البحرين: 24 قتيلا حصيلة المواجهات.. والبرلمان يقبل استقالات 11 من نواب «الوفاق»

وزير الداخلية يؤكد أن التحقيقات تفيد بتورط حزب الله في تدريب عناصر تخريبية

رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا كيلاني (يمين) يستقبل أعضاء وفد البحرين الزائر وإلى جانبه وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في إسلام أباد أمس (أ.ب)
TT

بينما أعلنت السلطات البحرينية، أمس، أن حصيلة المواجهات بين المحتجين وسلطات الأمن أفرزت 24 قتيلا، قبل مجلس النواب استقالات 11 من نواب جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، مع تأجيل البت في موقف 7 نواب آخرين.

ففي تطور جديد على صعيد الأحداث المتسارعة في البحرين وافق مجلس النواب على قبول استقالات 11 عضوا من كتلة الوفاق وهم: عبد الجليل خليل، وخليل المرزوق، وجواد فيروز غلوم، ومحمد يوسف المزعل، والسيد هادي حسن الموسوي، وسلمان عبد الله سالم، وعبد المجيد محمد علي السبع، ومطر إبراهيم مطر، وعلي مهدي الأسود، ود. جاسم حسين غلوم، وحسن علي جمعة، بينما تم تأجيل البت في استقالات 7 نواب، هم: د. عبد علي محمد حسن، وعبد الحسين أحمد المتغوي، وسيد جميل كاظم حسن، والسيد عبد الله مجيد العالي، وحسن عيسى مرزوق، والسيد محمد مجيد حسن، وعلي راشد حسن العشيري.

وفي أول رد فعل من جانب كتلة الوفاق استغرب الدكتور جاسم حسن، عضو مجلس النواب الذين شملتهم قائمة الـ11 والذين قبلت استقالاتهم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: ربما هناك توجيه من أطراف أخرى لاتخاذ مثل هذا القرار، بعد أن شغل مجلس النواب نفسه بقضية الاستقالات على مدى الأيام الأخيرة.

وأضاف: «أعتقد أن أعضاء المجلس ارتكبوا خطأ جسيما عملا بمبدأ (من حفر حفرة لأخيه)»، مضيفا أنه لا يستبعد أن يصدر الملك قرارا بحل المجلس والدعوة إلى انتخابات جديدة ربما في نهاية العام الحالي وفي إطار دوائر انتخابية جديدة والخاسر هم الأعضاء الذين صوتوا على هذا القرار الغريب أمس، مضيفا أن تأجيل الانتخابات بسبب تطبيق حالة السلامة الوطنية يمثل قضية أخرى، وإن كانت الأمور تتجه نحو الاستقرار من يوم إلى آخر.

وقال جاسم: إن المجلس الحالي يعاني ضعف تمثيل شعبي بعد خروج كتلة الوفاق النيابية بشكل رسمي وبقرار من المجلس الذي أصبح يشمل أقلية من الناس؛ لأن كتلة الوفاق حصلت على 64% من أصوات الناخبين في حين أن بقية الأعضاء حصلوا مجتمعين على نسبة 36%، مؤكدا أن الأعضاء السبعة، الذين تم تأجيل البت في استقالاتهم، قد يتمسكون بقرارهم الذي اتخذته كتلة الوفاق بعد اللاعودة.

كانت الكتلة النيابية المستقيلة لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية قد أصدرت بيانا على خلفية قرار مجلس النواب، أكدت خلاله أن مشاركتها السياسية في مجلس النواب كانت من أجل البحث عن حلول لجميع القضايا السياسية والخدمية والمعيشية التي ظلت معلقة لسنوات دون أن تجد التحرك الجدي، ومن أجل البحث عن حلول للأزمات المتراكمة التي دخلت فيها البحرين بشكل متتالٍ.

وأوضحت الكتلة: حاولنا بكل جهد وإخلاص أن نحقق إنجازات وطنية لعموم المواطنين من خلال التجربة البرلمانية بوضوح وشفافية، ومارسنا دورا مهنيا بشهادة الجميع لتفعيل البعدين التشريعي والرقابي المحدودين للمجلس، لم تغب عن قناعتنا أبدا ضرورة أن يكون هناك مجلس منتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية ويعكس تطلعات الشعب ويحل مشكلاته المتراكمة ضمن الحل الشامل للملف السياسي.

وأكدت الكتلة الوفاقية أن استقالات أعضائها قدمت أساسا احتجاجا على اللجوء للحل الأمني والعسكري في معالجة المطالبات السياسية، وما زالت هذه قناعتنا بأن الحل السياسي هو الأسلم للخروج من الأزمة التي تعيشها البحرين، والذهاب إلى حلول أخرى قد يرجئ الأزمة، لكنه لن ينهيها، مشيرة إلى أن قبول استقالات 11 نائبا من أصل 18 نائبا وفاقيا لا يفهم الغرض منه.

من جانب آخر، كشفت السلطات البحرينية عن ارتباط حزب الله الشيعي بالأحداث المؤسفة التي شهدتها البحرين في الفترة الأخيرة.

وأكد الشيخ الفريق الركن راشد بن عبد الله آل خليفة، وزير الداخلية، أن التكتيك والأسلوب اللذين انتهجهما الخارجون عن القانون يكشفان عن ارتباط وأسلوب تدريب حزب الله، مشيرا إلى أن التحقيقات جارية وموضوع الارتباط والتخابر موجود وهو ما ستكشف عنه نتائج التحقيق بالتفصيل.

وأضاف وزير الداخلية البحريني: إن ما حدث مؤخرا هو استكمال لحلقات مخططات التدخل والارتباط الخارجي؛ فمواقف وتصريحات المسؤولين الإيرانيين وما صدر عن الأمين العام لحزب الله اللبناني وما دأبت عليه القنوات الفضائية التابعة لهم من التدخل في شؤون البحرين والتحريض على الفتنة وبث الشائعات والأكاذيب والدعوة إلى الفوضى وما حدث في الدوار، وأسلوب العمل المتبع، والخبرة والتكتيكات التي حصلت في البحرين، وأسلوب التخييم وطريقة وضع الحواجز، واحتلال المستشفيات، ومحاصرة مبنى التلفزيون، والدوائر الحكومية والمنشآت الحيوية، وطريقة مهاجمة منازل المواطنين، وتقسيم الأدوار والتوزيع على عدة خلايا منها خلية العمل الميداني وخلية التمويل وخلية الإعلاميين وخلية الحقوقيين، تؤكد حقيقة هذا المخطط الخارجي.

وبيَّن أن الارتباط بالخارج أمر ليس بجديد «ولم يكن وليد الأحداث الأخيرة؛ فقد بدأ في ثمانينات القرن الماضي في قضية المحاولة الانقلابية الآثمة التي استهدفت الاستيلاء على الحكم عام 1981 والتي كانت مدعومة من إيران بحسب الاعترافات، واستمر في قضية ما يسمى بحزب الله البحريني والمؤامرة الإيرانية في أحداث التسعينات، وتكرر في قضية كشف عمليات التدريب ذات الطابع العسكري لمجموعات في منطقة الحجيرة بسورية عام 2008، وحديثا قضية الشبكة التنظيمية الإرهابية لقيادات ورؤساء المجموعات التخريبية التي استهدفت زعزعة أمن واستقرار البحرين عام 2010».

وقال وزير الداخلية، في كلمة له أمام مجلس النواب أمس: «إننا لم نتمن سقوط أي ضحايا سواء أكانوا من المدنيين الأبرياء أم من العسكريين أم من الذين شاركوا في أعمال الشغب والعنف»، ولكن للأسف فإن إصرار البعض على الخروج على القانون وإحداث الفوضى هو أمر ترتب عليه سقوط ضحايا؛ حيث توفي 4 من رجال الأمن، كما توفي 7 من المدنيين الأبرياء من المواطنين والمقيمين و13 شخصا من المشاركين في أعمال الشغب والعنف، فضلا عن إصابة 391 رجل أمن، و56 من المواطنين والمقيمين الأبرياء، بالإضافة إلى خطف وتعذيب 4 من رجال الأمن».

وأكد الوزير أن ما تم اتخاذه من إجراءات لم يتم ضد طائفة كما ذهب إليه من يروج لأعماله المخالفة، وإنما تم ضد المجموعة التي خالفت القانون، فنحن لا نعمم الشر وإنما نحن نعمم الخير على الناس، فالمخالف ينال جزاءه، ولا صحة إطلاقا لما يسمى بالتطهير العرقي.

وأضاف أن مستشفى السليمانية الطبي تم استخدامه كمركز قيادة وتخطيط، وتم القبض على عدد من الأشخاص القياديين ومثيري الفوضى بداخله كما تم تفتيش المكان بالكامل للاطمئنان على عدم وجود أي أمور خطرة، مضيفا أن «المستشفى كان لمدة شهر تحت سيطرة الخارجين على القانون وما كان يتم فيه أمر جنائي وليس طبيا؛ فقد تم احتجاز بعض العاملين بالمستشفى، وتمت معاملة بعض المرضى معاملة لا إنسانية وقاسية، كما أن الأوراق التي تم ضبطها كشفت عن أن الممرضين والمسؤولين عن إدخال المرضى كانوا يقومون بعملية تلاعب وتزوير في بيانات السجلات الطبية».

وأوضح أن البحرين مرت بظروف أمنية صعبة أدت إلى اضطراب الأمن العام تعرض فيها السلم الأهلي للخطر، مما هدد أمن وسلامة المواطنين والمقيمين، مما استدعى صدور مرسوم ملكي بإعلان حالة السلامة الوطنية في البلاد لمدة 3 أشهر مع تكليف معالي القائد العام لقوة دفاع البحرين باتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن والاستقرار.

وقال: عندما سمح بالتجمع والاعتصام في الدوار كان المؤمل أن يدرك من تجمعوا فيه أن ذلك تم من منطلق الحرص على مزيد من حرية التعبير السلمي، وكنا نتمنى أن يرتفع هؤلاء في تصرفاتهم وأفعالهم وشعاراتهم لمستوى المسؤولية الوطنية، لنرى من خلالهم ممارسة ديمقراطية سليمة وصحيحة تدفع بمملكتنا للأمام، إلا أنه، للأسف الشديد، فقد فسر هؤلاء الموقف المتسامح تفسيرا خاطئا فتحولت الأمور من سلمية إلى تخريبية.

ولقد عشنا جميعا تطورات الأمور بطريقة لا يمكن أن نصفها بالعشوائية، بل إنها كانت تتطور وفق مراحل مدروسة ومخطط لها؛ حيث إنه بعد السماح بالتجمع والاعتصام بالدوار توالت الأحداث والتجاوزات القانونية، حيث تم نصب الخيام بالدوار والمنطقة المحيطة به ورفع الشعارات وإلقاء الخطب المخالفة صراحة للقانون، واتخذ الدوار كموقع للتخطيط والتخريب وانطلاق للمسيرات والأعمال المخالفة للقانون، والمناداة جهرا بإسقاط النظام وبذلك أدانوا أنفسهم في العلن. إضافة إلى التمدد خارج الدوار إلى ساحة المرفأ المالي ومنطقة ضاحية السيف والمنطقة الدبلوماسية ووضع حواجز على الطرق.

وأكد وزير الداخلية البحريني عودة الحياة لطبيعتها في ظل الحضور العسكري والأمني في مختلف المحافظات، كما عاد العمل بالمدارس، ويزاول الناس نشاطهم الاعتيادي، وكلها أمور ومؤشرات إيجابية تتجه نحو عودة الحياة إلى وضعها الطبيعي. وفي هذا الإطار فإن وجود وانتشار النقاط الأمنية والعسكرية إنما يهدفان إلى تثبيت الأمن والسيطرة على أي موقف يطرأ لضمان إعادة الطمأنينة والشعور بالأمان لدى المواطنين والمقيمين.

وفي تعليقه على القرار، قال خليفة الظهراني، رئيس مجلس النواب: ما اتخذه المجلس يأتي وفق رغبة الأعضاء الذين قدموا استقالاتهم واتخذ المجلس قراره فيهم، مشيرا إلى أن تأجيل البت في استقالات الـ7 أعضاء المتبقين يعود لإرادة المجلس.

من جهته، أكد عادل المعاودة، نائب رئيس البرلمان البحريني، أن موافقة المجلس على قبول استقالات 11 عضوا من كتلة الوفاق البرلمانية الـ18 تعود إلى مشاركتهم الواضحة في الفتنة التي كادت تعصف بالبحرين، مؤكدا أنه لم يكن من ضمن الذين انتقوا هذه الأسماء.

وعن العودة عن القرار السابق بتأجيل البت في استقالات كل أعضاء كتلة الوفاق النيابية، قال المعاودة: فضلت عدم الاستعجال ومنح المزيد من الوقت للنظر والدراسة وحاولنا أن نصلح ما يمكن إصلاحه وألا نربك سير أعمال المجلس، لكن وجدنا أن المجلس لا يمكن أن يبقى هكذا (كالمعلقة) في الوقت الذي قدم فيه الأعضاء استقالاتهم بأنفسهم ولم يفصلوا أو يطردوا.

وحول مستقبل المجلس النيابي قال المعاودة: إن الظرف الراهن الذي تمر به البحرين أكبر من قضية المجلس، مبينا أن المجلس تبقى له شهران، وربما يوجه الملك بتمديد هذه الفترة.

وعمَّا إذا كان يتوقع مشاركة المعارضة في حالة الدعوة لانتخابات في غضون الأشهر المقبلة، قال المعاودة: إن تأخر المعارضة وتلكؤها الكبير في قبول الحلول الهادئة والعقلانية، جعلاها الآن أمام خيارات أحلاهما مر، وليس أمامها الآن خيار خالٍ من المرارة.. كانوا يحتاجون لاتخاذ قرار صعب جدا للرجوع إلى المجلس؛ لأنهم في حاجة لإيجاد مبرر، بعد أن طلبوا من الناس أن يتركوا أعمالهم ومدارسهم وهم قد تركوا المجلس، ولم يعد لديهم القدرة على أن يقولوا إن الوضع تغير، وقلنا لهم صحيح أن القرار صعب، لكنه أسهل مما سيأتي بعده وقد تحملنا ما تحملناه بسب كلامنا هذا. وما زلت أقول لهم إذا لم تتخذوا القرار الصعب الآن سيأتي ما هو أصعب منه.