منصة بجهود شبابية وأجهزة بسيطة، والتي تم تطويرها مع مرور أيام الاعتصام، ومنصة التغيير بصنعاء ومثلها في ساحات الحرية في المدن الأخرى، تعتبر العمود الفقري للمحتجين، ومع بدء الشمس بالغروب يتسابق المشاركون نحو بوابة المنصة للصعود لتقديم فقراتهم التي أعدت من قبل، فيما المعتصمون يجلسون حولها للاستماع إلى ما يذاع في المنصة وتردد الشعارات والهتافات بين لحظة وأخرى.

تفتتح المنصة عند الساعة التاسعة صباحا بالنشيد الوطني الذي يحاول الشباب من خلاله إظهار حبهم واحترامهم لبلادهم، ثم تقدم أغان وأناشيد وطنية يجمع اليمنيون عليها، وأشهرها أغاني أيوب طارش، وفيصل علوي، وعلي الإنسي، وأبو بكر سالم بلفقيه، وكرامة مرسال، وأغاني الفنانة الفلسطينية أمل عرفة، والتونسية لطيفة، والتي تشعل حناجر المشاركين ليرددوا معها الأغاني والهتافات أبرزها «الشعب يريد إسقاط النظام».

ويوضح العماري كيف تدار المنصة بقوله إن «هناك محددات عامة لمن يشارك في برنامج المنصة وهي تعتمد على أهمية الأولويات التي تخدم ثورتنا، فنركز على تقديم فقرات خاصة بالرد على الأكاذيب التي تنسج عن الاعتصام، وإلقاء كلمات من شخصيات مهمة تؤيد مطالبنا، أو من قبل المعتصمين أنفسهم من يطلبون المشاركة بقصائد شعرية شعبية»، والتركيز على ما يذاع على المنصة يحدده المشرفون عليها، وأهم شيء بالنسبة لهم، التركيز على التوعية والتعبئة بالتنسيق مع جميع مكونات الساحة، كما يتم تقديم برنامج يومي مسائي، ويوضح العماري أن المنصة تقدم عبرها استقالات من «العيار الثقيل»، كما وصفها، سواء من مشايخ القبائل أو من القيادات العسكرية والأمنية، أو من الوظائف الحكومية المهمة.

ومن أهم ما يقدم على المنصة ساعة كاملة للمنتدى الأكاديمي ويدار من قبل أساتذة الجامعات لمناقشة المواضيع المتصلة بالأوضاع في اليمن ودور الشباب مواضيع اقتصادية وثقافية متنوعة، وتتوحد ساحات التغيير والحرية في المدن اليمنية في الساعة التاسعة مساء لتردد بشكل جماعي يوميا هتافا موحدا يتفق عليها بالتنسيق مع قيادات الساحات. ويشير الناشط العماري إلى أن أغلب من يقدم على المنصة لا يعرفون بعضهم البعض إلا على خشبتها، وينفي أن يكون هناك استحواذ لأي جهات أو شباب على فقرات البرنامج «لكن قد تكون هناك مشاركات متشابهه مثل الأشعار الشعبية وكلمات لنقابات محددة».

أما على الصعيد الفني، فهناك العشرات من الفرق الغنائية التي اعتلت خشبة المنصة وقدمت أغانيها وأناشيدها المعبرة عن الثورة ويقول أحد النشطاء في الساحة إن «هناك فنانين ومنشدين معروفين يحضرون إلى الساحة ويقدمون أغانيهم، كما نقوم ببث ما يتم إنتاجه من ألبومات عن الثورة». ويتنوع الفنانون المشاركون في الاعتصام حيث بعضهم يقدم «أمسيات ثورة» منهم عبد الرحمن الأخفش، الذي قدم أمسية فنية رائعة، ومحمد الأضرعي، وأحمد العسيري، وهناك أيضا فرقة نسائية، إضافة إلى المسرحيات وغيره.

ولعل «ساحة التغيير» في محافظة الحديدة الساحلية في غرب البلاد، حظيت بمشاركة قيمة من الفنان والموسيقار اليمني الكبير، أحمد فتحي، الذي يقيم في القاهرة، فقد زار محافظته الحديدة اليومين الماضيين، وأعلن من منصة الساحة انضمامه وتأييده لـ«ثورة الشباب»، ولم يكتف بذلك بل غنى أغنية وطنية جديدة بعنوان: «يا معتصم»، التي انتشرت بسرعة كبيرة في الساحات نظرا للمكانة العربية والمحلية الكبيرة لفتحي الذي يعد من أشهر عازفي العود في الوطن العربي.

ومن الأمور اللافتة للانتباه، استعانة المشرفين على المنصات بشخصيات قبلية معروفة من أجل مساعدتهم في التعرف على الكثير من مشايخ القبائل الذين يصلون لإعلان انضمامهم ومباركتهم للثورة، خاصة أن فئة الشباب في الغالب لا تعرف الزعامات القبلية والعشائرية في المناطق النائية والبعيدة.