تراجع شعبية حزب أردوغان بعد غموض مستقبل استثمارات بـ15 مليار دولار في ليبيا

الثورات العربية تثير مخاوف أنقرة سياسيا واقتصاديا

TT

وجه كمال قليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، أقوى أحزاب المعارضة التركية، نقدا لاذعا لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وقال إن تخوف الحزب الحاكم من تنامي شعبية حزبه يعود إلى ما يقوم به حزب الشعب من مشاريع ناجحة تلقى استحسان الجماهير، مستغربا الاتهامات التي توجه إلى حزبه بأنه كثير النقد ولا يضع حلولا للأزمات.

يأتي حديث أوغلو لصحيفة «حرية دايلي نيوز»، أول من أمس، متناغما مع تزايد شعبية حزبه في الشارع التركي، وهو ما أظهره آخر استطلاع للرأي العام قامت به صحيفة «ترك خبر» الرسمية الشعبية؛ حيث ارتفعت شعبية الحزب بنحو 5% عن نسبته في آخر انتخابات برلمانية جرت عام 2007، مقابل هبوط أسهم حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وتراجعت شعبية الحزب الحاكم بنسبة 3.2%، عن استطلاعات الرأي السابقة، قبل نحو 3 أشهر من موعد الانتخابات البرلمانية التركية. وأرجع الخبراء ذلك التراجع إلى ارتباك السياسة الخارجية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على صعيد التعامل مع المتغيرات في منطقة الشرق الأوسط.

وقال الدكتور إبراهيم غانم، أستاذ العلوم السياسية الخبير في الشأن التركي، لـ«الشرق الأوسط»: «المواقف السياسية التركية بدأت تتغير مع الأحداث الليبية والسورية عمَّا كانت عليه وقت الثورتين المصرية والتونسية؛ فالسياسة الخارجية التركية تعاني حالة ارتباك».

وأضاف غانم أن السياسات الخارجية لحزب أردوغان انعكست سلبا على الأوضاع الداخلية التركية، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية فتح الباب أمام المستثمرين ورجال الأعمال الأتراك في المنطقة العربية، ومنذ بدء الأزمة الليبية تم إجلاء قرابة 20 ألف مواطن تركي من ليبيا.

ويقدر حجم الاستثمارات التركية في ليبيا بنحو 15 مليار دولار. ومنذ العام الماضي حصلت تركيا على حقوق تنفيذ استثمارات البنية التحتية (تقدر بنحو 35 مليار يورو) في ليبيا للسنوات الـ10 المقبلة، ومنها حق امتياز بناء مطار طرابلس الذي حصلت عليه شركتا «TAV التركية للبناء» و«المقاولين المتحدين»، كما وقعت شركة «تورك مال» اتفاقية مع صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الليبي لبناء ثلاثة مراكز للتسوق والترفيه في البلاد، إضافة إلى مصالح ناشئة في كل من سورية واليمن.

ووسط مخاوف الشارع التركي من ضياع تلك الاستثمارات، تأمل الحكومة التركية في عودة الاستقرار سريعا لدول المنطقة لتفادي خسائر مالية تقدر بمليارات الدولارات في هذه الدول. وعلق حسين سرت، رئيس جمعية الصناعة والأعمال (TUSMAID) التركية، يوم الثلاثاء الماضي، بقوله: إن دولا مثل مصر وليبيا وتونس وغيرها بالمنطقة، تعاني توترات، و«لكن سريعا ما يعود الاستقرار والسلام للمنطقة وتعاود ممارسة الأنشطة التجارية». ويؤكد هذا المفهوم الكاتب التركي البارز سميح أيديز، في مقاله الذي نشر في صحيفة «ميللييت» التركية، يوم الاثنين الماضي؛ حيث ذكر أن تركيا لا يمكنها أن تبقى على سياستها الطموح تجاه الشرق الأوسط، وقال أيديز: إن محاولات تركيا لتعميق علاقتها بالعالم العربي على أساس التعامل مع «الأمر الواقع» والاعتماد على تنفيذ قادة هذه الدول الإصلاحات في بلادهم لم تؤت ثمارها.

لكن الاقتصاد التركي، على الجانب الآخر، يستفيد من خلال أفواج السياح التي هجرت بعض البلدان خلال الثورات التي شهدتها منذ بداية هذا العام. وصرح رئيس جمعية الفنادق السياحية في جنوب إيجة لصحيفة «الجمهورية» التركية بقوله: إن الأحداث الواقعة في دول شمال أفريقيا مثل مصر وتونس وليبيا جعلت الكثير من السائحين الأوروبيين يغيرون وجهتهم، ويأتون إلى تركيا، متوقعا زيادة لا تقل عن 15% في عدد السائحين هذا الموسم.

وعلى المستوى السياسي، قال الدكتور طارق عبد الجليل، مدرس تاريخ تركيا المعاصر بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط»: «إن تنامي شعبية حزب الشعب الجمهوري جاء على خلفية ضعف الأحزاب اليسارية المتطرفة والعمالية الأخرى»، مقللا من شأن مثل ذلك الصعود.

يُذكر أن حزب العدالة والتنمية حصل على 46.5% من الأصوات في انتخابات عام 2007، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 20.8% من الأصوات، وجاء حزب الحركة القومية تاليا لهما بنسبة 14.2% من الأصوات.