ساحل العاج: احتدام المعارك.. وإجلاء 167 أجنبيا بينهم لبنانيون

قتل المدنيين يحرج وتارا دوليا.. ومظاهرات في بيروت تطالب الحكومة بالتحرك لإجلاء رعاياها

TT

احتدمت المعارك للسيطرة على مدينة أبيدجان بين قوات الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو وقوات خصمه الرئيس المعترف به دوليا الحسن وتارا الذي يواجه اتهامات بارتكاب مجازر ضد مئات المدنيين في غرب البلاد. وبينما دخلت المعارك للسيطرة على مدينة أبيدجان الرئيسية في ساحل العاج يومها الرابع، أعلنت مصادر القوة الفرنسية المنتشرة في البلاد «ليكورن» عن مغادرة 167 أجنبيا، بينهم فرنسيون ولبنانيون، يوم أمس.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم القوة الفرنسية «ليكورن» القومندان فريديريك داغيون قوله إن «77 شخصا في غالبيتهم من الفرنسيين توجهوا ليلا، و90 (الأحد) بُعيد الظهر». وأضاف أن الرحلات الجوية التجارية لم تستأنف، مشيرا إلى أن الأجانب تم ترحيلهم عبر «رحلات خاصة». وأوضح: «كان هناك الكثير من الجنسيات بعد الظهر وخصوصا من اللبنانيين». وأضاف: «الوجهة هي دكار عبر لومي».

كذلك قالت بعثة الأمم المتحدة في ساحل العاج أمس إنها نقلت بعضا من موظفيها غير الأساسيين إلى مدينة بواكيه الشمالية بعد أن تعرض عدد منهم للهجوم. وقال حمدون توري المتحدث باسم البعثة لوكالة «رويترز»: «قمنا بنقل بعض موظفينا مؤقتا إلى بواكيه. إنه جزء صغير من الموظفين معظمهم أشخاص غير أساسيين». وأضاف: «استهدفت هجمات دورياتنا ومقارنا لكننا نواصل العمل». ورفض توري الكشف عن عدد الذين تم إجلاؤهم.

وجاء هذا بينما تظاهر مئات من أقرباء اللبنانيين المقيمين في ساحل العاج أمام مبنى وزارة الخارجية في بيروت أمس، مطالبين الدولة بالمساهمة الجدية في تأمين عودة أبناء الجالية من البلد الأفريقي الذي يشهد معارك ضارية. وردد نحو 400 متظاهر هتافات منددة بـ«التقصير الرسمي»، داعين السلطات اللبنانية المعنية إلى القيام بالخطوات اللازمة في هذا الإطار. ورفع المتظاهرون أيضا لافتات، بينها: «نطالب الدولة اللبنانية بالتحرك من أجل تأمين عودة أفراد الجالية». كما رفع بعضهم أعلام ساحل العاج. واستقبل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي وفدا من المتظاهرين، نقل إليه مطالبة الأهالي بتأمين بواخر لإجلاء الرعايا من أبيدجان إلى العاصمة الغانية أكرا، بحسب ما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام.

ووعد الشامي بالتواصل مع المعنيين في هذا الشأن وإعطاء جواب خلال يومين، إلا أن المتظاهرين أصروا على أن يخرج الوزير من مكتبه ويتحدث إليهم مباشرة. وبعد وقت قصير من بدء المظاهرة خرج الشامي وقال للمتظاهرين: «سنحاول التنسيق مع السلطات المعنية لنقل أفراد الجالية إلى غانا». وما إن غادر وزير الخارجية، حتى أخذ المتظاهرون يهتفون ضده متهمين إياه بـ«الكذب». وقرر بعضهم التوجه إلى مطار بيروت للتظاهر هناك. وقالت آمال جمعة، 35 عاما، لوكالة الصحافة الفرنسية: «زوجي وأشقائي في أبيدجان محاصرون ومحرومون من المياه والخبز. الحماية غير موجودة، وكل ما نطلبه من الدولة أن تسعى لتأمين وصول هؤلاء إلى بر الأمان، إلى المطار أو غيره». وتابعت: «منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي (تاريخ الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج) ونحن نطالب الدولة بالتحرك، لكن الدولة قررت الانتظار حتى آخر لحظة. نخشى أن يكون الوقت قد فات على ذلك».

في غضون ذلك دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس الرئيس المنتهية ولايته غباغبو إلى التنحي، قائلة: «الطريق إلى الأمام واضح. على غباغبو الرحيل الآن لكي ينتهي العنف». وأضافت كلينتون أن غباغبو المحتجز في قصره في أبيدجان بعد أن أعلنت قوات وتارا سيطرتها على معظم أنحاء البلاد، «يدفع ساحل العاج إلى حالة غياب القانون». وتابعت كلينتون أن واشنطن تشعر «بالقلق العميق من الوضع الخطير والمتدهور» في هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا، وخصوصا بعد ورود معلومات عن حدوث مجازر على نطاق واسع في غرب البلاد.

وأكد سكان في أبيدجان أمس أن مقاتلي وتارا يتمسكون بمواقعهم بعد سماع طلقات الأسلحة الثقيلة بالقرب من القصر الرئاسي. وبدورها أعلنت القوات الفرنسية سيطرتها على مطار مدينة أبيدجان الرئيسية في ساحل العاج. كما عززت فرنسا وجودها في ساحل العاج بإرسال 300 جندي إضافي ليصل كثير قواتها إلى 1400 جندي تشتمل مهمتهم على حماية الأجانب من الهجمات وعمليات السلب والنهب وسط حالة عدم الاستقرار.

بدوره دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وتارا إلى اتخاذ إجراءات بحق من شاركوا في مجزرة أودت بحياة 800 شخص في غرب ساحل العاج. وتحدثت أنباء عن وقوع مجزرة في مدينة دويكويه، حيث ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن 800 شخص قتلوا في يوم واحد في جريمة «مروعة من حيث حجمها ووحشيتها». كما أعلنت منظمة «كاريتاس» الكاثوليكية أن ألف شخص «قتلوا أو فقدوا» في المدينة، بينما قدرت بعثة الأمم المتحدة عدد القتلى بنحو 330 شخصا، متهمة المقاتلين من المعسكرين المتنازعين بالضلوع في عمليات القتل الجماعية.

وذكر رينالدو ديباغني الخبير في مجموعة الأزمات الدولية أن هذه الاتهامات قد تضر بشكل كبير بمصداقية وتارا. وجرى انتخاب رئيس الوزراء السابق وتارا، 69 عاما، رئيسا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلا أن غباغبو منعه من تسلم الرئاسة التي رفض التخلي عنها. وقال ديباغني إن ما حدث «ليس جيدا بالنسبة إليه على الإطلاق. لقد تم انتخابه ديمقراطيا، وهو يرتدي مظهر الرجل الديمقراطي المعتاد على التعامل مع العالم الغربي، والذي عمل مع صندوق النقد الدولي. ولكنّ رداءه الآن قذر».