وزير خارجية المغرب يدعو الاتحاد الأوروبي إلى الخروج من «عقلية إحصاء أطنان البندورة»

طالب في باريس باتباع سياسة أكثر طموحا إزاء ضفة المتوسط الجنوبية

TT

دعا وزير خارجية المغرب، الطيب الفاسي الفهري، الأسرة الدولية، وتحديدا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهيئات الدولية الأخرى مثل صندوق النقد الدولي والصندوق الأوروبي للإعمار والتنمية، إلى «مواكبة» التحولات التي يعرفها العالم العربي، ومساعدتها ودعمها وتمكينها من النجاح. وحث بوجه خاص الاتحاد الأوروبي على انتهاج سياسة أكثر طموحا إزاء الضفة الجنوبية للمتوسط، و«الخروج من عقلية إحصاء أطنان البندورة»، التي تعبر المتوسط وتصل إلى الأسواق الأوروبية، واستبدالها بمقاربة أكثر طموحا لما يسمى «سياسة الجوار»، وتوفير الموارد المادية لتمكين التحولات الديمقراطية من النجاح.

وكان الوزير المغربي العائد من زيارة شملت واشنطن ونيويورك يتحدث في محاضرة نظمها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، الذي يرأسه تييري دو مونبليار، مساء أول من أمس، بحضور دبلوماسيين وأكاديميين وإعلاميين ومهتمين بالعلاقات الدولية.

ويفترض أن يجري الفاسي الفهري لقاءات في العاصمة الفرنسية مع نظيره آلان جوبيه، ومع دوائر القرار الأخرى، ستتمحور حول التطورات التي يعيشها العالم العربي، والمغاربي على الأخص، وأيضا ملف الصحراء والإصلاحات التي يسعى المغرب إلى إقرارها. وكان جوبيه قد أشاد بالإصلاحات الدستورية التي أعلن عنها ملك المغرب محمد السادس، وذلك في كلمة للوزير الفرنسي أمام مجلس الأمن يوم 17 مارس (آذار) الحالي، التي خصصت لليبيا.

وحث الفاسي الفهري الاتحاد الأوروبي على بلورة «خطة مارشال» للمغرب العربي، مشددا على أن ما يجري على ضفة المتوسط الأخرى له تأثير كبير على موضوع الأمن والهجرة وعلى النمو الاقتصادي للجانبين العربي والأوروبي.

ومن بين معالم الخطة التي دعا إليها، اتباع سياسة جوار أكثر توازنا، وتوفير موارد مالية أكبر لهذه المنطقة، وفتح الأسواق أمام منتوجاتها. وبما أن فرنسا ترأس العام الحالي مجموعة الدول الثماني الأكثر تصنيعا، فقد دعاها إلى العمل على «دمج» العالم العربي، الذي سيولد من رحم التغيرات الديمقراطية، في مسيرة التنمية.

وتوقف الفاسي الفهري مطولا عند الإصلاحات والمسيرة الديمقراطية التي يعرفها المغرب منذ سنوات والآفاق التي فتحها خطاب العاهل المغربي يوم 9 مارس الحالي، وإطلاق ورشة الإصلاحات الدستورية من أجل الوصول إلى «ملكية برلمانية»، وقال إن المغرب يتجه إلى سن دستور جديد «يكون بمستوى طموحات المغاربة ويسمح لهم بالاستمرار في ثورتهم الهادئة»، ووفق أجندة خاصة ببلادهم تفضي إلى «المواطنة الكاملة».

ونفى الفاسي الفهري أن يكون المغرب متخوفا من التغييرات، رغم أنها تأتي «في إطار إقليمي متحول»، باعتبار أن التغيير في المغرب «يندرج في إطار الخيارات الأساسية»، في إشارة إلى النظام الملكي المتأصل في البلاد. أما بالنسبة للمراجعة الدستورية، فقد وصفها بـ«الطموحة والجريئة»، لأنها تتناول الحرب على الفساد، وتروم تحقيق استقلال القضاء، والاعتراف بأحد المكونات الرئيسية للهوية الوطنية المتمثلة في الأمازيغية والخصائص المناطقية للأقاليم في المغرب، فضلا عن توسيع صلاحيات رئيس الحكومة. والخلاصة أن هذه الإصلاحات تصب في خانة «بناء مغرب جديد مع مواطنة كاملة» و«دولة قانون».

ومر الوزير المغربي سريعا على الأحداث التي تعرفها الدول المغاربية والعربية الأخرى. وبخصوص الجزائر، أعرب عن «تمنيه» أن يجد الشعب الجزائري «طريقه إلى التنمية الاقتصادية والانفتاح السياسي». غير أنه أعرب عن أسفه لإغلاق الحدود بين البلدين بقرار جزائري «لا نفهم سببه»، مضيفا أن الإغلاق يجعل البلدين يخسران ما نسبته 2 في المائة من النمو الاقتصادي السنوي، بسبب غياب المبادلات وما يستتبعها. واعتبر الفاسي الفهري أنه «حان الوقت» للانتهاء من نزاع الصحراء على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب منذ أربع سنوات، والتي تحظى بدعم دولي وتفهم أممي. وختم الوزير المغربي بالتنبيه إلى انتشار «القاعدة» في بلدان الساحل، واتساع حركة تهريب المخدرات في تجارة مثلثة تبدأ في أميركا اللاتينية وتمر بأفريقيا العربية لتصعد بعدها عبر الدول المغاربية باتجاه أوروبا.