السعودية تخطو خطوات جادة لتخفيض توليد الطاقة من النفط واستبدال «الشمس» به

الكشف عن آليات تدفع القطاع الخاص للاستثمار والمساهمة لإنتاج الطاقة الشمسية

TT

تسعى السعودية خلال الفترة المقبلة إلى إيجاد مصدر جديد لتوليد الطاقة، وذلك من خلال الاستفادة من عدد من المزايا الطبيعية التي تتمتع بها البلاد، في خطوة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز في توليد الطاقة الكهربائية، حيث يقترب الاستهلاك السنوي لمحطات الكهرباء السعودية من النفط الخام من 100 مليون برميل، بحسب تقديرات سابقة في عام 2009.

وكشف تجمع أمس حجم الفرص الهائلة التي توفرها الطاقة الشمسية في تنويع مصادر الطاقة في السعودية، حيث أكد قياديو مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة على التزام المملكة بتطوير الطاقة المستدامة والبديلة، وذلك من أجل تلبية الطلب المتنامي على الطاقة.

وأطلق المنتدى السعودي للطاقة الشمسية توقعات بزيادة طلب السعودية للطاقة الأقصى بواقع 3 أضعاف خلال السنوات العشرين المقبلة، وذلك من 43 غيغاواط في صيف 2010، إلى أكثر من 120 غيغاواط عام 2030.

وقالت المدينة إنه لتلبية هذا الطلب المتزايد مع الحفاظ في الوقت نفسه على ازدهار اقتصادي طويل الأمد، فإنه من الضروري أن تضيف المملكة لنفسها قدرات توليد طاقة جديدة، بينما تخفض كمية الوقود الأحفوري المستخدم لإنتاج الطاقة، ومع وفرة الطاقة الشمسية والأراضي في المملكة، فبإمكان الطاقة الشمسية أن تلعب دورا مهما في توفير الطاقة وإنشاء قطاع حيوي جديد.

وبالإضافة إلى توفير إطار عام لتوليد الطاقة المتجددة، فستركز الجهود الحكومية على خلق الوظائف عبر تأسيس نشاطات تصنيع محلي ضمن سلسلة القيمة الشمسية. وبالتالي، فإن تطوير الطاقة الشمسية سيكون له تأثير كبير على مستقبل النمو الاقتصادي في السعودية.

وقال سلمان الجشي، رئيس اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية - الصناعية بالمنطقة الشرقية، إن الاستثمار في الطاقة الشمسية هو الطريقة الأمثل لجعلها مصدرا للطاقة، حيث إن ذلك سيعمل على خلق صناعة تسهم في إنتاج الطاقة، كما ستكون بقيم أرخص مما هي عليه اليوم، وذلك على المدى البعيد.

وأضاف الجشي: «السعودية تملك المصدر بحجم كبير وبتركيز محدد في فصل الصيف»، إلا أنه أشار إلى أن الخطوة المقبلة كيف يمكن خلق صناعة تقوم على توليد الطاقة الشمسية.

وتابع رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية: «سمعنا من مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية عن وجود وجود آليات محددة في طريقها للاعتماد، ستدفع القطاع الصناعي للمساهمة والاستثمار في قطاع الطاقة الشمسية»، مشيرا إلى أن الفكرة تكمن في كيفية توطين التقنيات من خلال شراء التقنية، أو الدخول في شراكة مع مالكي التقنية والاستثمار أو التصنيع داخل البلاد، الأمر الذي سيسهم في إيجاد مشاركة واسعة من القطاع الخاص للانتقال نحو خطوة توليد الطاقة الشمسية في المملكة.

وكانت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة قد استضافت «المنتدى السعودي الثالث للطاقة الشمسية»، الذي يندرج ضمن الجهود التي تبذلها المملكة في سبيل تطوير طاقة مستدامة ونظيفة.

عدد من الخبراء الحاضرين في المنتدى أكدوا أن الفكرة تكمن في كيفية الاستفادة من الطاقة الشمسية الهائلة لتحل محل النفط في توليد الطاقة، في الوقت الذي يعتبر النفط مصدر دخل جيدا للبلاد، وقد يحقق عوائد أفضل في حال تم تصديره بدلا من استخدامه في توليد الكهرباء.

وتقدر تدفقات الاستثمار في صناعة الطاقة البديلة في السعودية إلى نحو 375 مليار ريال (100 مليار دولار) خلال السنوات القليلة المقبلة، في الوقت الذي يزداد فيه حجم الطلب على الطاقة في البلاد.

وعقدت مجموعة البنك الدولي ورشة عمل حول سبل تمويل الطاقة المتجددة، وتأتي هذه الورشة ضمن جهود «مبادرة العالم العربي» التابعة لمجموعة البنك الدولي، وتهدف المبادرة إلى تبني تعاون أسرع وتبادل الخبرات مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أما ورشة العمل بحد ذاتها فتهدف إلى مراجعة مختلف توجهات التمويل التي تم اعتمادها دوليا، والنظر إلى كيف يمكن أن تطبق في المملكة.

وقال الدكتور عبد الله الشهري، محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، في وقت سابق، إن مدينة الملك عبد الله للطاقة النووية والمتجددة تعمل حاليا على تحديث تفاصيل الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة، متوقعا الإعلان عن تفاصيلها قريبا، حيث تعمل المدينة على دراسة ووضع السياسات والتخطيط للاستفادة من الطاقة النووية والطاقة المتجددة.

وبين الدكتور الشهري أن هيئة تنظيم الكهرباء تقوم بالتنسيق مع مدينة الملك عبد الله للطاقة النووية والمتجددة في ما يخص تحديد الاحتياجات المستقبلية للطاقة ومقدار مشاركة البدائل المختلفة من الطاقة المتجددة والنووية في إنتاج وتوليد الطاقة في السعودية، مضيفا أن شركات القطاع الخاص سيكون لها النصيب الأكبر من المشاركة في الاستثمار في مجال الطاقة البديلة والمتجددة بعد تطبيق استراتيجيتها الوطنية.

وأكد أن الطاقة البديلة ستكون الحل الأمثل لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، مضيفا أن المؤشرات تفيد بأن الطلب على الكهرباء سيرتفع من المستوى الحالي الذي يقدر بنحو 46 ألف ميغاواط، إلى أن يصل لنحو 121 ألف ميغاواط خلال عام 2032.