الأميركيون يقبلون على زراعة القطن لتحقيق عائدات أكبر

الرطل بلغ أكثر من دولارين في بورصة شيكاغو

ارتفاع أسعار القطن يغري أصحاب المزارع بزيادة المساحات المزروعة («نيويورك تايمز»)
TT

أدى نقص إمدادات الذرة وفول الصويا والقمح إلى حدوث قفزة هائلة في أسعار هذه السلع الغذائية خلال العام الماضي، وهو ما عزز القلق بشأن أزمة غذائية عالمية وشيكة. وفي السنوات الأخيرة، استجاب المزارعون الأميركيون لأزمة ارتفاع الأسعار بتخصيص المزيد من الأراضي لزراعة المحاصيل الغذائية الرئيسية. ولكن في ربيع العام الحالي، سوف يزرع عدد كبير من المزارعين في الولايات الجنوبية القطن في الأراضي التي اعتادوا على زراعة الذرة وفول الصويا أو القمح فيها، مدفوعين بارتفاع أسعار القطن التي سجلت قفزات كبيرة مع سعي مصنعي الملابس للحصول على المزيد من إمدادات القطن ومساهمة المحاصيل السيئة في تقليص الإمدادات. وكانت النتيجة هي حدوث حرب على المساحة المزروعة بين السلع المنافسة التي تستخدم لإطعام سكان العالم وكسائهم. وقال رومان فيلا، مزارع في منطقة بانهانديل بولاية تكساس، أثناء وقوفه في حقل كان يزرعه بالقمح خلال العام الماضي: «يمكن جني المزيد من الأموال من زراعة القطن في الوقت الحالي. وقد حرث فيلا حقله تمهيدا لزراعة القطن. وفي الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار) تقريبا، سوف يزرع فيلا، البالغ من العمر 37 عاما، 1100 أكر من القطن، بزيادة من 210 أكر كان قد زرعها خلال العام الماضي. وقال فيلا: «الأسعار هي أهم شيء، إنها القوة المحركة».. ويتوقع خبراء اقتصاديون وخبراء زراعيون ومسؤولون حكوميون أن ينضم الكثير من المزارعين، في كل من الولايات المتحدة والخارج لـ«فيلا» خلال العام الماضي في مطاردة الأرباح الأعلى التي يمكن تحقيقها من القطن، مع النتائج التي يمكن أن تتحقق حول العالم.

وقال ويب والاس، المدير التنفيذي لمنتجي القطن والقمح في منطقة وادي ريو غراندي السفلي: «إنه أمر جيد بالنسبة للمزارع، ولكن من منظور إنساني، إنه نوع من الرعب. وسوف يكون الأشخاص الموجودون في الدول الفقيرة الذين يواجهون أوقاتا صعبة في تحمل تكلفة الغذاء، أقل قدرة على تحمل تكلفة الغذاء في الوقت الحالي». وسوف تحدد عدة عوامل أسعار الغذاء. وقد دفع تزايد الطلب على الإيثانول أسعار الذرة. وارتفعت أسعار القمح خلال العام الماضي عندما حظرت روسيا الصادرات بعد موجة الجفاف التي دمرت محصول القمح الروسي.

واستجاب المزارعون بشكل نموذجي عبر زيادة مزروعات معظم المحاصيل المربحة. وفي منتصف العقد الأخير، ومع بدء أسعار الأغذية في الارتفاع، ظلت أسعار القطن منخفضة، وهو ما دفع المزارعين للتحول من زراعة القطن إلى زراعة الحبوب والمحاصيل الغذائية الأخرى. وعندما قفزت أسعار الذرة بزيادة الطلب على الإيثانول في عام 2007، زرع المزارعون كمية أكبر من الذرة.وخلال العام الحالي، سجلت أسعار القطن أعلى مستوى لها منذ سنوات، وهو ما أغرى المزارعين بزراعته على الرغم من الأسعار القوية للمحاصيل الأخرى.

وتوقعت وزارة الزراعة الأميركية، خلال الشهر الماضي، أن المزارعين في الولايات الجنوبية سوف يزرعون خلال فصل الربيع الحالي 12.8 مليون أكر من القطن في النجود، وهو النوع الذي يمثل الغالبية العظمى من المحصول. ويمثل هذا زيادة بنسبة 19% على المساحة المزروعة بالقطن خلال العام الماضي، عندما زرع المزارعون 10.8 مليون أكر.

كما توقعت وزارة الزراعة الأميركية زيادة المساحة المزروعة بالذرة والقمح، على الرغم من أن الزيادات سوف تكون أقل مما كان يمكن أن تكون عليه من دون وجود منافسة من القطن. وسوف تصدر وزارة الزراعة الأميركية غدا الخميس توقعات محدثة اعتمادا على مسح للمزارعين. ومن المتوقع أن يكون أثر التحول إلى زراعة القطن ضخما على النطاق الدولي، مع استجابة المزارعين في كبريات الدول الأخرى المنتجة للقطن مثل البرازيل لارتفاع أسعار القطن. وقد وصلت أسعار القطن الآجلة إلى 2.20 دولار تقريبا للرطل خلال الشهر الحالي في بورصة «إنتركونتيننتال إكستشينج» للعقود الغذائية الآجلة بمدينة نيويورك، بارتفاع من سعر 0.73 دولار للرطل، الذي كان مسجلا خلال شهر يوليو (تموز) الماضي. ومن المتوقع أن ينخفض السعر بحلول موعد جني المحصول، لكن المزارعين قالوا إنهم كانوا يأملون في الوصول إلى سعر دولار واحد للرطل. وفي الولايات المتحدة، تتغير اقتصادات زراعة القطن وفقا لعدة عوامل، من بينها الاختلافات الإقليمية، وما إذا كان يتم ري الأرض من عدمه. وذكر مزارعون في عدة ولايات جنوبية أنه مع وصول سعر القطن إلى نحو دولار واحد للرطل، يمكن أن يزيد ربحهم بمقدار يتراوح بما بين 200 و500 دولار لكل أكر مقارنة بالربح الذي يمكن أن يحققوه إذا زرعوا الذرة أو القمح. وبالنسبة لمساحة 1000 هكتار مزروعة بالقطن، يعني هذا تحقيق ربح إضافي يتراوح ما بين 200 و500 ألف دولار. وقال ترافيس باتيرسون، البالغ من العمر 44 عاما، الذي يعمل كمزارع بالقرب من مدينة سبيرمان، والذي كان يروي حقلا من حقوله في ظهيرة أحد الأيام مؤخرا بمساعدة ابنه زين، البالغ من العمر 12 عاما، استعدادا لزراعة القطن: «سوف توجد سيقان القطن في كل مكان. وسوف يتغير المشهد»، واصفا الريف المغطى ببياض القطن، بدلا من الخضرة الأكثر شيوعا أو اللون الذهبي للقمح.

ويتوقع باتيرسون زراعة 1500 هكتار من القطن خلال العام الحالي، بارتفاع من 600 هكتار كانت مزروعة خلال العام الماضي. وقال إن الاهتمام بزراعة القطن كان مكثفا جدا، لدرجة أن مربي الماشية كانوا يتحدثون عن زراعته. ويقول المزارعون إنهم لا يمتلكون أي خيار سوى زراعة المحاصيل التي تمنحهم أفضل فرصة لتحقيق الأموال. ويواجه هؤلاء المزارعون الكثير من الشكوك، ويمكن أن يقضي الطقس السيئ على أرباحهم، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف بعض المواد مثل الأسمدة وارتفاع تكاليف الوقود أو الحبوب، وارتفاع أسعار المحاصيل غير الرئيسية، التي يمكن أن تهبط بنفس سرعة ارتفاعها.

ويتوقع المجلس الوطني للقطن حدوث زيادات كبيرة في المساحات المزروعة بالقطن داخل الولايات المشهورة بزراعة القطن، بما في ذلك إمكانية حدوث قفزات كبيرة في ولاية نورث كارولينا والميسيسيبي وتينيسي، لكن ولاية تكساس هي أكبر ولاية منتجة للقطن في الولايات المتحدة، وسوف تمتلك حتى الآن أكبر زيادة في المساحة المزروعة بالقطن.

وتمكن ملاحظة التحول بشكل خاص في منطقة بانهانديل؛ حيث يعتبر محصول القطن وافدا جديدا بشكل نسبي. ومن الناحية التقليدية، تقع المنطقة في أقصى شمال الولايات المتحدة، ويعتبر موسم الزراعة قصيرا جدا بالنسبة لمحصول القطن. لكن خلال العقد الأخير، تم تقديم أصناف أكثر قوة، وتم حصاد المحصول ببطء. ومن بين أسباب زيادة شعبية القطن أنه يستهلك كمية أقل كثيرا من المياه اللازمة لزراعة الذرة. ويستفيد المزارعون في منطقة «بانهانديل» من مخزون المياه الجوفية في منطقة أوغاليلا، لكن هذا المصدر المائي تم استنزافه ويواجه المزارعون قيودا وشيكة على استخدام المياه.

وسوف تتم زراعة قدر كبير جدا من القطن في منطقة «بانهانديل» خلال العام الحالي - وتتوقع بعض الدول أن يكون ضعف المساحة المزروعة حاليا على الأقل - وأنه كان هناك حديث عن وجود نقص في الحبوب الخاصة بأكثر الأصناف شعبية. وقال ليتون ستوفال، المدير العام لشركة «مور كاونتي لحلج القطن»، شمال مدينة دوماس بولاية تكساس، وهي مؤسسة تقوم بتنظيف وحلج وجمع القطن المحصود حديثا: «لم نر أي شيء مثل هذا من قبل على الإطلاق». وقد انتهى العمال في المحلج من وضع الأساس لمبنى جديد، وهو جزء من مشروع توسعة يتكلف 6.5 مليون دولار سوف يضاعف من طاقة عمل المؤسسة. وقال ستوفال: إن المحلج من المتوقع أن ينظف محصول القطن الذي سيتم حصاده من 90 ألف هكتار مزروعة بالقطن خلال العام الحالي، وهو ضعف ما تم تداوله خلال العام الماضي. وذكر أن نحو 40 مزارعا لم يزرعوا القطن من قبل أخبروا المحلج بأنهم سوف يزرعون هذا المحصول خلال العام الحالي، وهو عدد أكبر بكثير من المزارعين الجدد قياسا بالعدد المسجل في السنوات الماضية.

* خدمة: «نيويورك تايمز»