مع بدء تبادل الاتهامات بين الكتل.. نهاية شهر العسل السياسي في العراق

كل التفاهمات السابقة بين القادة السياسيين ذهبت أدراج الرياح

TT

لم تصمد الاتفاقات والتوافقات السياسية التي طالما بشرت بها الطبقة السياسية العراقية العراقيين قبيل تشكيل الحكومة العراقية أواخر العام الماضي - كثيرا. فعلى الرغم من الاحتفالات والمبادرات التي سبقت التشكيل، وما جرى الحديث عنه عن سرعة التفاهمات بين القادة السياسيين، فإن كل ذلك ذهب أدراج الرياح. وعلى الرغم من أن تشكيلة الحكومة الحالية التي ترأسها للدورة الثانية نوري المالكي ظلت غير مكتملة، لا سيما الوزارات الأمنية الثلاث، فإن فرحة الجميع بما حصل أنست الجميع طبيعة ما تم الاتفاق عليه أول الأمر، والذي بدأت عملية تفكيكه بالتسويف حينا وبالمماطلة حينا آخر.

أول المودعين كان الدكتور إياد علاوي، زعيم ائتلاف «العراقية»، الذي صبر عدة شهور من أجل ولادة المجلس الوطني للسياسات العليا الذي لم تنفع كل العمليات، بما فيها الجراحية والقيصرية، لإنقاذه من الموت السريري الذي استمر شهورا، حتى نعاه علاوي بنفسه ومعه كل ما تم الاتفاق عليه من اتفاقات ومجموعها 9، والتي تمت كلها بناء على مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، فإن آخر المودعين للمناصب السيادية العليا، التي كانت المعركة بشأنها قد استمرت شهورا، هو الدكتور عادل عبد المهدي مرشح المجلس الأعلى الإسلامي والائتلاف الوطني لمنصب نائب رئيس الجمهورية. وبين إصرار علاوي على عدم ترؤس المجلس الوطني للسياسات العليا وإعلان عبد المهدي سحب ترشيحه لموقع نائب رئيس الجمهورية، فإن القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي ومرشحها لمنصب نائب رئيس الجمهورية، أعلن هو الآخر احتمال انسحابه من المنصب، بسبب استمرار المماطلة السياسية، ولا سيما أن البرلمان العراقي قد شرع قانون نواب رئيس الجمهورية.

وبين هذا وذاك، تستمر المماطلات على قدم وساق في ما يتعلق بالوزارات الأمنية الثلاث، تأخذ بين فترة وأخرى مسارا مختلفا يتم خلاله تبادل المزيد من الاتهامات بين كل من القائمة العراقية ودولة القانون. ولعل أحدث صيحات التعامل السياسي مع هذه المناصب الحساسة، هو الخلافات البينية داخل الكتل السياسية نفسها. فالتحالف الوطني الذي يتكون من دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي (الصدريون والمجلس الأعلى الإسلامي)، لديهم مرشحهم الخاص لوزارة الداخلية (أحمد الجلبي)، بينما لدى دولة القانون مجموعة مرشحين لهذا المنصب وكلهم ضباط محترفون. و«العراقية» هي الأخرى لديها معاناتها الخاصة مع منصب وزير الدفاع منذ الدورة الماضية، حيث سرعان ما انسلخ الوزير الذي رشحته عنها عند أول اختبار يتعرض له، حيث رفض الانسحاب من الوزارة، معلنا وبكل صراحة أن القائمة، التي رشحته كوزير للدفاع ممثلا للمكون السني (القائمة العراقية)، لا تمثل كل المكون السني. واليوم حيث لا يزال منصب وزير الدفاع من حصتها، فإنها باتت تحسب ألف حساب لمن يمثلها هذه المرة. وبينما تملك مجموعة مرشحين، فإنها ظلت وما زالت تصطدم برفض المالكي لهم جميعا. غير أن المفارقة التي لفتت الجميع هي أنه في الوقت الذي (تورطت) فيه القائمة بترشيح أحد الضباط، ومن ثم وجدت نفسها أنها تسرعت، وبينما أعلنت إعادة النظر فيه، أصر المالكي على الموافقة عليه، معلنا أنه سيقدمه للبرلمان مع مرشحي وزارة الداخلية الذين ليس من بينهم الجلبي. وبينما أرجأ المالكي مرشح وزارة الأمن الوطني لحسابات تكتيكية تتعلق بما أفصح عنه القيادي في كتلته (دولة القانون) عزة الشابندر من أن المالكي بات يسعى لتشكيل حكومة أغلبية سياسية، بعد أن اعتبرت تجربة حكومة الشراكة الوطنية لا معنى لها وسط هذا الكم الهائل من التجاذبات السياسية.