«أجورا».. تجربة شبابية لإثراء الثقافة والفنون تحتضنها عروس المتوسط

استلهمت الحضارة اليونانية في اسمها والهوية المصرية في مضمونها

TT

بين العديد من المبادرات الثقافية التي تشهدها مدينة الإسكندرية ومختلف المدن المصرية في السنوات الماضية، تنطلق تجربة «أجورا» كأحدث المشاريع الثقافية التي تحتضنها «عروس المتوسط» التي طالما كانت مركزا لثقافات وحضارات مختلفة تعاقبت عليها لتثريها بطابع ثقافي وحضاري مميز، ولتضفي عليها مذاقا خاصا يجمع بين الشرق والغرب.

تفاصيل المشروع تكشف عنها ريم قاسم، صاحبة الفكرة، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «نشأت فكرة (أجورا) في ذهني في نهاية عام 2008، عندما تقدمت ببحث للمشاركة في بينالي شباب الفنانين من دول أوروبا والبحر المتوسط عن الثقافات المختلفة التي مرت بتاريخ الإسكندرية وعلاقتها بهويتنا المعاصرة، وعرضت فيه ملامح الثقافة اليونانية التي تأثرت مدينة الإسكندرية بها في نشأتها على يد بطليموس الأول مرورا بالثقافة الرومانية والفرنسية والبريطانية والعربية والتركية وغيرهما من الثقافات، التي تأثر بها المواطن السكندري في تكوين شخصيته المعاصرة».

وعن اختيار اسم «أجورا» تشير ريم: «توصلت من خلال بحثي وقراءاتي إلى أن أسلوب حياتنا وثقافتنا ما هو إلا صورة حديثة لما كانت مدينة الإسكندرية عليه في عصرها الذهبي الأول والثاني، وأعني بهذا ما قبل الفتح العربي لمصر وعصر محمد علي، وأهم ما أثر في تفكيري كانت (أجورا) أحد أهم ملامح تخطيط المدن الإغريقية، والإسكندرية تم بناؤها حسب المعايير والمقاييس اليونانية في تخطيط المدن».

وكلمة «أجورا» تعني المكان الذي يجتمع فيه الناس للتعبير عن أنفسهم، فهو أحد المكونات الأساسية لعمران أي مدينة. فمن الـ«أجورا» في المدينة الإغريقية مرورا بـ«الساحة» في المدينة الإسلامية وصولا إلى «الميدان» أو «الدوار» في المدينة المعاصرة، يمكن لنا بسهولة رصد الدور المهم للفراغات العامة التي تعطي للجماعة الإنسانية الفرصة في التعبير عن نفسها والإفصاح عن هويتها، والتفاعل بصورة تساعد على التقارب الاجتماعي، حيث يمارس الناس من خلاله أنشطتهم واحتفالاتهم وشعائرهم ويعبرون فيه عن آرائهم ومعتقداتهم وأسلوب حياتهم.

تكمل: «بمرور الزمن تطورت الـ(أجورا) وأصبحت مكانا للسوق ومركزا للأعمال والحياة السياسية، وكانت الـ(أجورا) في مدينة الإسكندرية مكانا مهما ومؤثرا في تاريخها اليوناني والروماني، ومن هنا اخترت اسم (أجورا) للمؤسسة التي استوحيت أهدافها من أهداف الـ(أجورا) الحقيقية، حيث يعمل المشروع على الارتباط بين أفراد المجتمع، والتعبير عن آرائهم وأنفسهم من خلال الفنون والحوار، فبشكل عام نحن نهدف إلى تقديم أنماط مختلفة من الفنون، نسعى من خلالها إلى إثراء المجتمع السكندري ونشر الثقافة والفن بين جموع الناس».

من أهداف مشروع «أجورا» أيضا التعاون المباشر مع مجموعة متنوعة من الأفراد والمنظمات في القطاع الثقافي سواء المحلي أو الدولي، كما يهدف «أجورا» إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات ودعم النمو الاقتصادي والتنمية الثقافية والتغيير الاجتماعي.. كذلك يسعى لتقديم أنشطة فنون أدائية، وأنشطة فنون مرئية، ودورات تدريبية للفنون، ومهرجانات، وأنشطة إلكترونية، ودورات التعلم غير المباشر (Non formal education) وهو اتجاه يسعى لدعمه مشروع «أجورا» في أنشطته باعتباره اتجاها عالميا ولكنه غير مطروق في مصر بدرجة كبيرة.

تستطرد ريم: «أهم مشاريعنا حتى الآن هي حملة (ابدأ بنفسك) التي قمنا بها بعد (ثورة 25 يناير)، للعمل على التغيير الإيجابي في الأفراد، فلا بد أن يسعى كل شخص ليغير من نفسه ليكون أفضل، وحتى يتمكن من تغيير ما حوله لا بد أن تكون البداية بنفسه في الأساس، كما قمنا بتنظيم مهرجان في حديقة الشلالات بالإسكندرية بعد الثورة أيضا تضمن عروضا موسيقية وفقرات فنية وورش عمل، وسنقوم بتنظيم معرض صور فوتوغرافية عن المظاهر الإيجابية في المجتمع بعد الثورة يشارك فيه الكثير من المصورين والهواة بشكل أساسي».

وبحسب صاحبة «أجورا»، يهدف المشروع في الفترة القادمة إلى تنظيم بعض ورش العمل المتعلقة بالتصوير، ثم اختيار أحد الأماكن السياحية لتصويره وإقامة معرض له بهدف تنشيط السياحة، وتركيز العمل على بعض الأماكن التي قد تكون غير معلومة للكثيرين أو ليست في نطاق اهتمامهم، ومن الخطط المستقبلية أيضا تنظيم مهرجانات اليوم الواحد تستهدف كل أفراد الأسرة وكل الأعمار بها، واختيار الأماكن المناسبة لوجود هذه الأسر.

وتختتم ريم حديثها بالإشارة إلى أن هناك مجموعة من الشباب والفتيات يقومون بمعاونتها في الإدارة وتنظيم الأنشطة والفعاليات، وهم جميعا متطوعون لا يتلقون أي أجر مادي نظير عملهم، فهم جميعا مهتمون بالثقافة والفنون ومتحمسون لفكرة «أجورا»، ويبذلون جهدا كبيرا في المرحلة الحالية ويتمنون جني ثماره في المستقبل.